|
Re: الشفافية ركن في محاربة الفساد وشرط في الحكم الزاهد (Re: محمد عبدالرحمن)
|
ثانيا: التجربة الإسلامية: الحكم الراشد قيمة تطلع إليها الإنسان عبر العصور وهو يقوم على أربعة أركان: المشاركة- المساءلة- الشفافية- وسيادة حكم القانون. هذه القيم كلها توجد في النصوص القطعية الإسلامية.. إنها تتطابق مع مبادئ الإسلام السياسية- أي الشورى، والنصيحة، والصدق، وسيادة أحكام الشريعة.. والنصوص الإسلامية التي تؤكد مبادئ الشفافية وتحرص على نقاء ذمة الحكام وانتفاء المحسوبية وغير ذلك من مصادات الفساد كثيرة، ومع اختلاف تفسيرات الآية: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ، إلا أن البعض يذهب إلى أن المقصود منها رشوة الحكام للحصول على منافع بالباطل.. وقد روى عدد من الصحابة أحاديث نبوية عن لعنة الراشي والمرتشي في الحكم، ومع أن الهدية وتقبل الهدايا مما أثر عن النبي (ص) كما أثر عنه حثه على التهادي، إلا أن الإمام البخاري أفرد بَابا "في مَنْ لَمْ يَقْبَلِ الْهَدِيَّةَ لِعِلَّةٍ" وَأن عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قال: "كَانَتِ الْهَدِيَّةُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةً وَالْيَوْمَ رِشْوَةٌ"، مما يؤكد الحرص على برء ذمة الحكام من الرشوة. أما المحسوبية فقد روي عن النبي (ص) قوله: " إِنَّمَا ضَلَّ مَنْ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا " . وكذلك القرآن ضاج بالآيات عن أداء الأمانات إلى أهلها، والعدل رغم الشنآن، ولا يمكننا في هذا المقام بالطبع حصر كافة النصوص التي تحارب فساد الحكم وتحث على نزاهته في الإسلام، فتكفي الإشارة لهذه المبادئ الحاكمة للمعاملات الاقتصادية والمالية والإدارية في السياسة الشرعية. وحيثما افتقد المسلمون هذه المبادئ طالبوا بها واحتجوا على الحكام.. لقد احتج بعض الصحابة على ممارسات الخليفة الثالث عثمان بن عفان عندما أقطع أرض كسرى الخاصة لنفسه وجعل منها عطاياه وصلاته. وكان أبو ذر الغفاري كبير المحتجين حتى أن عثمان نفاه من المدينة.. هذا الاحتجاج كان أكثر حدة لدى الخليفة الأموي الأول الذي جعل الخلافة ملكا وتوالت بينه وبين أبي ذر المواجهات: قال أبو ذر لمعاوية: ما يدعوك أن تسمي مال المسلمين مال الله ؟ قال معاوية: يرحمك الله يا أبا ذر. قال أبو ذر: فلا تقله. قال معاوية: فإني لا أقول أنه ليس لله ولكن سأقول مال المسلمين. ثم جاء حكم بني مروان الذي أوغل في الاستبداد وبالتالي في الفساد: مهر الفتــاة بألف ألف كامل وتبيت سادات الجنود جياعا لولا أبي حفص أقول مقالتي وأقص ما سأقصكم لارتـاعا
|
|
|
|
|
|
|
|
|