:: منذ أسابيع، تطلق وحدة الإنذار المبكر بهيئة الارصاد الجوي تحذيراتها لمستخدمي طرق المرور السريع، وتطالبهم بتوخي الحذر نسبة لنشاط الرياح المثيرة للغبار، وكانت قد غطت أجزاء بالبحر الأحمر، الشمالية ، نهر النيل و شمال دارفور.. ومن علامات الخريف أيضاً بدأ أول الغيث بالخرطوم وبعض ولايات السودان.. وعليه، فالميادين على موعد مع الطحالب .. والشوارع والأزقة سوف تتحول إلى برك آسنة .. ومن المستنقعات سوف تنتشر أسراب البعوض والذُباب وكل أسباب الأمراض .. والسلطات بكل ولايات ومحليات السودان، كالعهد بها دائما، تتوسد اللامبالاة و تلتحف التجاهل وكأن تحسب لمخاطر الخريف (مسبة)..!!
:: وعليه، كثيرة هي النماذج التي تعكس أن العقل الشعبي بالسودان كان - ولايزال - يتجاوز مخاطر الأزمات مرتقبة بالتفكير الإيجابي، وهو المسمى في مراجع الإدارة بالتفكير الإستباقي..وهذا النوع من التفكير هو المفقود في عقول أجهزة وسلطات الدولة، ولذلك تتجلى - على سبيل المثال - في مثل هذه الأشهر من كل عام من مشاهد وأحوال الناس والبلد ما تبكيك دماً ودموعاً.. فالخريف لم يكن في أي موسم من المواسم، ولا في أي بلد من البلاد، رمزاً للخراب والموت ..!!
:: كان و لايزال وسيظل هذا الخريف رمزاً للخير والنماء .. ولكن في بلادنا - حيث موطن عقول السلطات التي لاتتقن التفكير الاستباقي - صار الخريف رمزاً للكوارث ومصدراً من مصادر التوجس..وليس في الأمر عجب، هكذا دائما الحال بالدول التي لا تعرف معنى التحسب للأزمات الموسمية.. ( نبصم بالعشرة)، لم تبادر أية سلطة حكومية - طوال اشهر الصيف والشتاء - بالتفكير في تجهيز نموذج من نماذج التعامل الجيد مع مخاطر أمطار وسيول هذا العام ..!!
:: كل السلطات، الولائية منها والمحلية، بل حتى المركزية، كالعهد بها دائماً، تُجمًد عقولها وتنتظر الأمطار والسيول لتتعامل مع مخاطرها بردود الأفعال المرتبكة و (نفتح الخور دا) و (نقفل الترس داك)، وذلك بعد هطول الأمطار وتدفق السيول وخراب البيوت و الديار .. وبعد الدمار و الكوارث و إحصاء الضحايا سوف يُحمًلون القضاء والقدر مسؤولية عجز العقول عن التفكير..ولن تغادر حياة الناس في كل فصول الخريف بؤس الحال ما لم تتخلى السلطات عن نهج ( التواكل)، وترقب الأزمات لتضطرب ..!!
:: قرى بأكملها لاتزال في مجرى السيل بعلم وأمر وتخطيط السلطات، و هذه كارثة تصنعها الحكومة ثم تنسبها للقضاء والقدر سنوياً.. وشوارع المدائن تحتفظ بمياه الأمطار لحين التبخر أو التسرب إلى جدران منازل الناس بعلم وأمر وسوء تخطيط السلطات، وهذه كارثة تصنعها الحكومة ثم تنسبها للقضاء والقدر سنوياً.. وتتفاجأ القرى والمدائن بالسيول القادمة من بعد آلاف الأميال ليفقد أهلها الأرواح والممتلكات، لجهل السلطات اوتجاهلها تكنلوجيا الإنذار المبكر، والجهل والتجاهل كارثة تصنعها الحكومة ثم تنسبها للقضاء والقدر سنوياً.. !!
:: وتتمزق الشوارع كما الأوراق قبل أن تكمل العام عمراً بسوء التخطيط والتنفيذ الهندسي، وهذه كارثة تصنعها الحكومة ثم تنسبها للقضاء والقدر كل عام .. فالمطلوب من الحكومة ليس بحاجة إلى عبقرية.. وهو أن ترتقي أجهزتها إلى مستوى بُسطاء المجتمع في ( التفكير الإستباقي)، بحيث تسبق عقول السادة مخاطر السيول والأمطار بالتفكير في درء المخاطر، وخاصة أن المخاطر سنوية، أي لم تعد مفاجأة.. بالتفكير الإستباقي تنهض الدول والشعوب و تقي ذاتها المخاطر..ولكن الأنظمة الفاشلة والفاسدة التي تُدمن التباكي على آثار كوارثها، فلا يُرجى منها غير إستجداء الإغاثات ..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة