04:56 AM March, 10 2016 سودانيز اون لاين
مجاهد عبدالله - أستراليا-أستراليا
مكتبتى
رابط مختصر
الآن وبعد أن هدأت النفوس وقل النحيب وجفت الدموع وجرت شرعة الله في واحد من عباده بأجلها المحدود والمحتوم نقول مات الدكتور حسن عبدالله الترابي ومن قبل أمات هو نفسه أرض السودان البكر التي كانت تحفها العزة والكرامة والكبرياء في كل مليونها الميلي المربع وكما كانت تظهر في وجوه أبناء الشعب الأبي. أمات السودان وذلك بأن صك له من العملات البشرية ما لم تسمع به أذن أو رأته عين من تلاميذه، وما لا يمكن أن تجود حواء السودان بمثلهم في حين آخر غير الذي فات في فسادهم وإفسادهم، وفي ظُلمهم وإظلامهم وفي جرمهم وإجرامهم. أرضعهم الغل والحسد والذل والمذلة من فكر أعتقد فيه تلاميذه وكأنه لا ينطق عن الهوى، أنبتهم في غير واقع شعبهم عبر تربية صارمة أعادت تخلّقهم من غير فطرتهم البشرية وسكب لهم من سموم الكراهية لكل ما هو خارج مصالحهم ولذلك لا يمكن أن يكونوا كبقية أبناء شعبهم الأبي في شموخهم وعزتهم، وفي إقرارهم الضيف أو مساندة المظلوم والضعيف ولا يمكن أن يكونوا كما قالت الشاعرة أم كلثوم في خال فاطنة:
يا خريف الرتوع – أبو شقة قمر السبوع
فوق بيتو بسند الجوع – ياقشاش الدموع
ولهذا وكل ما جرى في أرض السودان منذ الإنقلاب المشؤوم وحتى أن يحين موعد فناءه فهو مسئول عنه سواء أن كان مقبوراً و غير مقبور، حيث أن الله حرم الظلم على نفسه وما وقع من ظلم وإظلام على أبناء هذا الشعب نتاج العصبة الحاكمة هو مسئولية من ربى وخطط وكذب وأمر بالسلطان لمن يذهب للقصر رئيساً. ولن يستطيع كائن من كان أن يرفع عاتق هذه المسئولية عن رقبته ، حيث لم يعتذر عنها في دنياه، ولن يستطيع التخلص منها في برزخه، وفي الأخرة ربنا موجود وأول ما يقضي فيه الصلاة والدماء، وكم من الدماء التي جرت تحت عاتق تلك المسئولية.
وهذه المسئولية تقودنا لأصل هذه التربية والإنبات الشيطاني الذي خلّفه، حيث لا يمكن الحديث عن الترابي او فكره دون اصطحاب فعله ولا يمكن الحديث عن مستوي التنظير الذي في كتبه ومحاضراته وندواته دون دراسة الواقع الذي اسقط عليه جملة هذه التفاكير وكل ما كتبه الترابي ونظّر فيه على المستويين الاخلاقي والديني كان يقصد به مجموعة محددة من البشر، لها صفات وإتجاه واحد في العقيدة والعقد والتعاقد وهو ان يكونوا علي المستوى الديني مسلمين في العقيدة، وداخل ذلك ان يكونوا في المستوى السياسي جماعات اسلام سياسي في العقد، حيث ان فكره او فكر كل جماعات الاسلام السياسي لا تقبل التنوع في الربوبية والعقدية ، وهو إستناد ديني بمفهوم مغلوط للاحكام الشرعية. ولا تقبل كذلك الرأي الآخر السياسي او الديني سواء ان صدر من كاهن الدين صاحب الصورة النمطية او عالم الدين الغير ملتحي، كما يجب أن تكون هذه المجموعة من أصحاب البيعة والولاء والبراء لهذه الأفكار وليس للإسلام وهذا من ناحية التعاقد. ولذلك فأن الأفكار التي كان يبثها الترابي كان القصد منها هذه الجماعات عقيدةً وبهذه الصفات عقداً وبذلك التحديد وتلك البيعة تعاقداً، وليس شعب متعدد أعراقه وأديانه وأعرافه وثقافاته كشعب السودان العريق، ولذلك ان أفكار الترابي لقت حظها من الإسقاط والتجريب على المستوى الداخلي للسودان ولكن دون شرعية تمليها الضرورة