|
همسٌ حميم إلى ناعسة العينين (33)
|
همسٌ حميم إلى ناعسة العينين (33)
ابوبكر يوسف إبراهيم
تجليات الجسد ومعنى القبل:
حبيبتي..،
من تجليات الجسد عندما تتعطل لغة الكلام وتعجز العبارات والكلمات عن توصيل قمة المشاعر الإنسانية والوجدانية والعاطفية يبدأ الجسد بإملاء تمويهاته وإيماءآته ، وتجد أن العشاق فجأة تسمروا وإستقرت عينا كل منهما مقابل عينا الآخر في نظرة أفقية ثم فجأة تبدأ عينا الأنثى في النظر إلى أسفل وكأنما هي إشارة تبلغ عينا الحبيب بأنها في أروع وأنقى وأصفى حالات الإستقبال ويبدأ لجسدا العاشقين تداعياً فيقبل كلٌ منهما تجاه الآخر بحركات محسوبة ولكنها لا إرادية.. محسوبة بالرغبة في التقبيل ولا إرادية لأنها غير مبرمجة سلفاً.. تلتقي الشفتان لأن لغة الكلام لم تعد كافية للتعبير عن الحب فكانت القبلة تحمل مجمل المشاعر والعبارات مطغوطة (Compessed) لأنها تعبر عن الكثير في وقت وجيز مهما طال نسبياً .. قبلة تسري قشعريرتها كلمس التيار في للألياف البصرية.. تبلغ كل مدىً حساس لدى الحبيبة.. نقل المشاعر عبر ذبذبات القبلة وتجليات الجسد هي قمة الروعة في التعبير.. ملف كبير من مالوقيل لإحتاج للكثر من الوقت والكثير من الحديث والبحث عن العبارة المناسبة في الوقت المناسب!!
حبيبتي..، تسألينني لماذا تغمض العينين حال إلتقاء الشفاه ولماذا لمن يغيب المحبين عن الوعي أو كأنما قد دخلوا في غيبوبة؟!!.. فأقول عندما تغمض العينان عند إلتحام الشفاه فهو حالة إغتراب النفس عن واقعها والعروج بها إلى المعارج الحالمة حيث يتمنى المحب أن يعيش.. وتلك الغيبوبة الوقتية هي مرحلة وقتية يكون كل من الحبيبن قد أوصل رسالته للآخر وكل منهما ينتظر إستيعاب العقل للرسالة والرد عليها فإن لم تكن هناك محازير فلربما كانت الإجابة إمتداد القبلة لتستمر لأطول مدة ممكنة ولكن قد تكون القبل مستمرة ومتقطعة بين المحبين ففي هذه اللحظة هما في أخذ ورد .. مدٍ وجزر .. تجاذب وتعاقب .. نهنهة وهمهمة وهي لغات حسية تدركها الحواس ولا يستطيع أن يعبر عنها بلسان الحال والمنطق.
حبيبتي..، أخاف أن أكون قد دخلت إلى منطقة المحظورات وأعشاش الدبابير فلا تسلم أصابعي .. دخولي إلى منطقة التابو ولكن أذكرك بوصية النبي الحبيب في حجة الوداع حين أوصي بالمرأة فقال الصادق الأمين الذي أرسل ليتمم مكارم الأخلاق رفقاً بالقوارير).. بأبي وأبي ونفسي أنت يا رسول الله ، الرفق بالشيء هو تناوله بمنتهى الحنية والحنان والعطف لرقته ورهافته.. فكيف لا وحتى في الهجر أوصانا الله أن يكون هجرنا جميلاً ليس قاسياً وليس فاجراً.. الأنثى أرق مخلوقات الله لذا كانت كل الوصايا الإلهية والنبوية مقرونة بالعطف إليها والتعامل معها بإحسان .. تصوري ليس هناك أصعب وأمر من الصبر فإن كان الله قد قال( فأصبر صبراً جميلاً).. فكيف لا يصبر على الحبيبة إن كان منها ما يحزن وهي التي إلتحمت مخارج الحروف والحديث بينهاوبين حبيبها في تلك الغيبوبة التي حملت كل رحيق الكلام في رسالة مضغوطة .. فما بالك بتلك الأحضان الدافئة التي هي أيضاً من تجليات النفس والروح والجسد .. تبدأ مرحلتها بإيماءآت لم يخطط لها الحبيبان ولكنها تأتي وفق حضور مشاعر بعينها في لحظة لابد فيها من الإلتحام بين الذات والروح في لحظة ما تعبيراً عن دفعة من عاطفة جارفة ربما تصل إلى غيبوبة تامة يذوب فيها الإثنان كمن يريدا أن يشهدا شاهد على حبهما ومدى عمقه .
حبيبتي..، يقول الصوفية في عشقهم أعذب كلام في الحب قرأته وهم من يؤمن أن لكل ظاهر باطن .. لذا فهم أهل الباطن والجميل فيهم قولهم في الحبيب هو الآتي:- ( لا العين تبصره ، لا الحد يحصره لا الوصف يحضره ، من ذا ينادمه)!!
لذا فإن المناجاة بين العشاق تأخذ مناحٍ مختلفة‘ فمنهم من يناجي الروح.. ومنهم من يتغزل بالمفاتن.. ومنهم من تأسره المقل .. ومنهم من تأسره النهود.. ومنهم من تأسره الذات .. ومنهم من تأسره الذات والروح والجسد وهذا هو أصدقهم وأوقعهم إلى الحقيقة .. فلا هو زاهد ولا هو من بني عذرة ولا هو راهب إنما إنسان جمع بين الوجدان والروح والنفس .. بين الحس والمشاعر.. فأنا حبيبتي لست راهباً ولا زاهداً ولا أنتمي لبني عذرة وإنما أنا فراشة أحلق بين روضة أزهارها متنوعة ومنها النفس والجسد والروح والذات والجسد .. والى الغد ملتقانا
|
|
|
|
|
|
|
|
|