أيامي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-30-2024, 07:53 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-03-2006, 08:19 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيامي (Re: هشام آدم)

    ____________

    بعد عودتنا إلى توليدو، بدأ مانويل أوليوس - صديق والدي وزوج السيدة شارلوت كوربن، الفضولية التي رافقتنا في رحلتنا إلى كوينكا - بعمل الإجراءات الضرورية لسفرنا إلى أرتكاتا حيث ينتظرنا والدي هناك. وكان إخلاص أوليوس لوالدي سبباً في أن يحرص على أن يجد لنا حجزاً على متن طائرة ستقلع في اليوم التالي مباشرةً، في حين تحدث الآخرون عن امتلاء المقاعد على الرحلات الجوية تلك الأيام بسبب عودة الآلاف بعد انقضاء الإجازة والاستعداد لموسم المدارس. لا أستطيع أن أحدد علاقتي بالطيران بشكل قاطع، فأنا لا أخاف الصعود إلى الطائرة، ولكنني أشعر بالتوتر لحظة الإقلاع. كما أنّ هنالك سبباً آخر يجعلني لا أملك الجرأة الكافية لأعلن خوفي من الطيران صراحة، وهو أنني أخاف من الشعور بالعجز. لن يتبقى لي غير المشي على الأرض إذا أضفت على رهبتي من الماء والسباحة، رهبةً أخرى هي رهبة الطيران. على أي حال، فأنا لا أركب الطائرات كثيراً. ولكنني أستطيع أن أحدد علاقتي بأوليوس الذي لم يعجبني إخلاصه بتلك الطريقة المتسرعة، فقد كانت لي رغبة بالمكوث في توليدو لفترة أطول.



    يناسبني الجو الملاحي العامر بالفخامة. الإشارات والرسومات الضوئية، وأصوات الرنين التحذيرية، وأقمشة المقاعد الوثيرة، وأرضيات الطائرة المكسوة بسجاد أحمر لم تلمسه الأقدام العارية. يخيّل إليّ أن ملاحي الطائرة يجدون متعة في المشي على تلك السجاجيد حفاة بعد انتهاء كل رحلة. ما لا يعجبني في الطائرة الوجبات التي يقدمونها لا سيما على متن الرحلات القصيرة. تذكرني بالوجبات التي تقدمها المستشفيات أو تلك التي تتناولها جوانيتا عندما تتبع الحمية، كلما أحست بسمنة مفرطة. وكانت لا تحس بذلك إلا عندما تضيق عليها الملابس.



    في تلك الليلة، ودعتني توليدو بطريقة احتفالية خاصة جداً جعلتني أضيف إلى قائمة الأشياء التي أخشاها اسماً جديداً عندما طلبت مني أمي باعتمادية أن أشتري لها عسلاً من إحدى المتاجر القريبة. كانت تخطط أن تحمله كهدية لوالدي الذي يعشق العسل كالدببة الأستراالية. ولأنها كانت على قناعة كاملة بأن عسل أرتكاتا مغشوش ومزيد بالماء فإنها كانت ترى أن خير هدية تحمله لأبي من توليدو هو رطلين من العسل الطبيعي. وبخطوات مسئولة ومعتدة خرجت من البيت حاملاً معي وعاء ذو غطاء خاص. وفي طريق العودة بعد أن اشتريت العسل الذي وضع لي فيه البائع بكرم جم خلية شمعية من النوع النادر بعد أن أخبرته بأن هذا العسل سوف يذهب إلى أرتكاتا خصيصاً، وفي إحدى التقاطعات رأيت كلباً يقف بشموخ على صخرة هائلة بينما كان يرمقني بنظرات مريبة، وكأنه يحاول أن يقرأ ملامحي غير المألوفة لديه. وعلى طريقة الألمان بادر بهجوم غير مبرر، الأمر الذي جعلني أركض بهستيريا كمن يحاول الهرب من صاعقة سماوية من النوع المباغت. لم تكن أرض توليدو صالحة للجري المستقيم، فكانت الحفر والتعرجات التي تثخن الشارع تعيق دون أن أفلت من بين أنياب ذلك الكلب النازي. عندما بدأت أسمع صوت زفيره خلفي مباشرة بوضوح تام، كأنه تنين همجي جائع، عندها بدأ الأدرينالين يرتفع لدي، وأدركت بفطنة الخائف أن وعاء العسل الذي أحمله يثقلني بطريقةٍ ما، فرميته أرضاً لأنجو بنفسي. غير أني سقطت غير بعيد من وعاء العسل الذي كان قد تكسر وجرى بتثاقل كأنه جدول من الحمم البركانية. ما جعلني أشعر بالاستفزاز أن الكلب أقفل راجعاً عندما سقطت أرضاً دون أن يبدي أدنى مشاعر متأسية أو حتى دون أن يعض قدمي. لم أعرف عندها سبباً منطقياً لمطاردة الكلب لي طالما لم يكن العض في نيته! الأمر الذي كان أكثر واقعية هو أنني نجوت من عضة الكلب، لأقع ببلاهة بين يدي أمي التي لم تغفر لي سكبي للعسل أرضاً وكسري للوعاء الثمين، كأنها لم تكن لتبالي لو أن ذلك الكلب الهمجي التهم جزءاً من قدمي. لم يعجبني أسلوبها البراجماتي أبداً، واكتفيت بنظرة معاتبة وأنا أقول "المهم أنني عدت إليك سليماً"



    أمي بسذاجة نساء عصر النهضة، تعتقد أن الأبناء مجرد مظهر اجتماعي. لذا فقد كانت تفعل ما بوسعها لتثبت للجميع بأن أبنائها هم الأكثر تهذيباً والأقل مشاغبة. لم يكن ذلك سلوكاً فردياً، بل كانت تعاليم والدي الصارمة هي في الحقيقية الجانب النظري الذي تعتمد عليه في كل ما تقوم به دائماً. والدي الذي استقام مؤخراً، أحس برغبة ملحة في إنشاء أسرة محافظة، فكان له ذلك. ولكم كانت تعجبني دقة والدي في عمله. حتى على المستوى الأسري فقد أنجب من أمي ستة أبناء، حرص على أن يجعل بين كل اثنين سنتين، وبين كل أربعة أربع سنوات. ولا أعلم كيف استطاع أن يحدد ذلك بكل دقة! غير أن هذه المزاجية التناسلية العالية والمنظمة لدى والدي كانت تروق لي كثيراً.



    لم تحظ أمي بكفاية من التعليم. عندما أبلغها الجد مانويل إميليو هاتفياً بخاطب يطرق بابها، بينما كانت تقضي عطلتها المدرسية في الريف الفرنسي لدى خالتها الجدة تريسا بيلي. وربما كانت جذور أمي الفرنسية سبباً في احتفاظها باللون الأبيض المائل إلى الصفرة، بينما كان والدي كبقية النوركيين ذو بشرة حنطية مشوبة بالحمرة الهادئة. كانت أمي لا تعرف والدي جيداً عندما تقدم لخطبتها، غير أنها - كما تقول دائماً - كانت تثق بأن جمالها الفرنسي الآخذ كفيل بأن يجذب إليها قلوب الرجال على اختلاف مشاربهم. وفي إحدى غرف بيت العائلة الصغير بتوليدو كانت ثمة صورة قديمة لوالدي ووالدتي في يوم زفافهما معلقة بعناية على الحائط. يقف فيها والدي وقفة عسكرية ونظرات ساذجة مشدوهة تدل على أنه لم يعتد التصوير، بينما جلست أمي كسيدة بارونية نبيلة بابتسامة دافئة فوق عادية. وبخط يدوي أسفل الصورة على شريط أبيض لاصق كتبت جملة: "حفل زفاف سارجينيو أورفل بودن/ كارول مانويل إميليو - شتاء عام 1971م."



    أمي التي أخيراً توقفت عن البكاء على العسل المسكوب، كانت قد بدأت في وقتٍ متأخرٍ من الليل في إعداد حقائب السفر، وبأسلوبٍ توددي كنت أساعدها في ذلك، بينما نامت جوانيتا في حضن سوليداد فيدل التي ظلت تراقبنا من فوق سريرها النيكلي دون أن تنبس ببنت شفة. تلك الليلة لم أستطع النوم. تناوشتني مشاعر متضاربة ما بين الحنين إلى غرفتي وقطتي التي صنعت لها تحت سريري سريراً من الكرتون وفرشت عليه لحافاً قديماً استأذنت أمي في استخدامه. كان والدي يكره القطط وما تخلفه من روث وروائح. كان دلالها يثير فيه حنقاً غريباً لم أستطع أن أفهمه. قلت "من لا يحب القطط لا يملك قلباً بشرياً!" ولا زلت أذكر ذلك اليوم الذي بلغ به ضجره من القطة أن أمسكها ووضعها في شوالٍ من ذلك الذي يستخدم في تخزين الفحم الحجري، وأفلتها في مكانٍ بعيد. وكم كانت دهشتي عندما رأيتها بعد ثلاثة أيام تقف على شباك غرفتي الأرضية وهي تمارس المواء المتعب بطريقة معاتبة. كان يبدو عليها الإرهاق والجوع، منظرها ذلك جعلني أشعر بكثيرٍ من الأسى تجاهها وبمثله من الغضب على والدي. كانت أمي تقول لي دائماً أن أرواح الموتى من الأطفال تتلبس أجساد القطط وتتمثل بهم. وأذكر أنها قصت عليّ ذات ليلة قصة ارتدعت منها فرائصي خوفاً.



                  

العنوان الكاتب Date
أيامي هشام آدم09-30-06, 07:15 AM
  Re: أيامي هشام آدم09-30-06, 07:19 AM
    Re: أيامي بكري اسماعيل09-30-06, 07:24 AM
      Re: أيامي هشام آدم09-30-06, 07:31 AM
        Re: أيامي هشام آدم09-30-06, 07:37 AM
          Re: أيامي هشام آدم09-30-06, 07:43 AM
      Re: أيامي هشام آدم09-30-06, 12:10 PM
  Re: أيامي DKEEN09-30-06, 09:00 AM
    Re: أيامي هشام آدم09-30-06, 12:11 PM
      Re: أيامي هشام آدم09-30-06, 12:19 PM
        Re: أيامي هشام آدم09-30-06, 04:49 PM
          Re: أيامي هشام آدم10-01-06, 05:48 AM
            Re: أيامي هشام آدم10-01-06, 01:28 PM
              Re: أيامي هشام آدم10-01-06, 02:41 PM
                Re: أيامي هشام آدم10-01-06, 03:51 PM
                  Re: أيامي هشام آدم10-02-06, 05:12 AM
                    Re: أيامي Sudany Agouz10-02-06, 08:44 AM
                      Re: أيامي هشام آدم10-03-06, 03:24 AM
                        Re: أيامي هشام آدم10-03-06, 04:28 AM
                          Re: أيامي هشام آدم10-03-06, 04:37 AM
                            Re: أيامي عبدالرحمن عزّاز10-03-06, 04:52 AM
                              Re: أيامي هشام آدم10-03-06, 07:56 AM
                                Re: أيامي هشام آدم10-03-06, 08:09 AM
                                  Re: أيامي هشام آدم10-03-06, 08:19 AM
                                    Re: أيامي Tragie Mustafa10-03-06, 09:45 AM
                                      Re: أيامي هشام آدم10-03-06, 12:48 PM
                                        Re: أيامي هشام آدم10-03-06, 01:09 PM
                                          Re: أيامي Tragie Mustafa10-03-06, 02:05 PM
                                            Re: أيامي هشام آدم10-03-06, 03:05 PM
                                              Re: أيامي هشام آدم10-04-06, 07:15 AM
                                                Re: أيامي هشام آدم10-04-06, 03:40 PM
                                                  Re: أيامي هشام آدم10-05-06, 05:10 AM
                                                    Re: أيامي هشام آدم10-08-06, 03:07 AM
                                                      Re: أيامي هشام آدم10-09-06, 06:30 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de