لم افاجأ بالواقع المأساوي الذي يعاني منه المواطن السوداني الذي استطاع بوحدة إرادته و سلميته مواجهة جبروت سلطة الإنقاذ و إجبار الرئيس السابق على التنحي من السلطة و نقلها إلى الحكومه الانتقالية المدنيه. لن أكرر الحديث الممل الذي ظلت أجهزة الإعلام المسموعه و المرئية تقلقنا به عن الازمات الاقتصاديه و الخدميه التي خلفّتها سلطة الإنقاذ و ما زالت تفاقمها عبر سدنتها الذين ما زالو يتسببون في تصعيد هذه الازمات و الاختناقات مع سبق الإصرار و الترصّد. لن ادخل في عملية الشد و الجذب التي يؤجهها أعداء السلام و الديمقراطية و العداله و الحياه الحره الكريمه للمواطنين بين الحكومه الانتقالية و المجلس السيادي، لكن ذلك لا يعني تجاهل حالة الشد و الجذب خاصة عندما يتبناها طرف على حساب الآخرين. اكتب هذا بمناسبة تصريحات رئيس المجلس السيادي الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان الذي قال فيها ان القوات المسلحه هي صانعة الثوره، و هو يعلم كما يعلم العالم اجمع ان هذه الثوره صنعتها جماهير الشعب السوداني التي تداعت من كل أنحاء السودان و تلاحمت في مشاهد غير مسبوقه في تاريخ العالم امام مقر القياده العامه حتى تحقق لها النصر. ليس هناك من ينكر الدور القيادي لقوى الحريه و التغيير بكل مكوناتها السياسيه و النقابيه و المجتمعية في قيادة ثورة ديسمبر ٢٠١٨ و صبرهم على المفاوضات المتعثره مع المجلس العسكري إلى أن احدثوا التغيير المنشود، كما لا يمكن إنكار دور القوات المسلحه في الانحياز للارادة الشعبيه، لكن يظل العائد العملي وسط المواطنين ضعيفا. صحيح بدأت بعد الخطوات و الإجراءات العمليه على الصعيدين الخارجي و الداخلي تتنزل على أرض الواقع لكن للأسف فإن الواقع الاقتصادي و المعيشي ازداد سوءاً بسبب طغيان الحراك الخارجي على الحراك التنفيذي الداخلي. نبهّت مسبقا لعدم جدوى المفاوضات القديمه المتجدده مع الحركات المسلحه لان السلام ينبغي أن يتنزل على أرض الواقع و ليس في الوزارات و المناصب الرئاسيه خاصه و ان التجارب القريبه أكدت فشل اتفاقات السلام القائمه حول قسمة السلطه و الثروه. ليس من مصلحة اي طرف تاجيج الفتن و الخلافات خاصه من الذين يحلمون بإعادة عجلة التاريخ للوراء و العوده للتمكين من جديد و من الإقصائيين الجدد الذين يتسببون في عرقله مسار العمل التنفيذي الاجدى وسط المواطنين. ان السودان بخير، بثرواته الظاهره و الباطنه خاصه الثروه البشريه التي لا تقدر بثمن، و كل ما يحتاجه السودان في هذه المرحله حسن إدارة التنوع و حسن إدارة الموارد دون أن تغفل الحكومه دفع مستحقات السلام و العداله و رد المظالم حتى لا يعود السودان للدوران من جديد في الدوامة الجهنميه بلا قرار.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة