|
الدائرة والمستقيم............عبد اللطيف البوني .............
|
حاطب ليل عبد اللطيف البوني
[email protected] الدائرة والمستقيم الدائرة التي كان يدور فيها النظام السياسي السوداني كنا نسميها الدائرة الخبيثة (Vicious Circule). ولكن يبدو الآن أننا سنعيد النظر في التسمية ونصفها بالدائرة الحميدة، فالحكم الوطني بدأ بحكم ذاتي ثم حكم ليبرالي كامل الدسم ثم حكم عسكري ثم انتفاضة وفترة انتقالية وحكم ليبرالي ثم نظام عسكري وانتفاضة وفترة انتقالية ثم فترة ليبرالية ثم حكم عسكري في عام 1989م والكل كان ينتظر انتفاضة تعقبها فترة انتقالية ثم انتخابات تقوم بموجبها حكومة حزبية ثم انقلاب عسكري جديد وهكذا تدور الدائرة الى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وتحضرني هنا طرفة حكاها لي استاذنا الدكتور إبراهيم دقش فقال إنه قابل الفريق عمر البشير في أول أيام الثورة في معية منقستو هيلاماريام في اثيوبيا فسلم عليه البشير بالاسم فعلق مانقستو قائلا لدقش: «تعرفهم جميعاً هذا والسابقين له؟» فرد عليه دقش قائلاً: (and the comming one) «والجاي كمان» أي القادم بعد البشير وهنا تدخل الرئيس البشير سائلاً دقش: «طيب ما تورينا ليهو».
لو لم يكن المقام مقام تنكيت وضحك كان يمكن للدكتور دقش أن يقول ستكون هناك انتفاضة وتعقبها انتخابات وحكم حزبي. ولكن المؤكد انه لا أحد يقول اليوم بأن الدائرة سوف تواصل دورانها المعتاد. فالأشياء ما عادت هي الأشياء فقد تغيرت بنية الحكم فالمسألة لا ترجع لقوة حزب حاكم وضعف المعارضة كما ذكر أحدهم: المسألة أعمق من ذلك بكثير، وهنا لابد من أن نذكر مقولة الترابي في فترة الديمقراطية الثالثة عندما هدد قائلاً بأنا سوف نقطع هذه الدائرة ونجعل الأمور تسير في خط مستقيم وبالفعل قد فعلها، الرجل إذ لم يقم بانقلاب تقليدي ابن ناس بل طبق سياسة أبطلت الحيوية في كل خلايا المجتمع السوداني وجعلتها خاملة فظهرت المقاومة للحكم من جهات اخرى خارجية وقد تكون داخلية، فالشعوب لا تموت وتتحرك بصورة لا يتوقعها أحد. ولكن عندما تكون نخب المجتمع في حالة حيوية فإنها توجه الحركة وتجعلها منضبطة والتغيير غير مكلف وعندما تنتهي الحيوية داخل النخب فإن التغيير قد يكون مكلفاً يكسر عضم الوطن، فالنخب والقطاعات الحيوية هي صمام الامان وهي التي تمتص الصدمات.
نعم قد بدأت الأمور تسير في خط مستقيم وانقطعت الدائرة ولكن هذا الخط المستقيم قد يقود الى الهاوية مباشرة، إنه خط قطر عجيب «البودي ما بجيب» واخشى ما أخشاه ان نبكي على الدائرة القديمة، هذا اذا لم نكن قد بكينا وانتهينا، لقد أتى علينا يوم تمنينا فيه ان ينحني الخط المستقيم ويرجع لطريقه الدائري القديم، إن استحالة قيام انتفاضة موجهة تضغط على عصب النظام الحسي فتغير سياساته أمر يُنذر بشرٍ مستطير، فيا جماعة الخير الانتفاضة دي بت ناس وكذلك الانقلابات العسكرية العادية فاختفهاؤهما عن سماء بلادنا أمر مؤسف ومحزن ومخيف
|
|
|
|
|
|
|
|
|