هذه المقدمة أو الخلفية نراها ضرورية قصدنا منها ان يلم القارئ بالملابسات التى ظهر واستخدم فيها هذا المصطلح ( الطائفية ) وحتى يتمكن من متابعة مايطرح من نقاش حول هذا الموضوع، فهل توجد فعلاً طائفية في السودان ؟ لكي نجيب علي هذا السؤال أونتمكن من اصدار الحكم لابد ان نعرف ماهي الطائفة؟ الطائفة معجمياً هي الجزء من الشئ وكما ورد في القرآن الكريم " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين" والطائفة الرجل الواحد الي الألف . وقيل أقله رجل منهم من قال رجلان ، يقال طائفة من الناس ، وطائفة من الليل وفي الحديث لاتزال طائفة من أمتى علي الحق ... الى آخر الحديث والطائفة الجماعة من الناس(3) أما في علم الاجتماع فهناك عدد من التعريفات للطائفة منها : هي جماعة منغلقة اجتماعياً ، أساسها الوراثة والولاء وتتميز عن الطبقة (caste / الطائفة (1 بأنها تقوم عادة علي أساس ديني ، وينعدم فيها الحراك الاجتماعي . (class) وقد عرف نظام الطوائف في شعوب مختلفة وأوضح مايكون في الهند ، وتوسع أخيراً مفهوم الطائفة بحيث يختلف مع الطبقة ، ويستخد مجازاً للذم ، فيقال روح طائفية وكذا (4). 2/ الطائفة : تمثل شيع وجماعات تعتقد بأفكار دينية مختلفة عن الافكار التى يعتقد بها الدين الأصل ، وغالباً ماتكون الطائفة معاديه للمجتمع الذي وجدت فيه وإذا لم تكن معادية فإنها لاتربطها بها روابط إجتماعية متماسكة. جماعة دينية تتميز بإنطوائها علي نفسها وجمودها الفكري واعتناقها المتعصب(sect)3/ طائفة لطقوس عقائدية (5) تدل هذه الكلمة في الاصل بالتمسك بالعقيدة الدينية(sectarianism)4/ طائفية أو مذهب التشيع علي ان الاشتراكيين الماركسيين يستخدمونها بمعني التشيع والمقصود به الانفصال عن غالبية جماهير العمال والتعلق بجماعات صغيرة من الحزب والامتناع عن الانضمام لنقابات العمال وغيرها من المنظمات الشعبية بحجة الاحتفاظ بنقاء المبدأ (6) من الواضح ان هذه التعريفات تختلف في تعريفها "للطائفة" فهي وفقاً لهذه التعريفات تغطي (The caste system) عدداً من الأنظمة الاجتماعية مثل نظام الطوائف في الهند كما تشمل التنظيمات الدينية التى تخالف الدين الاساسي مثل البهائية وغيرها إضافة اضافة الى الطرق الصوفية والتظيمات الدينية المشابهة ، ولكن الى أي مدي يمكن ان نطلق كلمة طائفية علي جماعة الانصار أو الختمية ؟ يلاحظ أن المعنى المعجمى لكلمة طائفة يعني أى جماعة من الناس ولايشتمل علي معني يفهم منه المغايرة ، أو وجود رابط يربط بين أفراد هذه الجماعة ، والتعريفات التى تعرضنا لها في نطاق علم الاجتماع نجد انها تحدد الطائفة بأنها جماعة " دينية" وان التمايز عن المجتمع يبرز كعنصر مهم في هذه التعريفات وهذان العاملان تشترك فيهما معظم التعريفات ، ثم توجد عناصر أخري مثل الولاء ، والتعصب والجمود الفكري لتركز عليها بعض التعريفات وتهملها أخري ، فهل تنطبق علي الأنصار والختمية هذه السمات أو العناصر التى أشرنا اليها ؟ فمما لا شك فيه أن الختمية والأنصار جماعتان دينيتان ولكنهما لاتتمايزان عن بقية المجتمع في الاعتقاد الديني ، او علي المستوى الاجتماعي والسياسي اذ يمارس افرادهما حياتهم العادية مع افراد المجتمع الاخرين ، ويعامل افرادهما بنفس القوانين التي يسنها المجتمع ، كما انهم لايتمتعون بأية حقوق لايتمتع بها الاخرين ، مما ينفي عنصر التمايزعن المجتمع الذي توصف به الطائفة والعناصر الاخري مثل الولاء والوراثة نجدهما في تنظيمات حديثة مثل الأحزاب والأنظمة السياسية حتى الإشتراكية مثل ( كوريا الشمالية ) والتعصب نجده في أكثر التنظيمات حداثة مثل فرق كرة القدم ، والانتماء الايديولوجي ( يساري/ يميني) كما نجده في تنظيمات أخرى مكانية أو قبلية . أما الجمود الفكري أو الانغلاق فلا أعتقد ان أياً من الجماعتين تنطبق عليهما هذه الصفة ، فهذه الجماعات تفاعلت مع الاحداث السياسية في السودان ، فجماعة الختمية كانت قريبة من تنظيمات القوميين العرب كما أن جماعة الأنصار تطور فكرها السياسي خلال العقود الماضية ليتفاعل مع القضايا الوطنية في البلاد ، والممارسة السياسية لاى من هاتين الجماعتين في حد ذاتها تنفي عنهما صفة الجمود الفكري والانغلاق ، اذ تبلور فكرهما في إنشاء أحزاب سياسية وفكرة الرفض للآخرين التى يحاول البعض لصقها بهاتين الجماعتين ليست موجودة لا علي المستوى الفكري أو الإجتماعي أو حتى الديني ، وهي أوضح مايكون عند تنظيمات أخري سياسية في السودان ( حديثة ) وغير تقليدية حيث تسود النظرة الآحادية والاستعلاء الفكري بين أفراد الجماعة والنظرة العدائية للمجتمع نفسه .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة