الإستقلال يعني التحرر من سيطرة مستعمر إستحوذ بالقوة على بلاد شعب آخر كان حراً فأصبح هو السيد الذي يتحكم في مصير هذا الشعب ومقدرات بلاده . ولا يوجد شعب من شعوب الأرض يقبل بأن تسلب حريتة ، وتحتل أرضه ، حينئذ يلجأ للمقاومة لطرد هذا المحتل ، فكل أنواع النضال وصور المقاومة التي خاضها الشعب سواء كان هذا النضال مسلحاً أو سلميا مثل الإنتفاضات والثورات والمظاهرات والإحتجاجات والإضرابات عن العمل وغيرها من أنواع الرفض لإستمرار الإحتلال سواء كانت جماعية أو فردية كانت عملاّ قام به كيانات وأفراد من الشعب في سبيل الحرية ورفض الظلم وإمتهان الكرامة ، لذلك حفظتها ذاكرة الشعب وسجلات التاريخ ، وأصبحت تمثل الإرث النضالي لهذا الشعب ضد الإحتلال . الشعب السوداني مثله مثل شعوب كثيرة كانت مستعمرة خاض نضالاّ في مراحل تاريخة المختلفة ضد الإحتلال الأجنبي لبلاده آخرها كان في النصف الأول من القرن الماضي ، توّجه بنيل إستقلاله في الأول من يناير 1956 ، وأصبح تقليدا أن يتم الإحتفال بهذا اليوم رسميا من قبل الدولة ، هذا الإحتفال كتقليد تنظمه الدولة له مغزى وطني ، فالدولة مثلها مثل مؤسسات أخرى لها دور تربوي تؤديه تجاه الشعب من خلال أعمالها في الحياة العامة فهي القدوة ، ومن خلال ماتقوم به من تعظيم وتقديرلهذا الإستقلال تعلمهم إحترام تاريخهم وتبجيل أبطالهم ورموزهم لما بذلوه في سبيل الوطن . جرت العادة في مثل هذه الإحتفالات أن يحتوي الخطاب الرسمي لتضحيات الرعيل الذي تم على يديه الإستقلال ليتذكر الشعب أن هذا الإستقلال جاء بجهود وتضحيات رجال لم يبخلوا على وطنهم وفدوه بالأرواح ومنهم من أودعوا السجون وحرموا من الحرية ولترسخ حب الوطن في وجدان الأجيال الجديدة التي لم تعاصر هذا الحدث ، وفي العادة يشتمل الإحتفال على إستعراض عام تشارك فيه كل قطاعات الشعب من وحدات القوات النظامية التي أقسمت على الولاء للوطن وحمايتة من الأعداء والمحافظة على إستقلاله جنبا إلي جنب مع الوحدات والإدارات الحكومية التي تقدم الخدمات للشعب والمهنين الذين يقع عليهم عبء النهوض بالوطن وكذلك ممثلين للقوى الوطنية التي كانت رأس الرمح في هذا النضال وفئات الشعب من عمال ومزارعين وأصحاب المهن الحرة والتجار ، ومكونات االمجتمع من شباب وطلاب ومرأة وأهل الفن وغيرهم من المكونات والفئات ، إن تكرار هذا الإحتفال كل عام بهذه الممارسة العملية المشاهدة يهدف إلي إزكاء الشعور بالعزة والكرامة في النفوس وتقوية الروح الوطنية ، ومداوة أية شروخ أصابت الوحدة الوطنية ، والتماسك الوطني والإجتماعي ، فرؤية مثل هذا التلاحم بين مكونات الشعب يعيد التوزان للنفوس ويقوي الإنتماء الوطني . في السنوات الأخيرة أتخذت الإحتفالات طابعا رسميا ، وأُختزلت كل تلك المعاني والغايات ، فأصبحت قاصرة على إحتفال خطابي رسمي يقام في داخل القصر تحضره بعض الشخصيات ولا يشارك فيه عامة الشعب ، الذي أصبح نصيبه في هذه الإحتفالات حفلات غنائية في أماكن عامة تتزامن مع إحتفالات بداية العام الجديد ، وهكذا ضاع المغزى من هذه الإحتفالات ، إن إبراز المواقف والمراحل التي تجسد مسيرة الشعب نحو الإستقلال من خلال العرض والمسيرات الإستعراضية التي تمثل فيها كل مكونات الشعب والمجتمع والتي فيها الكثير من المعاني والدلالات والعبر التي يمثل نقلها جسراّ للتواصل مع الأجيال الناشئة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة