|
كاتب إنقاذي ينتقد فساد اهل الانقاذ!
|
فقه الإختلاس«2-2»
علي يس
* برغم المشفقين على «المال العام» وبرغم الاخوة المتورعين، المنزعجين، من مساعدي أخينا ذاك والعاملين معه، والذين لا أحسب أن يجتمع ثلاثة منهم على ضلالة أو إفتراء.. أقول: برغم ذلك، فإنه ليس يعنيني هنا، ولا يقع ضمن أولوياتي، أن يحاسب الرجل، أو أن يعفى من موقعه، لأن الأمر أكبر من ذلك بكثير.. الأمر وراءه مصيبتان في فقهنا وتفكيرنا وتصوراتنا للدين. * إحداهما تصور بعض إخواننا الذين جاهدوا في الله وزهدوا في الدنيا ردحاً من الزمان، أن الوقت قد حان، لاستلام «الجائزة»!! ولا يبعد أن يكون هاتف شيطاني قد هتف لبعضهم: - إن الله قد نظر الى سابقتكم في الجهاد، وبلائكم في الدين، وزهدكم في الدنيا، وصبركم على المكاره، فقال لكم «إفعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم». * وهؤلاء الاخوة، وهم ليسوا بقليل، أعرف منهم من يظن أن آية «التمكين» قد نزلت في شأنهم! وأعرف منهم من عاش شبابه وكهولته متجافياً عن الدنيا زاهداً في حطامها، حتى لقد كنت والله ألتمس «البركة» في النظر الى أحدهم!! * ثم دار الفَلَك دورة، والتمست الأمة «خيارها» هؤلاء في خريف شيخوختهم، ليسدوا بعض ثغور العمل العام، فإذا بي أزور بعضهم بعد حين فأراه «يعوم» في ترف مقزز، ما كان يستحل مثله أيام شبابه، وكأنه ما قرأ عن عمر بن الخطاب إذ يبكي قائلاً للرسول «ص»: ينام ملوك فارس والروم في الحرير والديباج، وأنت رسول الله وحبيبه، تنام على الحصير حتى يؤثر في جنبك، فداك أبي وأمي!!. * وكأنه ما قرأ ولا سمع قول الحبيب، مبتسماً لعمر ما معناه «هذه جنّتهم يا عمر، وما عند ربنا خير وأبقى». * فإن أنت سألت أحدهم عمَّا تبَّدل من حاله، فجعك باستشهاد من قبيل استشهاد «بُرد» أبي بشار الشاعر، حين قال مدافعاً عن سوء أدب ابنه: ليس على الأعمى حرج. * يقول لك أخوك في الله، مفنداً إنكارك عليه حياة الترف والدعة «قل من حرَّم زينة الله...» أو «أحل لكم الطيبات» وبدا لك أنه نسي ما عرفه في شبابه، من أن «الترف» ذميم في ذاته أيَّاً كان مصدره، وأن «المترف» لا يكون مؤمناً قط لأن الله جعل «المترفين» رسل الفساد في الأرض والفسوق: «وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها العذاب». * تلك كانت إحدى المصيبتين اللتين أسستا هذا الترخص في المال العام. * أما المصيبة الأخرى، والأخطر فهى أن بعض ذلك الفساد يتخذ مشروعيته من بعض السموم المندسة في تراثنا الفقهي الإسلامي، وأخطرها على الاطلاق حديث منسوب الى نبي هذه الأمة صلى الله عليه وسلم (ما أشك والله في أنه موضوع حتى ولو صححه البخاري ومسلم وأصحاب السنن وأئمة المذاهب الأربعة).. ذلك الذي نصه: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم». وقد أسس بعض اخواننا من الدعاة، على ذلك الحديث عقيدة سقيمة، يعتقدها كثير من ضعاف البصيرة فحواها أنه يمكنك أن تتعبد الله وتتقرب اليه بالعمل، وبنقيضه! فإن سألت أحدهم: كيف ذلك يا مولانا؟ قال لك: لقد تعبّد الفاروق عمر، الله وتقرَّب اليه، بحرمان أقاربه وذوي رحمه من مناصب الدولة، ثم تعبد عثمان ربه وتقرب إليه بتمكين أقاربه وذوي رحمه في أخطر مناصب الدولة! وكلاهما أصاب «!!» * وواضح بالطبع إن ما أدخل الفقهاء في نفق التناقض هذا، هو ذلك الحديث، الذي ينزه الصحابة ابتداءً ويجعلهم معصومين الى حد أن يكون أى منهم، في جميع أمره، قدوة دائمة، وهدىً مضموناً، فلا يجرؤ أحد منهم على أن ينسب الى صحابي خطأ أو ضلالة، برغم كل ما ورد في القرآن وفي صحيح السنة وفي «صريح العقل» مما يفيد أن الصحابة بشر بلغت بشريتهم أن ارتد بعضهم عن الدين في حياة الرسول أو بعد وفاته.. ناهيك عما هو دون ذلك من ضلال أو حتى «خطأ في الاجتهاد».. لا يجرؤ إخواننا هؤلاء مطلقاً على تقرير ما يفيده كل ذوق سليم وعقل رشيد، من أن ما فعله عمر كان صواباً يوافق روح الاسلام وقيم الانسانية العالية، وأن ما فعله عثمان لم يكن كذلك. (قد نعود الى بعض ما أجملناه هنا، ببعض التفصيل يوماً).
من موقع الصحافة www.alsahafa.info
|
|
|
|
|
|
|
|
|