الإجتماعية، حيث أن وجود الدولة ليس ضرورة دينية أو سياسية وإنما ضرورة إجتماعية تستوعب كل التنوعات المخلوقة أصلاً والمتخلقة تطوراً من تفاعلاتها داخلها، ولهذا إستبدل الترابي شرعية الحق بشرعة الغاب وقاد إنقلاب يونيو المشؤوم، وأسقط هو وتلاميذه ما تعاقدوا وتربوا وتنبتوا عليه من أفكار كان منها ما تم من سحل وتعذيب وتشريد لكثير من قطاعات وأبناء الشعب الكريم، تارةً ما أملته ضرورة الولاء والبراء للأفكار، وآخري ما أملته ضرورة التمكين للدولة، ولذلك ومنذ يونيو إنهالت أفكار الترابي تتنزل كالسيول الهدامة على شعب السودان وليت كانت هذه السيول طافت داخل جغرافيتها فقط بل تعدت للمستوى الإقليمي والدولي. داخليا عانى السودان من مشاريع الأسلمة المتلاحقة وتأجيج الحروب مع الأخر الغير ديني وهو ما أملته ضرورة عدم إستيعاب أفكاره للتنوع الديني، وهو ما أفضى بالسودان منقسماً لدولتين وهل من مزيد.وكذلك مشاريع الإهلاك الإقتصادي والتفقير المنظم للمواطن عبر سياسة التشريد التي أوسموها بالصالح العام نتاج عدم مشاركة هذا الأخر الملي الغير محسوب على أهل العقد، وأما الخارجين عن ثوب التعاقد فطالهم القتل والسحل والتعذيب دون رأفة. وكما سبق الذكر أن مشروع الترابي لم يكن بمقياس شعب السودان فقط ولأن مقياس هذا الشعب أكبر بكثير من مثل هذه الأفكار المعطوبة فقد تعدى بها لما جاور السودان عسى ولعل أن يتحقق حلم إسقاطه للمشروع وتدويله تحقيقاً لتنشئة المجتمع الذي أراده والذي يجب أن يكون ملتزماً بنهجه هو لا بنهج الإسلام ،ومبايعاً له بشرعة الغاب لا بشرعية الحق. وجاءت إسقاطاته الإقليمية كتدخلاته في تصدير ثورته والتي أتت وبالاً على نسيج بعض شعوب دول الجوار - ارتيريا مثالاً –، وشروخ كبيرة لا يمكن تضميدها مع دول آخرى ما زال السودان يعاني منها. وعلى المستوى الدولى حضن الترابي كل من شكل خطراً على الأمن والسلم الدوليين، وفتح أذرع الخرطوم المغتصبة عبره وتلاميذه لكثير ممن تلطخت أياديهم بدماء الأبرياء على المستوى الدولى، وجرّ على السودان وبالاً وهو دعم ورعاية الإرهاب، وأدخل السودان والشعب السوداني في نظر كثير من الدول في جحرُ ضب ٍ خربٍ، فتصدرنا قوائم الدول الصناعية الكبرى في قوائم الإرهاب وحُرم الشعب السوداني من أبسط أبجديات التطور والتقدم حتى في مستواه الصحي.
ولذلك عمد الترابي للمفاصلة بعد أن تبين له فشل مشروعه على كافة المستويات التي إنطلق نحوها، عساه أن يجد مخرجاً آخر لتنظيره بعد أن إستحكم بعض أبناءه بالسلطة وصاروا عاضين على كراسي هذه السلطة التي مكنهم هو منها بالنواجذ والأنياب. وظنّ أن المعبد سوف يتهدم على رؤوسهم، وفي غفلة منه نسي أن تمكينه الأول في التنظير ترك من المساحة لأهل العقيدة من التخلق والإنتشار، وهي نفس الجماعات التي حافظت على سلطة كراسي الأبناء العّاقين لشيخهم، ولم ينجرّوا خلف الشيخ عندما إبتعد من أبنائه، بل وجدوا من المساحات ما سمح لهم بتكفيره في الشوارع والميادين العامة. وهو ما يُظهر أن ما بناه الشيخ من بنات أفكاره لم يتعد إتساقها مع الدين والأخلاق أي مؤامة، وظهر ذلك في أول شرخ حدث بينه وأبنائه الذين سكب جل عمره عليهم يربيهم حتى صاروا كالأفاعي، ولدغوه من ذات السموم التي أنشأهم عليها وغذاهم بها في أول منعطف لخلعهم من كراسيهم.
أن واقع اليوم وبعد المفاصلة الشهيرة التي إتخذها تلاميذه معه لن تعفي المسؤولية التاريخية من عاتق الشيخ وأفكاره وبنيانه الذي رصاه، ولن تحيل عن رقبته ما جار بكثير من أبناء هذا الشعب من الأموات والأحياء، فهو لم يعتذر ولم يظهر له أحد منهم بصفحٍ. وحتى لا يأتي من يتنطع بعدم مسئولية الشيخ عن ما حل بشعب السودان نحيله لحكمة عمر بن الخطاب في هذا الأثر الذي جاء فيه أنه في أحد الأيام أحضروا لعمر غلماناً قد سرقوا ناقة رجل، ورآهم عمر وأجسامهم ضئيلة وهزيلة، والبؤس بادٍ عليهم، ووجوههم صفراء، فأحضر سيدهم وقال له ( لقد كدت أعاقبهم لولا علمي أنك تجيعهم، فلما جاعوا سرقوا، ولن أعاقبهم بل أعاقبك أنت، وعليك أن تقوم بدفع ثمنها إلى الرجل )، وقال للغلمان (اذهبوا ولا تعودوا لمثل هذا مرة ثانية).
مجاهد عبدالله - أستراليا
أحدث المقالات
عندما تبكي الحركات المسلحة حسن عبدالله الترابي؟؟.. بقلم عبدالغني بريش فيوفكسوف الشمس يرمز لسقوط واحتجاب رئيس الجمهورية بقلم ابوبكر القاضي موسم حصاد المصالح في العراق بقلم د. غسان السعد/مركز المستقبل للدراسات الستراتيجيةالمبادئ ( خشم بيوت) بقلم الطاهر ساتيخطوات الاصلاح الاقتصادي في العراق: رؤية من الخارج بقلم د. حيدر حسين آل طعمة/مركز الفرات للتنمية والهل يقدر المتحاورون ماذا يعني فشل الحوار ؟؟؟؟؟؟ بقلم هاشم محمد علي احمدو شرعوا في تزوير تاريخ الترابي.. بلا وازع! بقلم عثمان محمد حسنالترابي.. هدأةُ الشيخ الأخيرة بقلم أحمد الدريني جو بايدن يشوه وجه الانتفاضة بقلم د. فايز أبو شمالةالكشف عن سيارات المستقبل في معرض جنيف ابراهيم السنوسي ما قدر الشغلانة بقلم شوقي بدرىقريمانيات .. يكتبها الطيب رحمه قريمان كيف تسقط حكومة بنكيران في يوم واحد وبدون قلاقل؟؟ بقلم انغير بوبكرحق اللجوء واللاجئين ...... قوانين مثالية، وواقع مرير اعداد د. محمود ابكر دقدق/استشاري قانونيي وباالأمهات الأرامل والمطلقات المجتمع يكفن والأبناء يدفنون!! (2) بقلم رندا عطيةالتسوية قبل الوحدة..! بقلم عبد الباقى الظافرضرب السد بقلم صلاح الدين عووضةكثير من علي الحاج .. قليل من السنوسي بقلم أسحاق احمد فضل اللهوقطع معتز قول كل خطباء السدود بقلم الطيب مصطفىدموع خالد مشعل ووحدة الإسلاميين!! بقلم حيدر احمد خيراللهفي عيد المرأة التحية لصمود نساء وطني... بقلم زينب كباشي عيسيالقمح وإستبدال الأدنى بالذى هو خير بقلم سعيد أبو كمبال بني مَلاَّل منتظرة منذ الاستقلال بقلم مصطفى منيغ في يوم المرأة العالمي : هل نالت حقها ؟ بقلم د. حسن طوالبهلا تحتمل الإنتظار والحلول التسكينية بقلم نورالدين مدنيالصدمة وفرضية الإغتيال بقلم أكرم محمد زكي القصر الكبير بلا إصلاح ولا تغيير بقلم مصطفى منيغ