قادني قدري لمشاهدة برنامج في القناة السودانية ليلة أمس، اسمه الخط الساخن. كان الضيف وزير التعليم العام وعلي الهاتف من طرف آخر وكيل وزارة التعليم العام. الموضوع عادي في بدايته، أسئلة سريعة وإجابات مبتورة مبعثرة. ووكيل الوزارة كانت كل إجاباته (عنترية) ومفروض علينا أن نسلم بها ليس لصحتها ولكن لأنها صادرة منه (شخصياً). وللإنصاف فقد كان الوزير أكثر شفافية من الجميع ويبدو أنه محكوم بالقرارات السياسية وليست الفنية. المهم في الموضوع ليس كل ما ذكرت.. ولكن صور حية رصدتها الكاميرا وتم بثها قضت مضاجعي وأثارت مواجعي (دة شعر أظن).... صور لمدرسة ليست في مناطق نائية ومهمشة بل في قلب العاصمة. هذه المدرسة لو سألنا الجن والشياطين أن تسكنها لضحكت علينا لأنها لا ترقي حتى لمستوى (الخرابة) ... وليس بها أدنى مقومات الحياة ولو كنت تريد أن تستظل بها فقط ناهيك عن الدراسة بها. كل الفصول مكونة من ثلاثة جدران مهدمة ودون سقف ، بكل فصل دراسي ما يزيد عن المائة طالب بقليل منهم عشرون يجلسون على أشياء لا أدري ربما كانت كراسي أو شئ قريب منها والآخرين يجلسون على الأرض ويحدقون بأبصارهم نحو مجهول لا يعلمه إلا الله. الوجوه (وجوه الطلاب والطالبات)... تنبئ بمستقبل يتم تدميره عمدا ومع سبق الإصرار والترصد... قرأت في عيونهم ما جعلني أكتب الآن وأرتجف غضباً وحنقاً وغيظاً والأهم من ذلك خوفاً على مستقبلهم ومستقبل الوطن. سألوا الوزير فقال أن هذه الأشياء من إختصاصات المحليات، وهو صادق لأن ذلك من لوائح تنظيم العلاقات الإتحادية حسب ما خطته أقلام السادة السياسيين العظماء. وتبرع وكيل الوزارة بإجابة كدت أن أسقط مغشياً علي وغير مأسوف على شبابي الذي راح منذ زمن. قال: أن يدرس هؤلاء بهذا الوضع خير من ألا يدرسوا........ ولكن لماذا يدرسون أصلاً بهذه الطريقة ، وكيف يدرسون؟ هل يتم خداعهم بهذا النوع من التعليم؟ تذكرت هنا وقد كادت الدموع تنزل لولا أن بنتي كانت قريبة مني ، وأخشي أن تتهمني بالجبن، تذكرت الفلل الرئاسية وكيف تم بناؤها في وقت قياسي.. وواحدة منها كفيلة ببناء مدرسة يستطيع فيها هؤلاء الأبرياء أن ينالوا تعليماً جيداً.... ولكن بما أن كل أبناء المسئولين يدرسون في مدارس خمسة نجوم فليذهب الكل للجحيم وأطفال أطراف العاصمة الذين طردتهم مناطقهم لقسوة الظروف المصطنعة ، تطردهم حتى أطراف العاصمة بل وتتعمد أن تجعل منهم جهلاء وكفاية يقدروا (يفكوالخط) ومش ضروري يعرفوا لغات أو كمبيوتر لأننا بعيدين جدا عن القرن الخامس عشر أو هكذا يريدون لهم ولنا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة