نتابع منذ فترة الإهتمام الإماراتي بمنطقة القرن الأفريقي ، والذي إجتاحته لأغراض مختلفة في نفسها وبأساليب عديدة ؛ وذلك من خلال الاتفاقيات التنموية مع الدول ، أو من خلال صفقات سريعة ومشبوهة لإدارة او استئجار الموانئ البحرية ، وتشغيل المطارات ، وتجاوز الأمر دول القرن الأفريقي لموريتانيا أيضآ ... ولا يُخفي علينا أن هذا التمدد (الإماراتي) يتعلق بسياسة انتهجتها مؤخرآ وذلك لحاجتها لخلق نفوذ في المنطقة ، ويكون موازيآ لحركتها ومركزها الإقتصادي في المحيط ، وكما ذكرت هنا – بنصف الكوب – غداة إعلان الحصار على قطر ، أن السعودية والإمارات أصبحتا على حقيقة أقلقتهما ؛ وهي أن لا نفوذ لهما في المنطقة ، وأن الحصار على قطر هو بنهايته محاولة من الإمارات والسعودية لتحجيم النفوذ القطري الدولي ، والمتمدد في المنطقة ، والذي صنعته على مر سنوات ، من خلال حركتها بالعديد من الدول ، ومبادراتها المختلفة في السودان وجيبوتي والصومال ومصر ودول آسيا ؛ والتي أسهمت في ان تجد منها نفوذآ خلقت من خلاله صوتآ مهمآ لها ، وكما أن القاصي والداني يعلم صلتها وعلاقتها بالتنظيم العالمي (و الذي يربك الحياة في العديد من الدول بالمنطقة ) ! . إزداد الحركة الاماراتية بالمنطقة بعد حصار قطر ، وكانت هنالك محاولة لضم ارتيريا لدول الحصار ، الامر الذي حمل وزارة الاعلام الارتيريه للنفي وأن لا صلة لها بأمر الحصار ، ونعلم جميعآ أن العلاقة الارتيرية القطريه قديمة ؛ لذا كان الأمر بالنسبة للإمارات أشبة بالتحدي ( ضرورة التوقف عند ارتيريا ووضع يدها عليها ) . وعندما وصل آبي أحمد لمنصبه في أبريل الماضي وبعد امتناع جيبوتي عن تأييد حصار قطر ، وإلغاء عقد شركة موانئ دبي معها كثفت الامارات من اتصالاتها بإثوبيا واعلنت مباشرة عن تخصيصها مبلغ ثلاثة مليار دولار ، منها مليار دولار كوديعة للبنك المركزي الأثيوبي لحل مشكلة ندرة العملات الصعبة ؛ لعمل اثيوبيا على الكثير من مشاريع التنمية القومية بها ، وملياري دولار في شكل منح واستثمارات بها ، وأيضآ قد نجحت الامارات في وضع يدها على ميناء عصب بإرتيريا ونقلت إليه الكثير من المعدات والآليات والاسلحة ، وهو قد خلق متنفس لإرتيريا التي تعاني الحصار ، الأمر الذي عده الكثير من المراقبين كسر للحصار المضروب على ارتيريا بالقرار الأممي 1902 ؛ لأنه بالأخير ستحصل ارتيريا على هذه الاسلحة ( بعد انتهاء حرب اليمن ) ، وهو أمر من جهة أخرى يقلق الجارة جيبوتي التي أزعجها التحرك الإماراتي تجاه ارتيريا من جهة ، وأيضآ التواصل الاثيوبي الارتيري من أخرى .. ومعلوم أن من يمسك بملف الوساطة على مر السنين بين جيبوتي وارتيريا هو قطر التي تحاربها الامارات والسعودية في كل نفوذها .
وكما إعتدت في كل الشخصيات السياسية أو التنفيذية حول العالم ؛ بالإمتناع عن منحي درجة الإعجاب الكاملة ( كل الإعجاب ) بالشخصيات مهما كانت فلسفتها أو انجازاتها ، و اسلوبها في إدارة الأمور ، وآبي أحمد هو بالطبع إحدى هذه الشخصيات ؛ فالبرغم من انني تحدثت عنه هنا بكثير من الإعجاب ، واثنيت على العديد من تحركاته وتصرفاته ؛ إلا انه كغيره من السياسيين والتنفيذيين ستكون له سقطات وإخفاقات ( وهي الطبيعة البشرية ) ولكن للأسف بعض هذه السقطات معيبة وقد تمثل نقطة سوداء في المسيرة كلها ، وبرأيي أنها قد حدثت مع آبي أحمد في التكريم الإماراتي ( الأوسمة ) الذي قبله مع جاره أفورقي الثلاثاء بأبوظبي ! ومَنْ يكرم مَنْ سادتي ؟؟ ! دولة مبدأها شراء الذمم ، والبحث عن النفوذ من خلال التلويح بالدولارات ، وتمارس الاغراء بمختلف أساليبه، و دولة كل تاريخها القريب والبعيد هو الصيد بالصقور ، وضرب الخيام على الصحراء ، فتمرحلت – بفضل أموال النفط – وتطاولت في البنيات ( فقط ) ؛ لتدعو دولة ذات تاريخ وحضارات ، وإرث ، وإمبراطوريات وتقويم وشعوب وثقافات وقوميات وكل شئ لتكرمها ؛ لمجرد خطوة في المسار الصحيح ، وخطوة إتخذها آبي أحمد انطلاقآ من اتفاق الجزائر عام 2000 - وعندها كانت الامارات تفرغ من التنازل عن قيمها المجتمعية مقابل أن تستقطب أكبر عدد من الشخصيات العالمية - واستجاب لها الجانب الارتيري ، ولكن تأبي نفوس تجار الذمم إلا ان تدعوهم ( أفورقي بجدة ) ، ومعه آبي أحمد بأبوظبي للتكريم ، صدقآ لن استغرب منحهما الأوسمة ؛ إن كانت من جامعة الدول العربية ، او حتى مجلس التعاون بإعتبار أنها كيانات تضم عدة دول ، وهو أمر قد يكون ( مُشرِف ربما ) ، وبالتوازي مثلآ اذا كان التكريم من الإيقاد ، أو من الإتحاد الأفريقي مثلآ ، ولكن قبول الأوسمة الاماراتية لمجرد تصالح بين شعبين شقيقين ، وكأنها المشرف أو المراقب والوصي له انعكاسات وإشارات خطيرة على مستقبل البلدين مادامت اليد الإماراتية عليهما ، وبهذه الصورة التي تقول : انظروا نحن نسيطر على الوضع هناك أيضآ ، ونحن نشتري ونستحوذ على كل شئ ! .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة