هل آن الأوان بعد أن بدأت رياح التغيير النديه ، تهزُ أركان اليأس والحزن والأوجاع أن تمتد الأماني لنحلم بوطنٍ يستحقُ كل جميل ؟ ، أقول بكل ثقة نعم لقد آن أوان الحلم بأن يرجع السودان كما كان زاهياُ بأخلاقيات شعبه وقواه المدنية ومؤسسية إدارته وحوكمته ، أول أبواب الأحلام بعد أن تعود للعدالة والمساوة والمؤسسية والديموقراطية سيادتها على واقع البلاد والعباد هو بالطبع إحلال السلام والتوافق على دستورٍ جامع يحقِّق تطلعات الجميع للإدلاء بدلوهم في إعلاء شأن التنمية المستدامة لتكون مرشداً إسترتيجياً يهتدي بهديه كل من يتقدم ببرنامج إنتخابي لحكم البلاد ، أما ثاني الآمال التي يجب أن تتحقَّق فتتمثل في سرعة وإتقان إعادة إعمار المناطق التي تضررت بالحروب وأصابها القدر الأكبر من الفقر والتشريد والإذلال ، مما يتطلب وبدءاً من الحكومة الإنتقالية أن تنتظمها عمليات إعادة تأهيل تنموي ومجتمعي من شأنه خلق نوع من الإستقرار المادي والنفسي يساعد على رفع مستوى مساهمة تلك المناطق في البناء والتنمية ودعم وتمكين المنهج الديموقراطي .
أما ثالث الآمال فهو إعادة المنظومة التعليمية والتربوية إلى شأنها القديم ، بدءاً ببناء هيبتها التي أُنتهكت ونهايةً ببناء قواعدها الفاعلة والمتمثلة في الإعمار والمناهج والمعلم ، وذلك لن يكون دون إستهداف طغيان غول المؤسسات التعليمية الخاصة التي طرحها عهد الإنقاذ كبديل للمدارس الحكومية مستعملين في ذلك مبدأ تجفيفها ورفع الدولة يدها عن القضية برُمتها ، جرياً وراء تحلُّل الدولة من إلتزاماتها تجاه مبدأ مجانية التعليم ، بالقدر الذي جعل منها مستنقعاً تجارياً آسناً ، يُكرِّس على كل حال (صفوية) التعليم ، تحت قاعدة التعليم لمن يملك المال ، فأصبحت وزارة التربية والتعليم في عهد المؤتمر الوطني أو الإنقاذ مسرحاً تجارياً لا هم لهُ إلا جباية أموال التراخيص السنوية من أصحاب المدارس الخاصة ، مما جعل معظم أبناء السودان من غير المقتدرين أو الذين لم يتورَّطوا في هوجة الثراء الحرام عبر نهب مال الدولة والشعب أو التزلف لأولي السلطان من أجل المنفعة ، يعانون ما بين عدم القدرة على مواجهة تكاليف تعليم أبناءهم في القطاع الخاص وما بين ما يشوب التعليم الحكومي من إنهيار ودمار شامل لن يستقيم أمر معالجته دون إعادة دور وزارة التربية والتعليم في عموم مسئولية الخطة التعليمية في البلاد ، ثم تجديد إلتزام الدولة بمجانية التعليم وإفراد مساحة واسعة من الميزانيات المجازة في المستقبل لقضية التعليم لأنه بلا شك هو العمود الفقري لحركة التنمية العمومية وموجَّهها الأساسي ، فضلاً عن كونه المصدر الإستراتيجي لإنتاج وتأهيل الكوادر التي ستقود زمام إدارة البلاد سياسياً وإدارياً وفنياً .
مثلما فعلت ماليزيا وغيرها الكثير من الدول التي قفزت بنهضتها قفزات مُقدَّرة تجاوزت بها أعظم الدول ، فقط بإعطائها التعليم الأولوية القصوى ، وصرفها عليه صرفاً يتجاوز في مقداره كل البنود الأخرى ، لأن مخرجاته ستصب إيجابيات لا حصر لها في إطار دعم سائر القطاعات .. اللهم حقِّق الأماني وأجعلها واقعا ماثلا تنتفع به الأجيال القادمة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة