ماذا يفعل مني أركو مناوي؟

Quote: اتفاق السلام لدار فور والمراسم الجمهورية: ما هي العلاقة البينية ؟ بقلم/ عبد العزيز عثمان سام/ طرابلس- ليبيا نما إلي علمنا أن مراسيم جمهورية قد صدرت بإنشاء السلطة الإقليمية الانتقالية لدار فور وكذلك المفوضيات واللجان المنشأة بموجب اتفاق السلام لدار فور وكنا قد ضمنا رؤية الحركة فيما يجب أن تكون عليه تلك المراسيم من حيث الشكل والمضمون والمرجعية وفق الأوضاع الدستورية السائدة الآن، علي أنها لم تصدر كما ينبغي أن تصدر وفق فحوي الاتفاق بل أخذت طابعا وكأن كل الأمر لا يعدو أن يكون من اختصاصات رئيس الجمهورية لا علاقة له بنص وروح اتفاق السلام لدار فور مايو 2006م وتفصيل ذلك كالآتي: 1) اتفاق السلام لدار فور مايو 2006م لم يضّمن بعد في دستور السودان الانتقالي وعليه لحين تضمينه ومراجعة كافة القوانين علي ضوء الدستور المشتمل علي الاتفاق تكون المرجعية الأساسية هي اتفاق السلام لدار فور 2006م دون غيره. وهذا يعني بالضرورة شيء أساسي وجوهري هو أن أي سلطات لرئيس الجمهورية تتعلق بتعيينات شاغلي المواقع المنشأة بموجب الاتفاق المذكور يجب أن تستند بشكل مطلق علي نصوص الاتفاق لا الدستور الحالي. وبناءاً علي ما أوردت في الفقرة (1) أعلاه أجد وللوهلة الأولي أن الاتفاق لم ينصص مطلقا علي صدور أو إنشاء السلطة الإقليمية الانتقالية لدار فور بموجب مرسوم رئاسي (دونكم الاتفاق) ، والذي نصّ الاتفاق بصدوره بموجب مرسوم رئاسي هي المفوضيات واللجان مثل لجنة التعويضات كما ورد في الفقرة 201 من الاتفاق وتقرا كالآتي يتم إنشاء اللجنة بموجب مرسوم رئاسي. وستظل تمارس مهامها إلى حين الانتهاء من معالجة جميع المطالبات بالتعويض. وفق اتفاق السلام لدار فور تنشأ السلطة الإقليمية لدار فور وفق الفقرة (50) منه لتكون (أداة رئيسية لتنفيذ اتفاق السلام لدار فور وتعزيز التنسيق والتعاون بين ولايات دار فور الثلاث وتكون رمزا للمصالحة ووحدة أهالي لما يبذلونه من جهود لبناء مستقبل يقوم علي السلم وحسن الجوار- الفقرة 49 من الاتفاق) 2) بحثتُ في نص المادة 58/1 من دستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة 2005م الخاص باختصاصات رئيس الجمهورية الفقرات من (أ إلي م) ولم أجد من بينها فقرة واحدة تنص علي حقه في إصدار مرسوم رئاسي بإنشاء سلطة مثل سلطة دار فور الإقليمية الانتقالية ، وكان أقرب النصوص هو النص العام الوارد في الفقرة (م) الأخيرة التي تقرأ: (أي مهام أخري يحددها هذا الدستور أو القانون)، علي أنه لا هذا الدستور ولا أي قانون ساري في السودان أسند مهمة أنشاء السلطة المعنية للسيد/ رئيس الجمهورية الموقر، وعليه، وإلي حين تضمين اتفاق السلام لدار فور في الدستور الانتقالي لجمهورية السودان وفق الفقرة 504 من الاتفاق وتقرأ: ( يدمج هذا الاتفاق في الدستور القومي الانتقالي، وتحقيقا لهذا الغرض وكمسألة ذات أولوية، على المفوضية القومية للمراجعة الدستورية القيام بإعداد نص ملائم دستوريا لاعتماده وفقا للإجراءات المحددة في الدستور القومي الانتقالي)، تظل سلطات رئيس الجمهورية وفق المادة (5 من الدستور الانتقالي الحالي خالية من أي نص يخوله بإصدار مرسوم رئاسي بإنشاء السلطة الإقليمية الانتقالية لدار فور. 3) السلطة الإقليمية الانتقالية لدار فور هو جسم أنشاه الاتفاق ومعلوم للجميع الظروف التي حتمت إنشائها، فهي الأداة الرئيسية لتنفيذ الاتفاق، إذاً، فهي سلطة ذات أهلية وشرعية تستمدها من نص الاتفاق وليس من رئاسة الجمهورية ولحين تضمين الاتفاق في الدستور القومي وتعديل دساتير الولايات المعنية لتشتمل علي أحكام الاتفاق يجب أن تنشأ السلطة الانتقالية الإقليمية لدار فور بموجب قانون قومي يصدر من الهيئة التشريعية القومية وفق المادة 91 الفقرات 4و5 من دستور جمهورية السودان الانتقالي 2005م. 4) وفي كل الأحوال فإن السلطة الانتقالية لدار فور تعمل تحت رئيسها وليس تحت رئاسة الجمهورية وهذا معلوم من المهام والاختصاصات الموكلة لها في الفقرات 49-53-54 من الاتفاق ، والنص واضح وصريح حول اختلاف المهام