إنها الارادة الانسانية والرؤية الصائبة التي ترمي حجرا في بناء الانسان عبر اعادة اجلاس ملايين التلاميذ علي كراسي الدرس .. انها صناعة المستحيل حينما يكون ذلك ممكنا وسط حطام هنا وهناك .. فبالامس اعلنت سمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس ادارة مؤسسة التعليم فوق الجميع بلوغ غاياته لاعادة إلحاق 10 ملايين طفل بالمدارس في بقاع العالم لينالوا حقهم الطبيعي والفطري ويلبي رغباتهم في التعليم النوعي فتتوسع مداركهم الفكرية وتنهض احاسيسهم الايجابية بنيل سبل التعلم وليدلفوا لمسارات الحياة مسلحون بالمعرفة فينفعوا أسرهم ومجتمعاتهم وربما يسجلوا اسماءهم في سجلات ما ينفع الانسانية جمعاء . " علم طفلا " انطلق العام 2012م وكأنه حلم صعب التحقق في ظل الانكسارات والضجيج والمؤامرات وزلزلة الاستقرار والامان في كثير من دولنا لذلك كان مجرد التفكير في تحقيق هذه الغاية امرا صعب التنفيذ ولكن بالعزيمة والرؤية الاستراتيجية وبعقد الشراكات الذكية مع مؤسسات عالمية لها وزنها وامكانياتها تشابكت الايادي ولاح في الافق ما كان مستحيلا . ان الاحتراب أرهق الارض والبشر هجر الكثيرون نساءا واطفالا أمكنتهم بل حرمهم ممارسة الحياة الطبيعية وسط حيشانهم في قراءهم ومدنهم وبات التفكير في الحاق اطفالهم بالمدارس في طي الكتمان لان الاولويات أختلت وبات الأمن والأمان ولقمة العيش التي تسد الرمق والغطاء الدافيء الذي يلف الجسد من الهجير والزمهرير والماء النقي ربما اولويات ملحة تتقدم الجلوس على مقاعد الدرس او حتى التفكير في نيل قسطا منه .. ان الظروف الطبيعية من كوارث وزلازل وجفاف الزرع والضرع واصوات البنادق الحارقة هجرت المزارعين والرعاة واتت على الاخضر واليابس دمرت بنية المؤسسات التعليمة وحيطانها هشمت سبوراتها التي كانت ولكن بفضل المشروع الطموح " علم طفلا " والذي يسير بخطوات واثقة وتحتضنه بقوة وتحدي سمو الشيخة موزا بات اليوم ممكنا اجلاس عشر ملايين طفلا حرموا من حقوقهم الاساسية وتشتت بوصلة اهتماماتهم . " علم طفلا " حقق مشاركات ناجحة مع 82 مؤسسة في 50 بلدا وضخ استثمارات بلغت 8ر1 مليار دولار امريكي ثلثها من دولة قطر التي اطلقت المبادرة باعتباره مشروعا انسانيا عالميا .. استفاد منه حتى الان الاطفال المهمشين واللاجئين في مناطق الفقر والعوز وبمناطق الكوارث الطبيعية والاحتراب مثل بنغلاديش وفلسطين وتركيا والسودان والبرازيل وكينيا حيث هجر المئات من اليافعين مقاعد الدرس وبفعل هذا المشروع الجسور رجع التلاميذ واستجابوا للنداءات بعد ان تم تهيئة البيئة المدرسية المؤاتية .. وتخطى الاطفال التوقعات واجادوا تعلم مهارات حاسوبية باجهزة تم اعادة ترميمها وتشغيلها فكان النجاح وظهرت المواهب الابداعية وتحرك الاحساس الكامن بحب التعلم والتعليم . وخلال الاحتفالية وبالتعاون ومنظمة الامم المتحدة للطفولة اليونسيف بمكتبة نيويورك العامة وبحضور الشركاء الدوليين قالت الشيخة موزا بنت ناصر " هناك من يقول بان التعليم هام لكن ينبغي اولا تعبيد الطرق وتدريب الاطباء وبناء المنازل أنا ادرك ان هناك تنافسا في الاولويات .. لكنني اقول اذا قدمتم لي عشرة أسباب تدعو الى تاجيل تعليم الاطفال غير الملتحقين بالمدارس في العالم فساعطيكم 10 ملايين سبب بأنه لا يحتمل التاخير " وأهم العقبات التي تحول دون تعليم اطفال العالم المهمشين والمستضعفين والتي كان بعضها باديا للعيان مثل قلة الفصول الدراسية والاساتذة والكتب بينما شكلت اخرى تحديا فريدا من نوعه تمثلت في كيفية جعل الرحلة الى المدرسة آمنة للفتيات والفتيان اللذين كان عليهم ان يجتازوا انهارا غزبرة المياه او غابات برية موحشة وطرقات وعرة ... انطونيو غوتيريش الامين العام للامم المتحدة قال : عندما نعلم فتاة فأننا نقدم لها اكثر من مجرد كتب واوراق واقلام رصاص او حاسبة .. اننا نعطيها الوسائل والمهارات والخيال الذي تحتاجه لتشكيل العالم حولها ولجعل محيطها ومجتمعها اكثر ازدهارا وسلاما . " علم طفلا " يستحق ان يطلق عليه مشروع القرن للتنمية المستدامة لان التعليم هو النور وهو " أقرأ " فاتحة كتابنا في ظل متغيرات جذرية تجتاح العالم جعلت من الاولويات تختل وبعضها يتراجع وكثير منها يبقى طي النسيان .. فشكرا يا أمرأة عملاقة بأفعالها الانسانية وعزيمتها التي تمددت في وقت انكفى الكثيرون حول محيطهم الخاص ونظرتهم التي لا تغادر مرمى نظرهم .. لقد مددتي أياديك بمشروع طموح سزيح ستارة العتمة الغاتمة عن اجيال المستقبل .. وذللتي الطرقات وعبدتي الامكنة لتجلس صبية وصبي على كراسي الدرس .. فتدافع التلاميذ وبأيادي هؤلاء فقط سيكون المستحيل ممكنا .. وغدا لناظره قريب . ونقتبس بعض ابيات من قصيدة كتبتها وزيرة التربية والتعليم الاسبق يا امراة أضحت قدوتنا يا امرأة فاقت كل تصور كم طفل في هذا العالم يرقب ذلك الفجر المزهر يطلب علما يرجو حقا وغدا الحلم عيانا يظهر عواطف عبداللطيف / اعلامية وناشطة اجتماعية مقيمة بقطر / [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عواطف عبداللطيف
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست