من المعروف ان فن الدراما من اقدم الفنون التي عرفها الانسان تاريخيا و لها كلياتها و روادها و معجبوها ’ و بكل انماطها المختلفة من مسرح و غناء و اطفال و سينما و خلافه’ و لكن و بفضل العباقرة الذين هبطوا علينا في دنيا السياسة و الاقتصاد فقد انضمت الحكومة لقائمة الممثلين ’ بدءا من الممثلين الذين يحتلون البرلمان من غير شغلة و لا مشغلة سوى التصفيق على الزيادات و التكبير و التهليل للبيانات الضاربة من وزراء الغفلة ووزيرات الغرة’ مرورا برؤساء المجالس و اللجان و الذين يمثلون انهم يمثلون الشعب و بعدها تتم المكابسة على المساكن الشعبية من اجل التحام القيادة مع القاعدة, الا ساء ما يزرون. ثم تاتي بعد ذلك جحافل وزراء الدولة المردوفين على سرج السلطة المائل و هم يمثلون فاصلا من الوهم بفاعلية المشاركة و دورهم الحاسم في اتخاذ القرارات و التي في الغالب يكونون اخر من يعلم بها و من الاعلام, اذ ان للامير ناسه و حاشيته الحقيقية , و اجاد هؤلاء دور الكومبارس بامتياز’ و لا يزالون. و ابت نفس المساعدين و النواب و المستشارين الا ان يشاركوا في العرض البائس’ عن طريق (تمثيل) الرئاسة في الحفلات و المهرجانات المظلمة و قص الشرائط المهترئة لمنشات افتتحت منذ زمان الانجليز و لقاءات مع مسئولين در جة ثالثة من دويلات بعيدة’ و يقوم مخرجو تلفزيون السلطان بعمل اللازم و استعمال المؤثرات المختلفة لايهام المواطن المسكين باهمية الامر ’ وا ن ما يراه امامه من رقص و غناء و هز و (بشير) و رفع ( للعصى) في وجوه الحاضرين هو قمة المشاركة و التداول السلمي للسلطة. اما اذا دار الحديث عن الوزراء و الوزيرات فحدث و لا حرج’ فهذه الوزيرة تحتضن يتيما و تسيل دموعها على وجهها امام مسرح الجمهور و تخبرنا ان الايتام و المشردين لا يتجاوزون اصابع اليد الواحدة في ظل عدالة امير المؤمنين ’ و ليصفق الجمهور كثيرا على روعة الاداء و حبكة النص, ثم ما يلبث ان يخرج علينا وزير اخر و هو يتبضع من احد المحال الشعبية امام( الكاميرا) تعبيرا عن الزهد و التقشف و الاحساس بالم المواطن’ متناسيا ثراءه الفاحش منذ قدومه لوزارته’ و يشتعل المسرح بالهتافات و لكن لم يساله احد من اين لكن هذا( لانه خارج النص طبعا). وولاة الولايات عندنا, دونما شك يستحقون جائزة الاوسكار في الدراما الحكومية , دون منافس’ فهذا الوالي مثلا يتجول في الاسواق و يجالس هذا و يسال تلك ’ امام الجمهور طبعا, قبل ان ياخذ بعض ( البرومات) و هو يحمل جوالا للثوم او عبوة شاي’ و يعد المواطنين ان الفرج اتي و انه ما اتى الا لصلاح الامر ووقف المعاناة’ مقسما و مغلظا في القسم العظيم’ و لكن ما يعدهم الا غرورا’ اذ بمجرد ركوبه عربته الفارهة’ تبداء الاسعار في التضاعف و الاسواق في الانفلات اكثر ’ في واحدة من عروض الكوميديا الحكومية السوداء’ و لو كان ( دانتي ) بيننا لصفق هو الاخر ’ و اعتزل الدراما ’ بعد ان وصل اهلها( الجد جد) .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة