عرض كتاب الحياة بين الإسلام والحضارة الغربية للأستاﺫ / خالد الحاج عبدالمحمود

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-16-2024, 11:19 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-22-2019, 03:21 PM

خالد الحاج عبدالمحمود
<aخالد الحاج عبدالمحمود
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 158

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عرض كتاب الحياة بين الإسلام والحضارة الغربية للأستاﺫ / خالد الحاج عبدالمحمود

    03:21 PM September, 22 2019

    سودانيز اون لاين
    خالد الحاج عبدالمحمود-
    مكتبتى
    رابط مختصر




    بسم الله الرحمن الرحيم
    "أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ"
    الحلقة الخامسة
    الفصل الثالث
    الحياة بين: التوجه الديني والتوجه الدنيوي
    لقد رأينا موقف ولتر ستيس المبدئي من الحضارة الغربية، في مجالين أساسيين، هما: صورة العالم، والعالم كنظام أخلاقي، وما يقوم عليهما من نظرة أصولية، عميقة، للحضارة الغربية.. وفي نفس اتجاه ستيس، يسير المفكر الأمريكي إيريك فروم، وإن كان من منطلقات مختلفة.. إيريك فروم من كبار علماء التحليل النفسي في الغرب، وهو قد استفاد من تخصصه، ليصل إلى نظرة مبدئية عن الحضارة الغربية، وإنسان الحضارة الغربية.. وما وصل إليه فروم، هو تقريباً نفس ما وصل إليه ستيس، مع اختلاف المنطلقات.. وقد جاءت وجهة نظر فروم في العديد من الكتب التي ألفها، والتي تحدد نظرته للحضارة الغربية، وإنسان الحضارة الغربية، وحياته، وأهم هذه الكتب: (الإنسان بين الجوهر والمظهر)– و(الإنسان لنفسه)– و(الهروب من الحرية)– و(المجتمع السليم).
    ونحن هنا، نضع في نقاط موجزة، الفكرة الأساسية لفروم:
    1/ يرى فروم أن فهم النفس الإنسانية، لا بد من أن ينبني على معرفة حاجات الإنسان النابعة من ظروف وجوده.. ويلخص هذه الحاجات في الحاجة إلى إطار توجيهي.. وهو يعتبر الحاجة إلى الدين حاجة أساسية..
    2/ الحاجة إلى الانتماء 3/ الحاجة إلى التعالي أو التجاوز
    4/ الحاجة إلى الارتباط بالجذور 5/ الحاجة إلى الهوية
    يرى فروم أن التغيرات الاجتماعية الهامة، مثل التحول من الرأسمالية إلى الإقطاع، تؤدي إلى تأثيرات هامة في شخصية الإنسان، وربما تؤدي إلى اضطراب في الطبائع الاجتماعية للناس.. ويصبح التكوين الجديد للطباع غير مناسب للمجتمع الجديد، وينتج عن ذلك شعور الإنسان بالاغتراب واليأس، والشعور بالوحدة.. ويصبح الإنسان ضحية لجميع المزاعم التي تهييء له ملاذاً، من الشعور بالوحدة.. ويرى فروم أن هذه الحالة، هي الحالة التي تمر بها الحضارة اليوم.
    ويرى فروم بصورة أساسية، أن الإنسان اليوم يحس بالوحدة والعزلة، لأنه انفصل عن الطبيعة، وعن بقية البشر.. وعند فروم الإنسان اليوم، قطع جميع روابطه القديمة: الرابطة بالله، وبالأسرة، والقبيلة، والوحدات الاجتماعية المختلفة، ورابطة الوطن.
    ويرى فروم في النظام الرأسمالي، والشيوعي، أن كليهما يحاول أن يجعل الإنسان آلة، وعبداً مأجوراً مجرداً من الهوية، مما يدفع الإنسان، في كثير من الحالات إلى الجنون، والأفعال المعادية للمجتمع.. وفروم في تحليله لمجتمع الحضارة السائد، يصل إلى نتيجة أساسية: هي أنه مجتمع مريض، والسبب في مرضه العجز عن إشباع الحاجات الأساسية للإنسان!!
    وفروم كمحلل نفسي، يرى أن مشكلات الإنسان المعاصر، ترجع إلى بشاعة المجتمع الاكتنازي المعاصر، خصوصاً التسلط والبيروقراطية وعقلية السوق.
    وجوهر الشخصية الإنسانية عند فروم هو: الميل إلى وضع الطبيعة الإنسانية موضع التحقيق والتنفيذ!! والسمة الأساسية للطبيعة الإنسانية عنده هي: مقدرتها على معرفة ذاتها، ومعرفة ما ليس منها أو مختلف عنها.
    ويرى فروم أن الحضارة الغربية، فشلت في وعدها – الوعد العظيم – لسببين أساسيين، فهو يقول: "يرجع إخفاق الوعد العظيم للعصر الصناعي – إذا ما تغاضينا عن تناقضاته الاقتصادية الجوهرية – إلى المقدمتين النفسيتين الأساسيتين التي بنى عليهما وهما:
    1/إن الهدف من الحياة هو السعادة، أي تحقيق أقصى متعة، أي إشباع أيَّ رغبة أو حاجة ذاتية تعنّ للمرء (مذهب اللذة الراديكالي).
    2/ إن الأنانية والسعي لتحقيق المصلحة الشخصية، والجشع - وهي الصفات التي يولدها النظام من أجل تسيير أموره – لا تفضي إلى الانسجام والسلام"5 ص 21 .
    والنقطتان مرتبطتان، وهما معاً يمثلان جوهر التوجه في الحضارة الغربية، وهو توجه مادي، سعيه الأساسي لإشباع الحاجات المادية للإنسان.. هذا التوجه يقوم بصورة مبدئية على (التملك).. وهذا هو الموضوع الذي نحب أن نتناوله في هذا الفصل.. يقول فروم: "ما يميز المجتمع الصناعي الغربي هو التوجه التملكي، حيث أصبحت شهوة تملك المال والشهرة والسلطة.. أصبحت هي الموضوع المسيطر على الحياة" 5 ص 38.. ويقول من كتاب (الإنسان بين الجوهر والمظهر): "الموضوع الأساسي لهذا الكتاب هو تحليل الأسلوبين الأساسيين للوجود الإنساني: أسلوب التملك وأسلوب الكينونة".. وأزمة الحضارة عنده، إنما تقوم على أسلوب التملك، إلى الدرجة التي فيها يصبح هو جوهر الكينونة!! فهو يقول مثلاً، عن الحضارة الغربية: "في حضارة يكون هدفها الأسمى هو التملك ومزيدا من التملك، وفيها يمكن الحديث عن شخص ـ يساوي مليون دولار ـ كيف يمكن اعتبار التملك أو الكينونة، أحدهما بديلاً عن الآخر.. على العكس، ينبغي أن يبدو كأن التملك هو جوهر الكينونة، وأن من لا يملك شيئاً لا يساوي شيئاً" 5 ص 35.. ويقول عن انشغاله بتوجه التملك، وتوجه الكينونة: "ومع ذلك نرى أن الخيار بين التملك والكينونة قضية أساسية في تعليم أساتذة الحياة العظام. فمن أجل الوصول إلى أعلى درجات النضج الإنساني، يعلمنا بوذا أنه يجب ألا نشتهي ملكية شيء.. ومن تعاليم المسيح (إن الذي يريد أن يخلص حياته سيفقدها. وأما الذي يفقد حياته في سبيلي فإنه يخلصها.. فماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله، وفقد نفسه أو خسرها).. ومن تعاليم المعلم إيكهارت، أن شرط تحقيق القوة والثراء الروحي هو ألا يملك الإنسان شيئاً، وإن يجعل نفسه منفتحة خالية، وألا يدع ذاته تقف عقبة في طريقه.. ومن تعاليم ماركس أن الرق لا يقل رذيلة عن الفقر، وأن الهدف من الحياة هو المزيد من تحقيق كينونتنا وليس الاستزادة من ملكيتنا.
    ولقد شغلني وشد أهتمامي هذا الفارق لسنوات عديدة وعنيت بالبحث عن أساسه الواقعي خلال الدراسة للديانات الأخرى والجماعات بمنهج التحليل النفسي.. ومن مشاهداتي وصلت إلى نتيجة أن هذا الفارق بالإضافة إلى الفارق بين حب الحياة وحب الموت، يمثلان المشكلة الفاصلة للوجود، وإن المعلومات التجريبية الانثروبولوجية المستمدة من التحليل النفسي تدل على أن التملك والكينونة طريقان أساسيان لخبرة الحياة، وأن القوة النسبية لأحدهما أو للآخر هي التي تحدد الفوارق بين شخصيات الأفراد، والأنماط المختلفة للشخصية الاجتماعية" 5 ص 36.. ويقول في موضع آخر، عن التمييز بين التوجهين: "حين أتحدث عن التملك أو الكينونة فإنني لا أقصد صفة منفصلة ملحقة بموصوف، أو مفعولا لفعل الملكية أو لفعل الكينونة ، مثل: (أنا أملك سيارة )، أو(أنا أكون سعيدا)، وإنما أقصد أسلوبين أساسيين للوجود ، نوعين مختلفين للتوجه الإنساني نحو النفس والعالم، صنفين مختلفين من بناءالشخصية، تحدد غلبة أيهما أفكار الشخص ومشاعره وتصرفاته. في أسلوب الحياة التملكي تكون علاقتي بالعالم علاقة ملكية وحيازة علاقة أريد بها أن يكون كل شخص وكل شيء ملكا لي بما في ذلك ذاتي نفسها" 5 ص 43.. وعن توجه الكينونة يقول: "عند اعتبار أسلوب الكينونة يجب أن نتبين شكلين من هذا الأسلوب: الأول هو الذي عبر عنه دى ماريه، وهو نقيض التملك، ويعني الحيوية والارتباط بروابط حقيقية أصيلة بالعالم. والشكل الآخر للكينونة هو نقيض المظهر، ويعني الجوهر الصادق الحقيقي للشخص أو للشيء، كنقيض للمظهر الخادع، وهذا ما تذهب إليه الدراسات في الأصل اللغوي للكلمة وتاريخها" 5 ص 44.
    أسلوب التملك هذا الذي يتحدث عنه فروم، هو أسلوب الحياة الدنيا.. وأسلوب الكينونة هو أسلوب الدين.. وهذا الاختلاف بين الأسلوبين، هو الاختلاف الأساسي، في مفهوم الحياة، من الناحية العملية، بين الإسلام والحضارة الغربية.. فالحضارة الغربية، بوصفها حضارة مادية، تكون الحياة غير موصولة بالله، فالصلة بالله فيها مقطوعة، ومن هنا فهي حياة دنيوية.. أما الإسلام فالحياة فيه في جميع تفاصيلها، تقوم على الصلة بالله، ومراعاة مرضاته، وهذا هو جوهر الحياة الدينية.. أو حياة الكينونة عند فروم.. وفروم نفسه لم يجد أسلوب حياة الكينونة إلا عند من أسماهم (المعلمين الكبار) وهم من وقف على تعاليمهم من دعاة الدين.
    ونحن نترك الحديث عن التملك في الإسلام إلى موضعه في الكتاب، ولكننا نقول هنا بإيجاز: حسب التوحيد، في الإسلام، المالك لكل شيء في الوجود، واحد، هو الله تعالى، وأي ملكية لغيره هي مجرد وهم، المطلوب التخلص منه.. وأكبر وهم، وباطل الأباطيل، هو وهم ملكية الإنسان لذاته – أي توهم الإنسان، أن له وجود من ذاته.. فهو في الحقيقة موجود بالله، لا بذاته.. قيوميته بالله لا بذاته.. والوهم التالي من حيث البطلان، هو وهم الإنسان أنه صاحب إرادة مستقلة تعمل وتترك من نفسها.. ويلي هذا، وهم صور الملكية المختلفة للأشياء.. ومن هنا فالإسلام يمنع ملكية العين للأشياء، منعاً باتاً، وفيه لا ملكية، إلا ملكية ارتفاق، فيها يستخدم المالك الأشياء التي يحتاجها لسد حاجته الحقيقية، النابعة من طبيعته، ثم تظل هذه الأشياء مملوكة لله وللجماعة.. وحتى ملكية الارتفاق هذه هي مقيدة.. ومن أهم قيودها أن لا يستخدم فيها الإنسان، إنسان آخر لمصلحته الخاصة.. وألا يكون ما يملكه الفرد أضعاف ما يملكه غيره، بصورة تجعل هنالك تفاوتاً، يؤدي إلى مجتمع طبقي، فيه تستنكف طبقة أن تتزاوج مع الطبقة الأخرى.
    والتفاوت المحدود، في ملكية الارتفاق، يسمح به في بداية التحول، للاعتبارات العملية، وإلا فإن القيمة المستهدفة، ألا يكون هنالك تفاوت حتى في ملكية الارتفاق.. وهذا هو مفهوم الاشتراكية في الإسلام.. وبالطبع الاشتراكية غير موجودة في الشريعة، التي تقوم على فروع القرآن، وإنما هي في السنة، التي تقوم على حياة النبي صلى الله عليه وسلم، والتي تقوم على أصول القرآن.. وهذا يقتضي تطوير التشريع من آيات الفروع، وهي مرحلية، جاءت لتنظيم مجتمع القرن السابع الميلادي، إلى آيات الأصول، التي تناسب وقتنا الحالي.. وقد كان النبي ينفق كل ما زاد عن حاجته الحاضرة، وآيته في ذلك من كتاب الله، قوله تبارك وتعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ".. والعفو كل ما زاد عن الحاجة – راجع كتاب (الرسالة الثانية من الإسلام).
    المهم أن حياة النبي تقوم على التخلي التام عن الملكية، وهذا هو مقتضى التوحيد.. وهذا ما يعرف بالزهد، وحسب تعريف الأستاذ محمود: ليس الزهد أن لا تملك شيئاً، وإنما الزهد أن لا يملكك شيء!!
    ففي التوجه التوحيدي كما يقول الشاعر:
    أنت للمال إذا أمسكته
    فإذا أنت أنفقته فالمال لك
    عن ملكية الارتفاق يقول المعصوم: "يقُولُ العَبْدُ: مَالي، مَالي، وإنَّما لَه من مَالِهِ ثَلاثٌ: ما أكَلَ فأفْنَى، أو لَبِسَ فأبْلَى، أو أعْطَى فأبقى، وما سوى ذلك، فَهُوَ ذَاهِبٌ وتاركُهُ لِلنَّاسِ".. ففي مجال الملكية، توجه الحضارة الغربية، هو عكس التوجه الديني تماماً.. وإلى هذا التوجه ترجع كل مشاكل الحضارة الغربية، وأزماتها، كما إليه ترجع كل مفارقات القيم الأخلاقية.
    الحياة الطيبة السعيدة:
    عندما نقول أنه ينبغي أن يكون للحياة معنى وهدف، نقصد معنى كلياً وهدفاً نهائياً.. ومن المُسَلَم به، أن حياة الحضارة الغربية، خالية من المعنى والهدف النهائي.. بل من المستحيل في حقها، الوصول إلى معنى كلي، وهدف نهائي، وهذا بطبيعة حكم إطار التوجيه فيها.. مبدئياً يستحيل الوصول إلى هدف نهائي، ومعنى كلي، مع تغييب المطلق.. هذا أمر حاسم، فمع المحدود، لا يمكن أن تكون المعاني والأهداف إلا محدودة.. فقد غاب المعنى الكلي والنهائي للحياة، بالنسبة للحضارة الغربية، بصورة نهائية، بمجرد أنها أبعدت المطلق، وأبعدت الغائية الكونية، فالأمران لا ينفصلان.. فطالما أن الحياة، في الحضارة الغربية قاصرة على الحياة الدنيا، ولا تتعداها، فلا بد أن تكون الأهداف والغايات فيها محدودة بهذه الحياة.. فالحياة الدنيا غير باقية، وهذا بالطبع لا يمكن الخلاف حوله.. ومن الطبيعي ألا يكون لهذه الحياة معنى أو هدف باقٍ.. فالمعاني والأهداف محصورة في هذه الحياة.. ومن ثمّ فهي معاني وأهداف مؤقتة، تنتهي، كما الحياة نفسها، بالموت.
    في هذا الإطار: هل يمكن أن تحقق حياة الغرب، الحياة الطيبة السعيدة؟ قطعاً لا، ودون أدنى تردد!! والواقع الفعلي يؤكد ذلك.. ولكن ما هي الحياة الطيبة السعيدة التي تصبو إليها الحضارة الغربية أو التي يمكن أن تؤدي إليها هذه الحضارة، بحكم طبيعتها؟.. يقول فروم عن تصور تحقيق السعادة، عند الحياة الغربية: "وساد الاعتقاد أن تحقيق الثروة والرفاهية للجميع سيحقق السعادة غير المحدودة للجميع. ومن ثالوث الإنتاج غير المحدود والحرية المطلقة والسعادة غير المحدودة تشكلت نواة دين جديد اسمه التقدم".. 5 ص 20.. أذن الحياة السعيدة في نظر الغرب هي الحياة التي فيها يتم اشباع كل ما يعن للإنسان من رغبات.. والمقصود بالطبع، الرغبات المادية.. يقول فروم: "نادى فلاسفة في القرنين السابع عشر والثامن عشر بنظرية أن الهدف من الحياة هو تحقيق كل رغبات الإنسان وهذا مفهوم كان من السهل أن يظهر بعد أن توقفت كلمة الكسب عن أن تعني»الكسب الروحي «كما جاء في الكتاب المقدس، بل كما جاء، بعد ذلك، عند سبينوزا. فقد أصبحت كلمة الكسب تعني الكسب المادي والربح النقدي، وذلك عندما تمكنت الطبقة المتوسطة ليس فقط من تحطيم أغلالها السياسية، وإنما حطمت أيضا كل روابط الحب وعلاقات التكافل، واعتقدت أن حياة الإنسان من أجل نفسه فقط تعني تعظيما لذاته وليس إنقاصا لها. فقد اعتبر هوبز، أن السعادة هي التقدم المطرد دائما من شهوة لشهوة.. ويصل لاميترى إلى حد تحبيذ تعاطي اﻟﻤﺨدرات، حيث هي تعطي –على الأقل- وهماً بالسعادة" 5 ص 23.. ويقول: "وقد ظهرت نظريات أخلاقية عديدة منذ القرن الثامن عشر.. كان بعضها أشكالا أكثر تهذيباً لمذهب اللذة، مثل نظرية المنفعة".. 5 ص 23 .. وعملياً، نظرية المنفعة _والمقصود بها المنفعة المادية_ هي ما تقوم عليه الحياة في الحضارة الغربية، وقد زادها التوجه الرأسمالي توكيداً.. وفي السياسة الدولية، تسمى المصلحة المنفعة (المصالح المشتركة)!! سأل فروم هل مبدأ اللذة، يمكن أن يكون الإجابة المقنعة لمعضلة الوجود الإنساني؟ وكانت إجابته: "في مجتمعنا هذا، ولأول مرة في التاريخ، لم يعد إشباع دافع اللذة امتيازا تتمتع به الأقلية، وإنما أصبح متاحا لأكثر من نصف السكان.. وقد أجابت تجربة البلاد الصناعية عن هذا السؤال بالنفي. كذلك أثبت الفكر النظري، كما أثبتت المعلومات الملموسة، خطأ المقدمة السيكولوجية الثانية للعصر الصناعي، والتي تذهب إلى أن السعي لتحقيق المنفعة الفردية يؤدي إلى تحقيق الانسجام والسلام والرفاهية المتعاظمة للجميع" 5 ص 24.
    الأمر المؤكد، أنه طالما أن للإنسان عقلاً، فمهما كان مستوى إشباع حاجاته المادية، فهو لا يمكن أن يؤدي للسعادة، والحياة الطيبة، فلا بد من إشباع الحاجات المادية، والحاجات العقلية –الحاجات المرتبطة بقضايا الوجود– معاً، على أن تكون الأولوية لإشباع الحاجات العقلية.. وبصورةٍ مبدئية قاطعة، فإن إشباع حاجات الإنسان، مرتبط بالطبيعة الإنسانية.. وهي قطعاً تختلف عن الطبيعة الحيوانية، ومن أجل هذا الاختلاف، فإن ما يشبع حاجات الحيوان، لا يمكن أن يشبع حاجات الإنسان.

    22/9/20۱9























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de