|
من إنقلب على من ؟! و من عاد إلى من .. البشير أم الترابي ؟!
|
* وعاد الترابي نجماً على الشاشة السودانية.. والمذيع يخاطبه بأدب التلامذة (يا شيخ) ويعفيه من الإجابة على السؤال المحرج.. وهذا جيّد اذا كان لطمأنة الترابي بأن تلفزيون (عوض جادين) الاسلامي مازال يحبه.. وجيد للوفاق الوطني ولمآرب اخرى..! * أنا لم اشطح بعد الرابع من رمضان ولم اقل أن ما حدث يمثل مسرحية جيدة الحبك والاخراج، ولم اقل أن الحكومة باعت الترابي للغرب..! ولكن الصحيح أن ماحدث في الرابع من رمضان و بدقة : كان (مفاصلة سياسية) على مستوى قيادات الصف الأول وجزء من الثاني .. أما (المفاصلة الفكرية) لم تحدث ومازالت الكوادر في (الثاني - والثالث) مزيج بين الوطني والشعبي..! * طريقة الترابي في توجيه دفة الحوار لم تتغير ومحاولته لتلقين الإعلام خطوط مثيرة لم تتغير! حتى لغته التي نعرفها عبر كتاباته ومحاضراته لم تتغير! والترابي يستخدم (المفعول المطلق) و(المفعول لأجله) .. وينسب الفعل للمفعول ويصرف الأفعال على صيغ المزيد الرباعي والخماسي.. وهكذا! * وهذه مثل قوله: (وتتوحد المعاني تلاقحاً وتفاكراً).. أو مثل ولعه بانشاء المصطلحات كما قال في كتابه الأخير (التفاصل - والتكامل - والتضابط) في حديثه عن (فصل السلطات) وعن التقاطع بين نفوذها. وغير ذلك من المفاهيم الدستورية التي يجتهد الترابي في الباسها ثياباً شرعية، وأحياناً لايبذل في ذلك سوى جهداً لفظياً!. * لجوء الترابي للأساليب اللغوية وراءه اساس فكري؛ وذلك لأنه يوفر مخارج عديدة للمتحدث بربط الفعل بالفكرة وتفادي سؤال (من فعل هذا؟) إلى سؤال (كيف حدث هذا) .. وعلى العموم لكل مفكر لغته، وهناك تفاسير اخرى.. ولكن للأسف حتى الذين يرددون لغة الترابي من ابناء الحركة الاسلامية يفعل بعضهم هذا تقليداً لا فهماً .. حتى حركات الأيادي ومزج الابتسامات وتقلبات الوجه بالمفردات والكلمات هي عندهم من علامات (حب الشيخ) .. وهذا أمر موجود في (وزراء) ناهيك عن طلاب ماجستير! * بالمناسبة أنا أقدر جداً الترابي كعبقري سياسي يلتقط زمام المبادرة دون عناء وفي احلك الظروف.. ولكنني لا اعتبر ذاك المفكر الأسطورة.. ولكن في الجملة كان له جهد طيب في الجام الناكرين بوجود بديل اسلامي (عاجل) في الحكم والشأن العام! * اعتقد أن من أهم العوامل التي رجحت احتمال تقارب الترابي ولو (اعلامياً) مع الانقاذ هي المواقف الغربية ضده.. ورفض بريطانيا دخوله بالرغم من تأييده لمشروع قرارها بالتدخل الدولي في السودان.. وقد اجتهد الترابي في طرق باب العلاقات بين (الغرب والاسلام) ومعتذراً عن انقلابه ومؤمناً بالديمقراطية ومعادياً للانقاذ.. ولكنهم رفضوه وبصورة قاطعة.. ولم يكن لهم خيار سوى هذا .. لأن قبوله يعني السماح لأي ثائر اسلامي بإقامة دولة اسلامية ثم الاعتذار عنها والعودة للغرب ليبشر بالإسلام الحر المتمدن!. * من الطرائف أن د. جعفر شيخ ادريس طردته امريكا بدعوى أنه (إمام السلفية).. ود. الترابي رفضت بريطانيا دخوله لندوة فكرية لأنه (زعيم الاسلام السياسي).. وبين الرجلين في السودان ماتعلمون! * وقد لقى د. جعفر شيخ ادريس لفترات طويلة تجاهلاً متعمداً من تلفزيون السودان .. وحتى بعد الرابع من رمضان.. اتفقت قيادات إعلامية في الحركة الإسلامية على إغلاق الشاشة أمام د. جعفر لأن المرجعية الفكرية مازالت (التجديد) وفي ذات الوقت أغلقت الشاشة أمام د. الترابي لأنه خصم سياسي للإنقاذ!. * واستمر منهج الحكومة هكذا فهي لم تطرح (التجديد) لأنه فكر الترابي ولكنها أدارت الساحة على طريقة (احتواء النقائض) فهي تنشّط التيار السني السلفي.. ثم تفسح المجال للتيار العلماني للصراع مع السلفيين والجيوب المتمسكة في الحركة الاسلامية.. ثم بعد ذلك يكون دائماً (التجديد) هو الحل الممكن والمتاح للجميع! * لاحقاً تقهقر دور الحكومة في تحديد النهايات وقوى في إدارة النقائض للدرجة التي صارت تلتقط معها الخيار الذي تجده من (المنتصف السياسي) وليس (الوسط الفكري) وضاعت عنها آثار (التجديد) بعد أن ضاعت عنها اصوله، وصار الوضع الذي تحدثت عنه (كوندا ليزا رايس) وهو الفوضى الخلاقة.. عندنا على المستوى الفكري ماثلاً وبدأ يتسرب للمستوى السياسي!. * ومذهب (التجديد) نفسه قد استنفذ أغراضه كما دوّنا في مقال (الرابع من رمضان من انقلب على من؟! البشير أم الترابي؟!) دعونا نشاهد هذا الشوط الجديد ونحكم بعد ذلك في مقال مقابلة رمضان التلفزيونية من عاد إلى من؟! البشير أم الترابي؟!)
|
|
|
|
|
|