اوردت صحيفة الشرق الاوسط خبر اجتماع ممثلي الوكالة البريطانية للتنمية الدولية ووكالات الامم المتحدة العاملة بالسودان مع وزير الدولة بوزارة المالية طارق حسن شلبي . هذا الأخير صرح (بأن بلاده ماضية في تطبيق الاصلاح الاقتصادي منذ بداية العام الحالي دون مساعدات دولية ، ما أحدث عجزا تأثرت به الفئات الضعيفة خاصة مع ارتفاع تكاليف سلع مدعمة دون زيادة مواكبة في الأجور).
ذكرنا كثيرا أن ما يسمى بالاصلاح الاقتصادي هو سياسة يتم فرضها على الدول الفقيرة لزيادة فقرها ، تحت وعود امريكية واوروبية بدعم الحكومات المتعثرة. ونسبة لأن غالبية وعود الغرب مجرد أكاذيب فإن دول كثيرة تلجأ للتفاوض للحصول على ضمانات بدعم الحكومة عبر القروض التي تمثل في حد ذاتها مأزقا كبيرا للدولة حكومة وشعبا. لكن السيد شلبي أوضح ان حكومته تبرعت بالتضييق على الشعب بدون حتى الحصول على مقابل لهذا التضييق ، وهذا اعلان يؤكد أن الحكومة مضطربة جدا وجاهزة لأي اوامر غربية. لكن الأنكى والأمر ، أن تصريحات البريطانيين والوكالات والامريكان عقب هذا الاجتماع كشفت عن أن الغربيين لم يفكروا حتى في مجاملة السيد شلبي واحترام تصريحه الخانع الخاضع ولا احترام دولته ؛ حين قدموا مقابلا بخسا جدا ، سنلخصه الآن: - تصريح ممثلي الوكالة البريطانية بجاهزية المجتمع الدولي لتقديم الدعم الفني. ما هو هذا الدعم الفني؟ وهل نحتاج فعلا لدعم فني؟ ▪ترحيل الوعود الى طرف اجنبي : قال ممثلوا الوكالات الاجنبية ان وثيقتهم (الفارغة) ستمهد لزيادة دعم دول الخليج للسودان. وهذا خطاب شديد الاستخفاف ، حينما يتم الحديث بين طرفين عن شخص غريب لا يعتبر طرفا في المباحثات وغير ملزم بنتائجها بل ولا حتى هناك ما سيدفعه لمراقبة تنفيذها. لماذا سكت شلبي وهو يبدي فروض الولاء والطاعة عن مثل هذا التصريح الاستعباطي بفم هذه الوكالات. ومن قال ان دول الخليج اساسا لديها مصلحة لمراقبة اي اصلاحات في السودان وهي التي تمتلك ترليونات الدولارات وامامها جميع اسواق العالم مفتوحة على مصراعيها وكل دول العالم المستقرة اقتصاديا وامنيا وقانونيا واداريا لا تتردد في اي استثمار خليجي بمزايا فائقة. الوكالات الغربية تقول اي كلام والسلام (هو الكلام بفلوس). استمرت التصريحات الاستخفافية الجوفاء حين قال سفير الاتحاد الاوروبي جان ميشيل ان الاتحاد مستعد لمساعدة السودان خاصة في مجال (توسيع مظلة التحصيل الضريبي في البلاد). هل الحكومة بحاجة حقيقية لمثل هذه المساعدة ، انها بالفعل قامت ليس فقط بتوسيع التحصيل الضريبي بل مدت يدها داخل جيب الفقراء وسلبتهم أموالهم ، ولم تترك عقلة مصرورة بالمال تحت ثدي بائعة شاي او كسرة الا وادخلت يدها لتسرقها... ناهيك عن الهمبتة والنهب العلني للمواطنين عبر الرسوم والجبابات التي لم تعتق احدا. فماذا يقصد سفير الاتحاد الاوروبي من توسيع مظلة التحصيل الضريبي؟ هل يقصد زيادة الضرائب على الشركات والمصانع والزراعة وبالتالي زيادة تكاليف الانتاج وترحيل الزيادات عبر ثمن السلع والخدمات ليدفعها المواطن المسحوق والمغلوب على أمره؟ يا سيد ميشيل ما حوجتنا نحن كمواطنين لدعمك في عملية سرقتنا هذه؟ لماذا لم تتحدث عن دعم اوروبي للمزارعين مثلا ، لماذا لم تتحدث عن دعم اوروبي بالاحتياجات الاولية للزراعة من ماكينات وجاز وجرارات واسمدة وتقاوي وتدريب وخلافه... حتى يستطيع الشعب ان يجد ما يأكله على الاقل ان لم يتمكن من زيادة قدرة الدولة الزراعية على المنافسة الدولية. انتقل الاستخفاف الى تصريحات البنك الدولي بتقديم دعم فني ، وقصة دعم فني هذه تبدو لي غير مفهومة وربما ذلك لأنني لست اقتصاديا ولكن ما افهمه هو الدعم المادي ، فعندما تعدني بدعم مادي مباشر اشكرك باطمئنان أما كلمة دعم فني فهذه كلمة مطاطة جدا لدولة ينهار اقتصادها بشكل متسارع نتيجة اخلاص الحكومة في تنفيذ اوامر البنك الدولي وصندوق النقد والاتحاد الاوروبي والعم سام. ▪ وعود .. وعود.. وعود ... وفوق انها جوفاء وفارغة ، فإنها على تفاهتها لن تنفذ..بل ستظل مجرد تصريحات في الهواء... والعم شلبي يلهث خلفها كطوق نجاة مبديا فروض الولاء والطاعة بأكل اصابعه.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة