كان متوقعاً فصل الدكتور عصمت محمود من جامعة الخرطوم فى ظل الوضع السياسى الذى تعيشه بلادنا خاصة مواقف الدكتور الصلبة فى وجه إدارة الجامعة وسياستها الأمنية المتماهية مع النظام فى رؤيته ذات القبضة الامنية لإدارة الجامعة ومواقفه الصلبة كذلك فى التمسك بحقوق الطلاب والموقف الواضح من بيع الجامعة . الدكتور عصمت كل آرائه ينشرها فى صفحته الشخصية على موقع التواصل فيس بوك بكل وضوح ومن غير أى مجاملة وهذا الذى جر عليه العداء من إدارة الجامعة وجعلهم يحققون معه فى بعض منشوراته ثم بموجب ذلك تم فصله . فى ذات مرة هدده أحد المنتسبين الى ( السائحين ) - بأنه سيكون أول ضحايا التغيير – طبعاً حسب خلفية الدكتور عصمت الإسلامية وقال له بأن الشيوعيين والعلمانيين لن ينسوا إنتماءه للحركة الإسلامية والوقوف مع النظام فى بدايته وسينتقمون منه فى حال تم تغيير هذا النظام ’ وهذا هو هاجس الإسلاميين فى السودان فهذا الخوف من التغيير لا يأتى من فراغ وانما هو إعتراف ضمنى بجرائمهم التى ارتكبوها فى حق الشعب السودانى سوا كان يساريين أو غيرهم وهوس المحاسبة التى تنتظرهم تجعلهم لا يقبلون بأى رؤية للتسوية وعدم ثقتهم فى الجانب الآخر فى إيفاء العهد وذلك لأنهم لا يوفون بعهودهم كطبيعة جبلية فيهم ولذلك سيبقون متمسكون بهذا النظام الى آخر رمق . فعندما سمع الدكتور عصمت بهذا التهديد رد عليهم بقوله ( يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية ) فى إشارة إلى الآيه 77 من سورة النساء . ومضمون هذه الإشارة أن الدكتور عصمت لا يهمه أن تتم محاسبته على ماضيه من البشر بقدر خوفه من الله أن يستمر مؤيداً للطغيان ولا يهمه أن يخسر دنياه مقابل آخرته التى هى أبقى ولذلك يصدع بالحق دوماً . وهو ليس مثل كثير من الاسلاميين الذين نأووا بأنفسهم وآثروا السكوت عن قول الحق خوفاً من بطش النظام . هناك صفة كذلك ملازمة للدكتور عصمت وهى عدم المكابرة والقبول بالحق والرأى الآخر إذا كان صواباً والإعتراف بالخطأ واذكر أنه كتب على صفحته ذات مرة ( سوف أتنازل عن 12% من نصيبى فى الجنة مقابل هذه الاغنية ) وكانت الاغنية لإحدى المغنيات الاوربيات فكتبت له تعليقاً على هذا البوست ( إذا لم يكن الحساب مهكراً فأعوذ بالله منك ) أنا فى رؤيتى أن هذه القضايا الوجدانية الدنيوية لا يجب أن نحشرها فى قضايا غيبية اخروية ’ فما كان من الدكتور عصمت إلا أن رد على التعليق بكل دبلوماسية وبلا مكابرة وباعتراف ضمنى بالخطأ قائلا ( جاء فى الحديث – أعوذ بك من نفسى التى بين جنبي ) . لم ينبرى الدكتور عصمت مدافعاً ومنافحاً كما نرى كثير من السياسيين والمفكرين والمقفين الذين ما إن تنتقده فى رؤية بل وتفحمه حتى تنتفخ أوداجه وينفش ريشه ويستميت مدافعاً عن رؤيته الخاطئة رغم إعترافه داخل نفسه بأنه أخطأ ولكن المكابرة والعزة بالإثم تعميه عن الإعتراف بالخطأ فيا ليتهم يتعلمون من شجاعة الدكتور عصمت محمود . لقد صنع الدكتور عصمت محمود لنفسه كاريزما داخل جامعة الخرطوم وذلك بوقوفه مع طلابه فى وجه الظلم الذى حاق بهم وبوقوفه ضد قضايا إدارية تريد أن تورد جامعة الخرطوم موارد الهلاك . وسيظل الدكتور عصمت رمزاً للنضال المدنى المستنير والمستبصر وستكون جامعة الخرطوم قد فقدت أهم ركائزها التى كانت تستند عليها من بطش عديمى الضمائر الذين لا يجدون أدنى حرج من بيع هذا الصرح الوطنى ونقول للدكتور عصمت لم تخسر شئ بل خسر طلابك وخسرت جامعتك.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة