*كتبت عن هذه الحكاية من قبل.. *بل عن المسخرة التي تمت باسم الفن... والنقد.. *فأمير خليجي لا يفهم في الرسم إلا بمقدار ما يفهم كاتب هذه الزاوية في النسبية.. *وفي سياق محاولة قتل الوقت باللهو أراد أن يلهو فنياً ذات يوم.. *وما درى أن لهوه ذاك سيكشف عن مدى ما يُمارس من لهو تحت مسمى الثقافة.. *حتى وإن كان لهواً ينطوي على نفاق... ورياء... ودناءة طبع.. *فقد أحضر لوحة بيضاء ونثر عليها جملة ألوان زيتية... كيفما اتفق.. *وفي رواية أخرى؛ شخبط عليها بالفرشاة (شوية شخابيط).. *ثم دعا نفراً من النقاد المتخصصين في فن الرسم التشكيلي ليكتبوا عن اللوحة.. *وفوجئ في اليوم التالي بسيل من الكتابات... بصحف مختلفة.. *وكلها تتغزل في (ما ورائيات) للوحة تحكي عن واقع العرب... بإبداع فريد.. *(واقعهم) في مجالات السياسة... والثقافة... والتطور.. *مع أن الأمير لم يكن مهموماً بحال العرب ؛ لا (الواقع) منه... ولا القائم.. *وإنما كان مهموماً بشيء واحد فقط... أن يتسلى.. *فوجد أن اللهو مع المتثاقفين... وبهم... وعليهم....... هو قمة التسلية.. *وهم متوافرون بعالمنا العربي... في كل زمان ومكان.. *أو بدقيق العبارة ؛ حيثما... وأينما... وكيفما وُجدت الشمولية وغابت الديمقراطية.. *ومتوافرون بشدة - كذلك - في مجال (اللهو السياسي).. *وعبد الناصر كان يلهو بمصير مصر... وما حولها في العالم العربي.. *فكان لهوه في سوريا طفولياً... وفي اليمن دموياً.. *أما داخلياً فكان مأساوياً؛ إذ انتهى بمصر- والمصريين - إلى نكسة حزيران.. *ومن خلفه هيكل يقوم له بدور نقاد الأمير الفنيين أولئك.. *فأغلب خطواته السياسية كانت عبثية... فيحيلها هيكل إلى (إبداعات فريدة).. *ولكن الفرق بين الأمير وناصر أن الثاني هذا كان (يصدِّق).. *كان يشخبط بقلمه أية قرارات ارتجالية على لوحة مصير بلد... ومصائر ناس.. *فيرتجل له هيكل بقلمه - فوراً- ثناءً... ومدحاً... ونفاقاً.. *وفي محيطنا العربي الشمولي أمثال من ناصر... وأشباه لهيكل.. *فيستنسخ (واقع) العرب - من ثم - نماذج من نثر ألوان العبث على لوحات السياسة.. *فإن شرَّق النظام شرّق معه (الهيكليون)... وتغزلوا في لون الشروق.. *وإن غرَّب غرَّبوا معه... وتغزلوا في لون الغروب.. *وإن وقف مكانه محتاراً وقفوا معه... وتغزلوا في لون الحياد الرمادي.. *فهم يلوِّنون... ويتلونون... وينافسون الحرباء في التلون.. *وتظل أبصارهم معلقةً دوماً باللوحة ليروا أي لون نُثر عليها... من بعد لون.. *أو أي شخبطة شُخبطت عليها... من بعد شخبطة.. *أو أي إبداع (سريالي) فريد رُسم عليها..... من بعد إبداع.. *وبعد أن تغيب ألوان النظام يكتب التاريخ على لوحته أن النظام كان يشخبط.. *وأن كل لوحاته كان عنوانها (الواقع !!!).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة