|
Re: أيامي (Re: هشام آدم)
|
____________
إيزابيل نيرون سيدة متزوجة وصغيرة السن، وربما كانت جميلة بحسب معايير النوركيين الكوينكيين. وهي نسخة مكررة من عشرات السيدات المتزوجات من رجال اضطرتهم ظروف المعيشة القاسية لهجرة كوينكا إلى أرتكاتا أو سيجوبيا أو ماربيا أو حتى إلى لاميمبون غرباً. تاركين زوجاتهم في كوينكا بعد أشهر قليلة من زواجهم. غالبيتهم لا يعود إلا بعد ثلاث أو أربع سنوات، ليتكشف أنه أصبح أباً لطفلٍ ذو عامين. وبعضهم يكتشف أنه أصبح أباً لأطفال غير شرعيين. لذا فقد كان الزنا ثاني أكثر ظاهرة متفشية في كوينكا بعد السُكر، وتعاطي النبيذ الذي يصنعونه محلياً بأيديهم. وكان صنع النبيذ من اختصاص رجال كوينكا، في حين كانت النساء يقمن بالأعمال الأكثر أهمية ونفعاً.
لم يكن تقييم النوركيين للزنا بمفهومه الديني جريمة أو خطيئة تجرمها الكنيسة، بل كانوا ينظرون إليه على أنه أمر أقل قليلاً من الطبيعي. ولذا فإنهم لم يكونوا يمارسونه في الطرقات. كان عليهم أن يخفوا ذلك، ولكنهم لم يتوجب عليهم أن ينكروه أبداً. وكما قد تجد أحدهم مرمياً بقرب المذبح بعد أن أسرف في الشراب. كذلك لم يكن الجنس لدى النوركيين خطيئة إلا عندما تكتشف. هذا الاكتشاف الاجتماعي ما جعلني أفهم سر عدم اكتراث الرجال بما فعله ذلك الوغد بالفتاة العشرينية أثناء رحلتنا إلى كوينكا.
ذكرياتي عن كوينكا منحصرة في إطار اكتشافي للعناصر الأساسية المؤثرة في الهيكلة الاجتماعية للنوركيين الذين ظلوا فيها ولم ينزحوا كغيرهم إلى أماكن أخرى. كذلك اكتشافي لموهبة الكذب التي أماط اللثام عنها العم سانتوس أورفل وباركها. في تلك المرحلة لم تكن لدي أي نزعة أدبية ، بل كانت مجرد مرحلة اكتشاف وتخزين لا شعورية. على المستوى الشخصي جداً كان الاكتشاف في حدّ ذاته لا يأتي إلا عبر مغامرة تتطلب الخروج قليلاً عن بعض التعليمات الأسرية الصارمة التي كان يفرضها علينا الكبار. ولم تكن نزعتي لحب المغامرة عملة صعبة، بل كان أطفال كيونكا جميعاً يشتهرون بحبهم للمغامرة وكسر التعاليم.
كان أورفل بودن - الأديب المترهبن - يحاول خرق قوانين الطبيعة البشرية بجعلنا نسخة متكررة عنه، متغاضياً عن الفوارق الجوهرية بين حقبتين متباعدتين زمانياً وثقافياً. لم تكن لدي نزعة إيمانية قوية عندما أصر علينا الذهاب إلى كنيسة القيامة، ورغم ما تثيره الكنيسة من رهبة في قلوبنا نحن الصغار، إلاّ أننا لم نستشعر يوماً جودة التراتيل التي كانت تتلى بصوتٍ كورالي شجي. فقط في لحظات الملل الحركي كنت أطيل النظر إلى اللوحات الجدارية الضخمة التي كانت تتوسط الكنيسة. كانت تعجبني الرسومات المتقنة لذلك الرجل الوسيم ذو اللحية السوداء والشعر الطويل المصلوب بكبرياء على صليب ذهبي فاخر ولم يغب على الرسّام أن يترك بعض التفاصيل الدرامية على النسوة والأطفال من حوله، وهم يبكون بقداسة.
لم أكن مواظباً على الذهاب إلى قدّاس الأحد الذي كان جدي يحاول أن يرغمنا على الذهاب إليه. ورغم ذلك فإن جدي لم يفتأ يقص علينا في كل مرة قصة أحد الأسلاف الذين سخّر له الرب ذئباً يمتطيه ويستخدمه في رحلاته القصيرة بين القرى الصخرية. كما حدثتني يواماريز روجيليو - زوجة أورفل الثانية - في جلسة ودودة عن الأورفليين الذين عرفوا منذ قرون طويلة بأن أطفالهم الأكثر سذاجة وجرأة في خوض المغامرات بين أطفال النوركيين، يظلون كذلك إلى أن يبلغوا سن الأربعين أو أقل قليلاً ليصبحوا قساوسة ورهبان بعدها. ورغم أن هذا الكلام لم يكن علمياً إلا أنها أكدت لي بنماذج كثيرة جداً على ما تقوله. وكان والدي إحدى هذه النماذج المصادقة لهذا الخط الأسري القديم.
فلم يعرف والدي درب الكنيسة إلا بعد أن أنجب زوريكا أختي التي تصغرني بأربعة أعوام. وسمعت من الجدة يواماريز والعمة التوتمية كيوريدا عن والدي قصصاً ومغامرات لم أكن لأصدقها لولا أنهن أقسمن بالرب وروح القدس على صدقهن. كما أن ثمة نسوة سردن عليّ ذات القصص فيما بعد. ما جعل صورة والدي المتدين تنكسر في نظري وتجعلني أؤمن بأن هنالك عهداً قادماً يتوجب عليّ أنا الآخر أن انتظره. حتى ماريو لوبيز اللقيط الذي عاش في كنف الجد أورفل بودن قارعاً لأجراس الكنيسة، الذي كان يظنه الجميع الأكثر ورعاً وتقوى، لم يكن ذا صلة وثيقة بالكنيسة وطقوسها، حتى يحكي أنه ذات ليلة تعلق بحبال الأجراس، فجلجلت الأجراس في غير موعدها. وأكتشف العامة أنه ثمل عندما أحاطوا به تلك الليلة، وجلده أورفل بسوط مصنوع من جلد البقر وأمر بحلق شعره. ومن يومها لم ينبت شعره ثانية. وصار ماريو حليق الرأس قارع أجراس الكنيسة نهاراً وعربيد بذيء اللسان ليلاً، إلى أن تجاوز عمره الأربعين وظهرت بعض الشعرات البيضاء على شاربه. ولم يتزوج حتى شاهده البعض يمارس العادة السرية خلف بنشٍ خشبي طويل داخل الكنيسة، عندها قام أورفل بودن بتزويجه من أرملة لا تنجب.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
أيامي | هشام آدم | 09-30-06, 07:15 AM |
Re: أيامي | هشام آدم | 09-30-06, 07:19 AM |
Re: أيامي | بكري اسماعيل | 09-30-06, 07:24 AM |
Re: أيامي | هشام آدم | 09-30-06, 07:31 AM |
Re: أيامي | هشام آدم | 09-30-06, 07:37 AM |
Re: أيامي | هشام آدم | 09-30-06, 07:43 AM |
Re: أيامي | هشام آدم | 09-30-06, 12:10 PM |
Re: أيامي | DKEEN | 09-30-06, 09:00 AM |
Re: أيامي | هشام آدم | 09-30-06, 12:11 PM |
Re: أيامي | هشام آدم | 09-30-06, 12:19 PM |
Re: أيامي | هشام آدم | 09-30-06, 04:49 PM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-01-06, 05:48 AM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-01-06, 01:28 PM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-01-06, 02:41 PM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-01-06, 03:51 PM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-02-06, 05:12 AM |
Re: أيامي | Sudany Agouz | 10-02-06, 08:44 AM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-03-06, 03:24 AM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-03-06, 04:28 AM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-03-06, 04:37 AM |
Re: أيامي | عبدالرحمن عزّاز | 10-03-06, 04:52 AM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-03-06, 07:56 AM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-03-06, 08:09 AM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-03-06, 08:19 AM |
Re: أيامي | Tragie Mustafa | 10-03-06, 09:45 AM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-03-06, 12:48 PM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-03-06, 01:09 PM |
Re: أيامي | Tragie Mustafa | 10-03-06, 02:05 PM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-03-06, 03:05 PM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-04-06, 07:15 AM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-04-06, 03:40 PM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-05-06, 05:10 AM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-08-06, 03:07 AM |
Re: أيامي | هشام آدم | 10-09-06, 06:30 AM |
|
|
|