الموكلة لكبير مساعدي رئيس الجمهورية فهي مهام واختصاصات قومية تمكنه من المشاركة في كافة الأجهزة القومية من مجلس الوزراء ومجلس الأمن القومي ونحوه، ومهامه بوصفة رئيسا للسلطة الإقليمية الانتقالية لدار فور الواردة الفقرات 49-53-54 و66 . وسلطات رئيس السلطة الانتقالية هي سلطات تنفيذية وإدارية وتشريعية وإشرافية مباشرة علي أجهزة السلطة الإقليمية فيما يلي أداء المهام والاختصاصات الموكلة لها ، وهي تشبه إلي حد كبير حكومة جنوب السودان الوارد تفصيلها في الباب الحادي عشر من دستور جمهورية السودان الانتقالي 2005م ، وهذا لا يمنع التنسيق والتشاور مع مؤسسة الرئاسة كما يحدث مع حكومة جنوب السودان ، وعليه فإن محاولات وضع السلطة الإقليمية لدار فور تحت رئاسة الجمهورية مباشرة كما ورد بالمرسوم الرئاسي هو أمر لا طائل منه ولا يتسق مع نص وروح اتفاق السلام لدار فور مايو 2006م 5) الموارد المالية للسلطة الإقليمية الانتقالية لدار فور هي (وفق الفقرة 52 من الاتفاق): أ‌) علي المستوي القومي من الحكومة الاتحادية: 1/ ميزانية الإنفاق علي أعمال السلطة 2/ ميزانية كافية لتمويل أنشطة السلطة. ب‌) علي المستوي الدولي: 1/ موارد الصندوق الخاص بأموال المانحين الدوليين الخاصة ببرامج سلطة دار فور الإقليمية الانتقالية. 2/ المنح والهبات التي تقبلها السلطة. 3/ القروض الداخلية والخارجية بضمان البنك المركزي. ج) علي المستوي المحلي: عوائد الاستثمارات الخاصة بالسلطة. 5) بعد هذا التفصيل أعود لأقول أن الدور الغائب للضامن الرئيسي لتنفيذ الاتفاق (الإتحاد الأفريقي) والضامنين الآخرين الذين وقعّوا علية بعد أن دفعوا الأطراف دفعا نحو التوقيع هو السبب الوحيد لما يواجه الاتفاق في مرحلة التنفيذ من مَطَلٍ وتسويف ومحاولات التفاف وممارسة سياسات المنح والمنع من الطرف الحكومي وها هي آخر المحاولات وقد ظهرت بادية للعيان من خلال المراسيم الدستورية التي صدرت مؤخرا جدا وهي تضع السلطة الإقليمية الانتقالية لدار فور تحت إبط رئاسة الجمهورية دون مسوق بالاستناد إلي نصوص في الدستور الانتقالي الذي لم يتضمن الاتفاق حتى الآن وبالتالي ليس الدستور الحالي هو لتشريع الواجب التطبيق فالمشروعية التشريعية والمرجعية العليا هي للاتفاق ومضامينه دون غيره من التشريعات المحترمة والموقرة لجمهورية السودان. 6) مطلوب من الأطراف التزام حسن النية (عكسه سوء القصد) في تنفيذ هذا الاتفاق حتى النهاية وحسن النية الوارد في الاتفاق هو مصطلح قانوني ذو تعريف ودلالة محددة وليس أمرا عاطفيا يتناطح عليه الناس ويتلاحون ومعناه سلامة المقصد وبذل العناية والحيطة اللازمين، فيقال عن الشخص انه أتي فعلا ما بسوء القصد، إذا فعله بقصد تحقيق كسب غير مشروع لنفسه أو لغيره ، أو بقصد تسبيب خسارة غير مشروعة لشخص آخر ..وعلي ذلك أجد أن الأفعال السالبة (Omissions) التي تلت توقيع اتفاق سلام دار فور والتلكؤ والمماطلة في التنفيذ من الطرف الحكومي ومحاولات الالتفاف والتسويف ووضع العراقيل في طريق التنفيذ انتهاء بالمراسيم التي صدرت مؤخرا متضمنة وضع آليات تنفيذ الاتفاق تحت وصايا القصر الجمهوري الذي ورعايته ورحمته وإفراغ الاتفاق من مضامينه وسلب السلطات والاختصاصات المنصوص عليها في بنوده ترقي والله شهيد علي ذلك إلي أعلي ما يمكن أن يرقي إليه سؤ القصد والنية من مراحل ، وطالما الأعمال بالنوايا فإن النوايا الحالية للطرف الحكومي منصرفة تماماً إلي غير تنفيذ هذا الاتفاق رغم سؤه الذي عفّ عنه الآخرون وقبلناه لأسباب لم يعلمها الخصم ولن يعلمها حتى ضحي الغد وحينها لن ينفع الندم ، ويظل ملف الثقة الذي يجب أن يتبادله الأطراف في هذا الاتفاق مغلقا إلي حين إشعار آخر وأظل أردد ما قاله شاعر لا أعرف اسمه وأستطيب ما قرض حين قال: وأترك حبها من غير بُغضٍ وذلك لكثرة الشركاءُ فيه ، إذا وقع الذبابُ علي طعامٍ رفعتُ يدي ونفسي تشتهيه، تعُفُّ الأسودُ عن ورود ماءٍٍ إذا كان الكلابُ ولغّنَ فيه .. فهل مازلنا أُسوداً يا رفاق أم أنها خُـطىً كتبت لنا علي الأوحال ، وأي مجدٍ نبتغي بناءه علي الأوحال !!