يأتي مصرع ومقتل اللاجئة الاثيوبية الاورومية (اصلي نوري)وهي ام لطفلين يأتي للعديد من التساؤلات التي يجب الاجابة عليها للتبيان والاصلاح .. كذلك يأتي مصرع اصلي نوري مأساة جديدة للاثيوبيين الاوروميين المضطهدين في اثيوبيا.، والحقيقة ان استخدام مفردة انتحار كما يشار الى اصلي نوري مفردة مجحفة وظالمة ومتعسفة وشخصيا لن استخدمها كي لا اكون ممن ظلموها هي واولادها .، ورغم اننا خطاؤون بنو البشر الا اننا لا طاقة لنا باحمال اضافية من الخطايا.، وبعدا عن الظلم وتحريا للحقيقة أرى انه من الدقة بالفهم أن نقبل ونسلم بوجود صناعة موت في صفوف اللاجئين ولا يعد انتحار لاجىء وليد لحظته وساعته وبلا اسباب ودوافع سواء كان الانتحار في باب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين او البحر .. وقد دفنت اصلي نوري غريبة مظلومة في القاهرة في 28/7/2016 بعد ايام من العذاب متاثرة بحروقها.. تغمدها الله برحمته واسكنها فسيح جناته وهو العفو الكريم والهم ذويها الصبر والسكينة والسلوان. من التساؤلات التي تطفو على سطح الموضوع وتثير نفسها ..هل كانت مريضة نفسيا و تتعاطى ادوية نفسية (لم تكن)ولم يذكر بيان المفوضية ذلك..هل قتلت ام انتحرت(قتلت ولم تنتحر).. ما هي الاسباب والدوافع التي تبين حقيقة الواقعة والفصل بين القتل والانتحار.. وتتضارب الاقاويل حول وفاة اللاجئة الاثيوبية الفقيرة ومن الاقاويل من يقول انها قُتلت اي انه تم قتلها بفعل فاعل سواء كان الفعل مباشر او (مؤد الى الانتحار) وهناك من يقول انها ضاقت بها الدنيا وانقطعت بها السبل وتفاقمت ازمتها ومسها من الضر والظلم والاضطهاد ما لايحتمله احدا من الصابرين ومعروف عن الافارقة صبرهم وتحملهم فهم اكثر الشعوب تعرضا للمصائب والامتحانات و بعد نفاذ صبرها فعلت ما رأته خلاصا وراحة لروحها المعذبة في الارض في بلادها وفي بلد الملجأ وتحت مظلة الملجأ..ومن الروايات ما يقول انها انتحرت لان موظفو المفوضية اهملوها واهملوا مواطنوها الاوروميون المستضعفون.. وطالبوها بما لا تستطيعه وانها لم تمتلك 2000دولار اميركي لتنتحر به في البحر عبر مراكب الهجرة غير الشرعية حيث يدور القراصنة بالمهاجرين ساعات او يوم او اكثر بالبحر ويقولون لهم ها انتم بالقرب من المياه الاقليمية الايطالية وهم لا يزالون بالقرب من الشواطىء المصرية ويرمونهم بالبحر فيموتون غرقا ومن يستطع السباحة يتيه عليه الامر اين يتجه وينتهي به المطاف ان يموت حرا وبردا وعطشا فغرقا او تنتشله الدوريات البحرية المصرية خلال تحركاتها في مياهها الاقليمية.، وهذا النوع من الانتحار كلفته 2000دولار.، ولم يكن لدى اللاجئة المسكينة المستضعفة التي لم تجد من يعينها او يؤازرها من المفوضية سوى عبارات فهلوية من موظفين غير مهنيين ولا يعرفون ما معنى لاجىء او معنى معاناة.، وبما ان المحيط الذي تعيش فيه اللاجئة هو محيط لاجئين منكوبين مع تعدد جنسياتهم وبالتالي لن يتمكنوا من اغاثتها ومساعدتها وكيف هي مساعدة المنكوب للمنكوب سوى المواساة... و اما الانتحار امام مكتب المفوضية فهو امر غير مكلف ماديا وانما يكلف الكرامة .. لقد ادى ما مرت به اللاجئة الاثيوبية من ظروف اقسى من القسوة الى انهيارها عصبيا وفقدانها لوعيها ونسيانها لاطفالها واقدمت ببسالة على الانتحار متعمدة اظهار مظلوميتها ومن ظلمها وتنتحر ببابه وتنتصر لنفسها ولغيرها وتنهي حياتها بنهاية مأساوية والله غالب على أمره وعالما بحالها غفورا رحيما . وافضل الحلول التي رأتها المفوضية هي إغلاق مكتبها والتوقف عن رعاية اللاجئين.، وسؤال آخر يطرح نفسه (ما مدى تحلينا بالقيم والاخلاق والمعايير الانسانية والقانونية) وقد لا يطيق الانسان الضعيف المضطهد كاللاجىء استضعافا جديدا او نوعا من اونواع الاضطهاد او اهمالا متكررا من جديد في البلد الثاني بلد الملجأ الى ان يصبح هذا الاهمال نمطا موجها في التعامل اليومي .، وقد التزمت بنصوص معايير العمل دون النظر في فلسفة وجوهر العمل في المنظمات الانسانية سببا في صناعة الاحباط لدى اللاجئين او الحالات المشمولة بالرعاية .، وبترك اللاجىء لتلك النصوص الجامدة او غير المفهومة او غير المعبرة وبدون النظر الى ظروف اللاجئ وتحليلها من قبل خبراء للسيطرة على اللاجئين واحتوائهم نكون قد سقنا ادارة شؤون اللاجئين الى مساوىء وعقبات كثيرة تؤدي في نهايتها الى ما حدث لـ أصلي نوري.، ومع تفاقم الازمات تصبح المغامرة لدى اللاجئين رؤية وحلا وفي الغالب تكون مطلبا ملحا للكثير ممن تتوفر لديهم القدرة على المغامرة ويصبح الموت امنية وفوزا وخلاصا وتتحدد لحظة الاقدام على الموت مع اقرب سلوك غير مسئول وغير لائق من المحيط سواء كان محيط الملجأ او من موظفي المفوضية وبالتالي يجب الاقرار بوجود أسباب ودوافع صانعة للاحباط ثم اليأس فالموت .. الاقرار بوجودها بشجاعة دون مغالطات او مكابرة وليكن الاقرار اعتذارا وانطلاقا للاصلاح وسواء كانت هذه الاسباب والدوافع مقصودة او غير مقصودة فالامر واحد حيث ان المقصودة جريمة بشعة والغير مقصودة هي ناتجة عن عمل او اداء او سلوك غير مهني غير انساني غير مسئول وادت الى انهاء حياة انسان قسرا بشكل محزن ومروع او ادت الى تفاقم حالة مرضية لانسان بسبب الاهمال وسوء الرعاية مما ادى وفاته وهنا لا يمكن تسميتها بالوفاة او الانتحار بل يجب تسميتها بقتل تكون المسؤولية عنه مسؤولية جماعية وفي كلا الحالتين المقصود وغير المقصود تتوفر الاسباب والفعل والفاعل والمفعول به. ومن التساؤلات الاخرى التي يجب طرحها ( اين القيم والاخلاق والاعراف الانسانية ..اين الله فينا..اين الانسان من اخية الانسان ..اين الانسان والقيم الراعية له في مجتمع اللجوء "اللاجئين و ارض اللجوء والادارة التي تدير شؤونه كالمفوضية العليا التابعة للامم المتحدة التي تدير شؤونهم بقيم وثوابت") وان لم يكن الانسان فينا ولم تكن تلك القيم والثوابت فاننا بحاجة الى مراجعات شاملة وكاملة تشمل اعادة تأهيل برامج المفوضية وتطويرها وتنمية قدرات العاملين والعمل على نحو افضل لاحتواء اللاجئين وازماتهم وظروفهم النفسية والاجتماعية والمعيشية القاسية وتوجيه خطاب اجتماعي وفكري مدروس يكون قادرا على التماشي معهم خطوة بخطوة من خلال قنوات رصينة بين اللاجىء وادارته ومجتمعه المحيط... وهكذا تكون بداية الحلول لحفظ حياة وكرامة اللاجىء وانقاذ سمعة المفوضية. لقد رحلت الى الله وسبقها اليه عراقيون واطفالهم وعراقيون مات الوالدين ونجى الاطفال وسوريون وسودانيون وصوماليون واثيوبين وافارقة ابتلعهم البحر بفعل فاعل وفعل الاسباب المؤدية. السبب في انتحار اللاجئة الاثيوبية المغدورة هو غياب القيم الانسانية وغياب المهنية والثوابت القانونية والاخلاقية في مجال العمل الانساني وحضور الاسباب المؤدية. والى عالم افضل
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة