مختارات من رسائل الأصدقاء

الأخ هيثم بابكر
والاحترام كله لك وحدك يا سيدي الكريم.
رأيتك تلوي بأعنة الخيل في مضمار الطراد وتجهد خاصرة الجياد تجوب بين مفردة منتقاة بذوق عالٍ. تسرح في مساحات الجمال. تناشد البلابل بين الخمائل وتبذها ، تشدو كالكناري إن راقصت صغاره ثم تحلق كالبازي إذا استقل سماءه.
تدخل اليوم حديقة ثمارها من دفق أصدقائي، فتصفق الجنة أشجارها وتهتف أطيارها، أيها المزن الهطول.
ولا أملك نفسي من عربدة الفرح في فؤادي وأهتف مع الكون كله:
مرحى بقدومك يا هيثم، يا ليث ، يا ضرغام ويا ابن الهزبر الغضوب.
الأخ هيثم:
قصدت من هذه الصفحة أن أعمد إلى رسائل كثيرة ، تصلني من الأصدقاء. شأنها كشأن كل الكلام ، فيها الجيد الراقي، وفيها الغث أو بالأحرى الذي لا يفيد. وهنا أبسط إنتاج أصدقائي عله يفيد غيري ، بعد أن نلت فائدته وجنيت ثمرته.
قصدت أيضا أن تكون منوعة فلم أهمل فيها الطرفة، وإن كانت غير مقصودة لذاتها. وأرجو أن يجزيني ربي خيرا وأن يغفر لي إن أخطأت في شيء، وأثبت بريدي لمشاركة أصدقاء جدد وأرجو أن يكونوا من خير (الأصحاب) وأن يجدوني كما يتمنون.
(خير الخليل خليل إذا نسيت ذكرك وإذا ذكرت أعانك وشر الخليل خليل إذا نسيت لم يذكرك وإذا ذكرت لم يعنك.) وأسأل الله حسن القصد على كل حال.
أصبت أخي في ذكرك ما قلت في معرض (الفقر)، فنحن دائما في خير وعافية، فنصيب الأجر إن شكرنا أو صبرنا. و لله حكمة في أن يبتلي البعض بالفقر وأن يبتلي البعض بالغنى.
قال ابن أدهم يسأل أحدهم:
" كيف الزهد عندكم في الكوفة؟"
فرد الرجل:
" إذا أُعطينا شكرنا وإذا حُرمنا صبرنا"
قال إبراهيم بن أدهم له:
هكذا حال كلام ( بَلَخٍ).[يقصد أن الكلب يهز ذيله شكرا إذا منحته طعاما، ولا يجد سوى الصبر إن جاع]
قال الرجل :
" وكيف الأمر عندكم؟"
فرد ابن أدهم:
"إذا حُرمنا شكرنا وإذا أُعطينا آثرنا"
وأشكرك أخي هيثم