|
Re: قضية بينوشيه :هاتف يوقظ الطغاة والضحايا معاً (Re: النسر)
|
ما هي عالمية الاختصاص القضائي؟ كان أهم ملامح قضية بينوشيه هو أن قضائياً إسبانيا مارس سلطة الأمر باعتقال بينوشيه بسبب الجرائم التي ارتُكب معظمها في شيلي، والتي كان معظم ضحاياها من أبناء شيلي. وتستند هذه السلطة إلى قاعدة "عالمية الاختصاص القضائي"، أي المبدأ الذي يقضي بأنه من مصلحة كل دولة أن تحيل إلى العدالة مرتكبي جرائم معينة تهم المجتمع الدولي بأسره، بغض النظر عن مكان ارتكاب الجريمة، وبغض النظر عن جنسية مرتكبيها أو جنسية ضحاياها.
ويعتمد الاختصاص القضائي بجريمة ما، في الأحوال العادية، على الصلة بين الدولة التي ترفع الدعوى وبين الجريمة نفسها، وهي صلة إقليمية في العادة؛ "أما في حالة الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية"، على نحو ما أوضح أحد كبار المحامين، "فيكفي أن تكون هذه الصلة أننا جميعاً من أبناء البشر". والسبب الواقعي الرئيسي لنص القانون الدولي على عالمية الاختصاص القضائي هو أن يضمن عدم إتاحة "الملجأ الآمن" للمسؤولين عن ارتكاب أخطر الجرائم.
وكانت جريمة القرصنة هي الجريمة "العالمية" المعهودة في سالف الأزمان، ثم أضيفت إليها تجارة الرقيق. ولكن هذين اللونين من الجرائم كانا يرتكبان عبر حدود الدول أو في عرض البحار. وقد ازداد عدد الجرائم التي تتطلب عالمية الاختصاص القضائي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وطالت القائمة فأصبحت تتضمن كثيراً من الفظائع التي ترتكب داخل الحدود الوطنية، مثل جريمة الإبادة الجماعية، والتعذيب، والفصل العنصري، وغيرها من "الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية". وقد نظرت إحدى محاكم الولايات المتحدة قضية هامة أصبحت من معالم تاريخ القضاء، وهي قضية فيلارتيغا التي رفعت فيها أسرة شخص من باراغواي كان من ضحايا التعذيب ثم انتقل للإقامة في الولايات المتحدة، دعوى مدنية ضد من قام بتعذيبه بعد أن انتقل هو أيضاً إلى الولايات المتحدة؛ وقالت المحكمة في حكمها: "لقد أصبح مرتكب التعذيب، مثل القرصان وتاجر الرقيق من قبله، عدواً للبشرية بأسرها".
ما هي الجرائم التي تنطبق عليها عالمية الاختصاص القضائي؟ إذا أردنا تحديد الجرائم التي تنص عليها عالمية الاختصاص القضائي بموجب القانون الدولي، فعلينا أن ننظر في المعاهدات الدولية ـ مثل "اتفاقية مناهضة التعذيب" الصادرة عن الأمم المتحدة، أو اتفاقيات جنيف الخاصة بجرائم الحرب ـ وكذلك في العرف السائد بين الدول (أو بما يسمى "بالقانون الدولي القائم على العرف") وهي التي تعتبر جريمة الإبادة الجماعية و"الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية" جرائم تنطبق عليها عالمية الاختصاص القضائي. ولكننا نرى في كل حالة أن أساس البت فيما إذا كان من الممكن إقامة الدعوى استناداً إلى عالمية الاختصاص القضائي هو قوانين الدولة التي تقام فيها الدعوى (والتي تسمى "دولة الادعاء"). ومن بين الجرائم المرتكبة ضد حقوق الإنسان التي تنطبق عليها عالمية الاختصاص القضائي، بموجب القانون الدولي، الجرائم التالية:
|
|
|
|
|
|
|
|
|