|
افطار " الشوارع " سوداني
|
* رمضان عادة لا يبدأ بثبوت رؤية الهلال لان نساء السودان يستعدن للشهر الفضيل قيل دخول رجب وشوال بتجهيز رقائق " الحلو مر " المشروب الاكثر تداولا مصنوع من الذرة والتمر والكركدي وبهارات نكهة كالهيل والقرفة وتجهيز لحم مجفف ومسحوق بامية مجففة وطحين قمح او ذرة لزوم العصيدة و" العقود " كمشروب دافيء لذيذ الطعم مسكر ومخلوط بالعرديب او ما يعرف بالتمر هندي . * ولرمضان طقوس شعبية تتميز بفصيلة " أفطار الشوارع " والتي هي فصيلة سودانية بامتياز كتأصيل لافطار الصائم باقامة مؤائد ينصبها الاهالي بعفوية بالطرقات والميادين العامة ولا تسمح لاي عابر طريق ان يمر قبل ان يشاركهم الافطار وصبيان الحي هم من يقوموا بتجهيز ساحة تنظف وتفرش بالرمال وتحاط بالطوب في شكل سجادة صلاة وترش بالماء وقبل اذان المغرب يتسابق الجميع لاخراج " صينية " الفطور وحتى ولو بها فقط " كورة عصيدة " محاطة بملاح روب او تقلية وبليلة وبلح وما توافر من عصير كركدي و ليمون او حلو مر . * افطار الصائم في العرف السوداني ليس وقفا على الاغنياء والمؤسرين بل هو واجب محبب للجميع ترتسم به معاني التكافل لعابري الطريق والعزاب ومن داهمهم الاذان من المسافرين وفيه مؤازرة وتنوع لطعام الفقراء لتناولهم من طعام جيرانهم وجبر لخواطرهم وكل بحسب قدرته وامكانياته وتشكيل للمكنون الثقافي والتنوع لان حلبة الافطار تزخر بانواع من كل اقاليم البلاد بتنوع طبخاتهم واختلافها . * وافطار الشوارع في الاحياء الشعبية يعتبر قيمة مضافة لتواصل الجيران وتلاقح ثقافي انساني بين القبائل والبيوتات الكبيرة فمعروف ان اهل شمال السودان جل غذاءهم الرئيسي القمح والفول والذرة الشامية والتمر واللوبيا وغالبية البقوليات والكركدي والعرديب والقنقليز " التبلدي " من كردفان والقضارف وتتشابه ماكولات اهل شرق السودان وما يتناوله اهل الجزيرة العربية كالصيادية بالسمك والتمر والقهوة الخ * وعادة تنفض هذه المجالس بعد اداء صلاة التراويح ولا تخلوا من الحكايات والطرف يحكي ان بائع متجول كان ضيفا مستداما على مائدة افطار احدى الاحياء وكان مغرما بسلطة " اللبن بالخيار " فغافل صبي والدته وخلط بالسلطة كمية من " الشطة " فما ان أكل البائع ملعقة إلا وتناول عصير القمردين وشربه كاملا فبكى الصبي بحرقة فالقمردين من العصاير غالية الثمن وكان الصبي يمني نفسه به فتندر به رفقاءه . * صحيح ان الظروف الاقتصادية ارتسمت ملامحها على هذه العادة الاصيلة فضمرت وشحت مكوناتها وما عادت تحتوي على لحوم وفراخ وعصائر قمردين ولكن ما زالت الاسر تتمسك بها بحسبان افطار عابري الطريق والجيران مقدم على افطار اهل الدار وترسيخ لمقولة " من عنده فضل زاد فليعد به على ما لا زاد له " حتى ولو بتمرات وبليلة سيدة افطار الصائم المؤمن القنوع . عواطف عبداللطيف awatifderar [email protected] همسة : البعض يكب فضلات إن احسن توظيفها لسدت رمق بطون جائعة وضامرة .
|
|
|
|
|
|