مثلما غذَّى نظام الإنقاذ البائد عقول الكثيرين بالعديد من الأكاذيب والمُرجفات الباطلة عن مُخطَّطات ومطالب وبرامج وأفكار حركات الكفاح المُسَّلح في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق ، وكيف أنها بحسب أباطيلهم الزائفة كانت تستهدف مصالح إنسان الأقاليم الأخرى وتقف تجاهه موقف العدو المُستهدِف لأمنها وحقوقها المشروعة ، يتكرَّر ذات السيناريو في هذا العهد الذي ظننا أنه عهد (تحرُّر) من الدوافع اللا أخلاقية لصناعة الفُرقة والصراع وإنعدام الثقة بين أبناء الوطن الواحد ، ويتجلَّى ذلك فيما يبُثهُ الإعلام المناويء للثورة من قوى الظلام والردة من أقاويل وأراجيف تتحدث عن إنقلاب مفاوضات أديس أبابا المنعقدة حالياً بين قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية إلى مُحاصصات في المناصب تُطالب بها الحركات المسلحة المنضوية تحت لواء الجبهة ، وفي ذلك طعنٌ خائب في خاصرة مسيرة التغيير والإنعتاق ، وهو في الحقيقة موجَّه ضد الثورة ومطالبها ومبادئها أكثر من كونهُ موَّجه ضد الجبهة الثورية .
عهدنا بهذا الشعب الذي تسلَّح في ثورته المقدسة قبل كل شيء بسلاح (الوعي) اللامحدود والنظرة الثاقبة تجاه قضاياه المصيرية ، ثم سلاح (عدم الإصغاء والإلتفات) إلى مَن ظلَّوا عقوداً من الزمان يُشكِّكون في وفائنا نحن السودانيين لبعضنا البعض ولأوطاننا ووحدتنا ، فحركات الكفاح المُسلَّح قاطبةً وبلا فرز ظلت تنادي في أدبياتها الإستراتيجية والتي سبقت بها مطالبها المحلية والجهوية بحتمية التحوُّل الديموقراطي (العام) في السودان وقداسة إفشاء العدل العام وسيادة دولة المؤسسات والعدالة في توزيع التنمية وإقتسام الثروة ، كل هذه المباديء لا يفوت على المُتمَّعنين هي في الأصل مطالب جماعية و(عامة) لكل السودانيين وعلى كافة مشاربهم العرقية والآيدلوجية والثقافية وهي في ذات الوقت قيَّما ً لا يمكن تجاوزها إذا ما جاء الحديث والتخطيط لبرنامج يضمن إستمرارية وحصانة دولة الديموقراطية والعدالة والمساواة .
قادة حركات الكفاح المُسَّلح يستحقون كل إحترام وثقة في كونهم كانوا على الدوام حريصون على تقديم مصلحة الوطن والمواطن كيفما كان وأينما كان ، فالتجارب علَّمتهم أكثر من غيرهم دروساً في (فعالية) العمل الجماعي والإتحاد والتكاتُف ، في بلدٍ لا يحتاج منا أكثر من العمل الدؤؤب المُخلص وسيادة القانون والمساواة والتنمية المستدامة المتوازنة .
الذين نبذوا فيما قبل عودة الشعب السوداني من مشواره النضالي الذي بذل فيه الغالي والنفيس والجِسام من التضحيات (بنصف ثورة) حينما راوغت فلول النظام البائد وقاومت التحوُّل المدني للدولة ، هم أنفسهم الذين يجب أن يعتبروا (الولوج غير المؤمَّن بالسلام) لدولة مدنية ودون ترسيخ رؤية واضحة ومتوافق عليها لبرنامج إفشاء السلام وإعادة الإعمار والتأهيل وإرجاع الحقوق لأهلها ، مُجرَّد وجه آخر لنفس الحالة التي يسمونها (نصف الثورة) والتي نبذوها من قبل ، نعم لتحقيق خطوات واسعة في بناء السلام داخل محتوى الإتفاق السياسي والإعلان الدستوري فليس من (ضمان) موثوق لنجاح وتحقيق برنامج الحكم الإنتقالي أصدق من إنتفاء الهواجس ونقاء السرائر بين مكوِّنات قوى الحرية والتغيير.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة