|
Re: هل هناك مفهوم للحكم وللسلطة /// د. نصر حامد أبو زيد (Re: Sabri Elshareef)
|
الحوار يدور في إطار تاريخي يمكن أن نفهمه باعتباره تأسيساً لسلطة ولكن لا يمكن اعتبار كل تأسيس لسلطة، تأسيساً لدولة.
نشأت مشكلة الحكم (مشكلة الإمامة) مع الانفجار الأول (ما يسمى بأحداث الفتنة). وقد قسم هذا الخلاف الأمة في مرحلة مبكرة إلى سنة وشيعة. إن الصراعات التي تلت بين الأمويين والشيعة، والمذابح التي جرت، صراع سياسي عبر عن نفسه بشكل ديني. فصرخة الذين رفضوا التحكيم وأطلق عليهم اسم الخوارج فيما بعد واضحة. لقد قالوا: لا نريد أن يحكمنا مضريان إلى يوم الساعة. أي أن الرفض كان ضد حكم مضر والذي يعني حكم علي وحكم معاوية. وهكذا فإن المشكلة كانت حول رفض السلطة بالمعنى السياسي وليس بالمعنى الديني.
مع الانفجار وانقسام الأمة، أصبحت هناك نظرية للحكم ترتبط بنظرية الإمامة ونظرية الميراث والسؤال هل كانت هذه النظرية دينية وهل ثمة في النصوص المؤسسة ما يعطي مشروعية لهذه النظرية؟
لقد تم إنتاج ما يسمى بالرأسمال الرمزي الشيعي على أساس العلاقة بين علي والنبي وفي مواجهة ذلك أنشأ الأمويون رأسمالهم الرمزي السني. ونجد في كتاب الأشعري وقبله عند الشافعي هذا الدفاع عن قريش وعن الإجماع وتبرير الواقع التاريخي الذي حدث. وبدأت الصياغة اللاهوتية تنحو هذا المنحى - في نظرية أهل السنة - تبريراً لما حدث في التاريخ. فنجد الإشارة إلى وجود فتنة في اختيار أبي بكر وقى المسلمين شرها كما يقول عمر بن الخطاب. وجرى اختيار عمر بن الخطاب عن طريق تشاور أبي بكر مع بعض الصحابة. كما جرى اختيار عثمان عن طريق لجنة شكلها عمر بن الخطاب وراعى فيها العلاقة القبلية، أي تمثيل "القوى السياسية" الموجودة آنذاك.
وكان السؤال: أتبايعني على كتاب الله وسنة رسوله وسنة الصاحبين. وهنا أضيف إلى النصوص التأسيسية التجربة التاريخية القصيرة جداً. وهنا كان علي موافقاً على الكتاب والسنة ولكن لم يكن موافقاً على إضافة تجربة الصاحبين باعتبارها نصاً. وهنا قال: أجتهد رأي ولا آلو. ولكن هذا الشرط - شرط تواصل التجربة التاريخية - كان قد قبلها عثمان.
لقد كان هناك نزوع لوضع التجربة التاريخية جزءاً من النص الديني، وقد أصبحت تلك التجربة جزءاً فيما بعد وأطلق عليها اسم الإجماع. فمادام الناس قد أجمعوا على اختيار أبي بكر وعمر فإن هذا الاختيار صائب وصحيح. وسنجد أن هذه الفكرة تتنامى لتخرج من هذا النسق السياسي الضيق لتتحول إلى نسق سياسي أوسع، حين سمّي العام الذي تنازل فيه الحسن لمعاوية (عام الجماعة). وانتقل عام الجماعة من معناه السياسي إلى معناه الفقهي، وأصبح الإجماع مبدأ فقهياً وبالتالي أصبحت نظرية الإمامة كلها تناقش من منظور الإجماع.
3
|
|
|
|
|
|
|
|
|