عندما قدمنا للدنيا لم يكن هناك بيل جيتس ولا ستيف جوبس صاحب أبل و لم تكن هناك انترت ولا واتساب او فيسبوك ومن لف لفهم ، بل كان هناك الحرب الباردة بين الشيوعية والرأسمالية وهناك الفكر البعثي الذي اتي به ميشيل عفلق وانصاره ، والفكر الوجودي وصاحبه جان بول سارتر ورفيقته سيمون دي بوفوار ، وفي ظل هذه النظريات المتقاطعة لم نفهم شيئا ، كل واحد ضد الآخر ليثبت مدى خطائه ، في النهاية كلهم راحوا حال سبيلهم. في احدى المرات كنت اتجول في مكتبة الجامعة عندما كنت طالبا ، وقعت عيني بالصدفة على رواية اسمها " الدوامة " للمفكر الوجودي جان بول سارتر ، ولم اكن قد سمعت عنها ، ولا اعرف عنه سوي انه هو صاحب المذهب الوجودي ، بفضول الطلاب أخذت هذه الرواية ، وقرأتها ، واستمتعت بقراءتها ، وهي ليس لها علاقة بالفكر الوجودي انما عملا ادبيا سياسيا راقيا .
وهذه الرواية تحكى أن قصة زعيم لاحدي الدول وهو الذي ناضل حتى نال البلد استقلالها ، وقد كان محبوبا لدرجة الهيام من شعبه ، لكنه استمر في الحكم فترة طويلة دون ان يشعر فقد البوصلة ، ولم يحقق طموحات الشعب في التنمية والتقدم وفجأة اكتشف الشعب ان المعاناة ماثلة بين يديه ، وبدأ يعاني من شظف العيش ، وعدم وجود وظائف وهناك نقص في كافة الاحتياجات اليومية ،وازداد الفساد ، وظهرت طبقة من السياسيين الاغنياء ، فانتفض على هذا الزعيم وزمرته وخلعه من الحكم ، وعلى ما اظن قتل اثناء هذه الانتفاضة. ونسى الناس ما قام به الزعيم من جهود لتحقيق الاستقلال وتضحياته حتى تم ذلك ، وهذه حال كل زعيم يجلس في الحكم زمنا طويلا .
لأن الاستمرار في السلطة يولد الغرور ، ويحس الحاكم انه اكبر من النقد والمحاسبة. بالاضافة إلى ان الشعب تطور من حوله ، وهو في مكانه محلك سر ، وتجاوزه الزمن حتى اصبح لا يعي ماهي احتياجات الناس . وهذه هي حال الحكام الأفارقة الذين استمروا في دست الحكم لعشرات السنين ، ولم يقدموا شيئا لشعوبهم ، والناس يشاهدون ثرواتهم تنهب بواسطة المجموعات الحاكمة .
القارة الافريقية تعتبر من أغنى قارات العالم من حيث الموارد الطبيعية ، ففي جوفها الذهب و الالماس واليورانيوم والنحاس والحديد والنفط وكافة المعادن النفيسة ، التي تهرب إلى خارج هذه البلدان بعلم الجميع والشعوب يركبون القوارب المطاطية هربا من جحيم الفقر إلى القارة الاوروبية للحصول على حياة كريمة . والقارة الافريقية هي أكبر منتج للكاكاو والصمغ العربي والفانيلا و البهارات والتوابل النادرة التي تتوفر الا لديها .
ومن طرائف الحكام قرأت خبرا مفاده أن احدى الدول طلبت مساعدات من الاتحاد الاوروبي ، ويحكي احد وزراء الاتحاد الاوروبي طرفة مفادها أن وزراء الدولة الطالبة للمساعدات حضروا إلى الاجتماع بطائراتهم الخاصة ، اما وزراء الاتحاد الاوروبي اتوا برحلات جوية تجارية ، هذا هو الفساد الذي نحكي عنه. وقد شاهدنا حفلات الزواج الباذخ والطائرات الخاصة لهؤلاء الرؤساء والطائرات الخاصة والقصور داخل وخارج البلاد ، والشعوب تعاني اقصى حدود المعاناة ، لا أكل ولا شرب و لاتعليم ولا علاج وخدمات كهرباء أو مياه او طرق ، بنية تحية متهالكة ، ولافرص عمل ، مأساة حقيقة ، مما دعا الكثير من المثقفين في هذه الدول يدعون إلى ضرورة اعادة استعمار هذه الدول ، حتى تتم اعادة تأهيلها كي ترجع كما كانت ايام الاستعمار.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة