وفقا لملاحظة القوى المناوئة للنظام وما يعتريها من ضعف ويعتورها من انعدام المنهج او طرح حلول للأزمات تأتي من خارج صندوق الجاهز والايدولوجي ؛ فهذا لا ينبئ بسقوط النظام. واقصد بالسقوط ان يأتي من يشوت الكورة المدنكلة (الجيش او الانتفاضة الشعبية) ، فهذا يبدو لي بعيدا . لكن النظام سيتفكك . تصريحات قطبي المهدي تعطينا بعضا من ملامح هذا التفكك وهو يدعو الى حل المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية. في الواقع المؤتمر الوطني (كتجمع لطامحين اكثر من مفكرين) قد انحل طبيعيا منذ وقت طويل ، والحركة الاسلامية صارت منبوذة جماهيريا ، بل صارت وصمة عار على من يدعي الانتماء لها. فالحركة الاسلامية اثبتت انها لا تحمل من الاسلام سوى شعارات ديماغوغية في حين ان افعالها في اتجاه مناقض تماما للتعاليم الاسلام. ربما سيتفكك النظام رويدا رويدا ، غير ان المعضلة هي أن رأس النظام سيظل باقيا الى ان يقضي عزرائيل امرا كان مفعولا. سيتحلل النظام (وقد بدأ تحلله الآن بالفعل) الى عناصر قديمة وعناصر حديثة ، العناصر القديمة ستحاول القفز من السفينة والعناصر الحديثة ستحاول قطف بعض الثمار مستفيدة من الفوضى. لا شيء يبشرنا بسقوط وهذا في الواقع ليس بشرى ان حدث اذا لم تجتمع القوى المتشاكسةعلى قلب رجل واحد لتتحمل مسؤوليات واستحقاقات السقوط بعزيمة من فولاذ وبتجرد لا اراه في هذه القوى. لذلك اعتقد ان تفكك النظام وليس سقوطه سيكون رحمة الهية بالشعب ، حتى يمتص هذا التفكك الاثار المترتبة عليه بشكل متدرج. هناك الان ازمة او جائحة وهي افلاس الدولة والمديونية الهائلة على الدولة السودانية ، وتخلي حلفاء الامس عن النظام بشكل يثير الكثير من الشكوك . وبناء على هذه الجائحة ستتداعى ازمات كثيرة خاصة في مسائل اولية تعتمد عليها حياة المواطن ووجوده كالاكل والشرب والصحة. هذا سيحاصرنا بموقف اخلاقي تكافلي وضميري لمحاولة انقاذ ما يمكن انقاذه من ارواح . لكن كيف لنا ذلك ونحن انفسنا ضحايا من ضمن ضحايا فشل النظام؟ لن يكون امام الشعب الكثير سوى الاعتماد -في الفترة القادمة- على المغتربين ، بجسور جوية صغيرة. لكن لا حل سوى هذا رغم انه ليس بحل ولكنه سيخفف من عدد الارواح التي ستزهق . فالمجاعة قادمة لا محالة. تفكك النظام البطئ يعني مزيدا من الموت البطئ للشعب ، وسقوطه السريع في ظل ازمة القيادة البديلة الرشيدة والمتجردة ، يعني تعميق الجرح حتى يصل الى العظم وهذا مميت كسابقه. فلا بقاء النظام ولا سقوطه ولا تفككه سيؤدي الى حلحلة ما اغرق فيه النظام الشعب من مشاكل ، والقوى السياسية للاسف الشديد متشاكسة ولا تحمل اي مشروع مستقبلي او حلول قصيرة او بعيدة المدى. انني ادعو القوى السياسية جميعها الى قراءة حقيقية وواقعية للأزمة الراهنة ومحاولة توجيه كل قوتها لاستقطاب المجتمع الدولي للمساعدة -في مرحلة ما بعد النظام - لتفادي انهيار الدولة. ان خطابات كل القوى موجهة الى الداخل ، لكنها لم تحاول مخاطبة الخارج الا فيما يخص دور المجتمع الدولي في التضييق على النظام. ولكن ... ماذا بعد هذا التضييق؟ يجب وضع حال الشعب في الاعتبار ، فكما قال كسينجر:(لا تبدأ حربا الا اذا كنت قادرا على انهائها) ، وهذه القوى ضعيغة جدا وربما خاوية من اي استراتيجية للتعامل مع الازمة الراهنة وتداعياتها المستقبلية بعد تفكك النظام. اذا كنا فعلا نطلب من المجتمع الدولي الضغط على النظام من اجل تسليم السلطة للشعب ، فيجب -قبل ذلك التسليم- ان نطلب من المجتمع الدولي ضمانات مؤكدة على مشاركته في محاصرة تداعيات تفكك النظام . فلا يمكن ان نفكر في الهدم ولا نفكر في اعادة البناء والا فإن ذلك قصور في النظر وعدم اكتراث بالمواطن.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست