الشرطه تقتل ثلاثه أطفال وتعتدي علي الصحفي نصر الدين الطيب

Quote: عاود ت أزمة مواطني قرية دار السلام بمحلية الكاملين الإنفجار بعد هدم سلطات المحلية لقريتهم أمس الأول، بعد محاصرتها بقوات الشرطة (والإحتياطي المركزي) الذين تمترسوا حول القرية بآلياتهم الثقيلة (مدرعات حاملة جنود)، ومدافع الدوشكا، والخفيفة (البنادق وسياط) .. وقامت السلطات بنقل المواطنين من قريتهم الواقعة على بعد أمتار لا تتجاوز الخمسين متراً من شارع الأسفلت إلى فضاء خلوي يبعد عن الأسفلت (11) كيلومتراً في مكان خال من الخدمات الأساسية بإستثناء المياة التي شكك عدد من المواطنين ولجانهم في صحتها.. لا كهرباء.. لا خدمات صحية أو إسعافية.. لا سوق.. لا دورات مياه (W.C) لا سقف.. أو حائط ساتر.. أو بعض الحياء الحكومي الذي ألقى بأبناء الوطن في ذلك الخلاء.. تحقيق: سهيل سعيد/تصوير: عباس عزت نساء.. وأطفال.. وشيوخ.. وعجزة في العراء.. فقط لبيع أراضيهم لمستثمر أجنبي الأمم المتحدة تعرب عن قلقها بشأن الترحيل القسري من المنطقة البداية الزميلة (حنان كشة بالسوداني) أجرت تحقيقاً نشر في عدد السبت 27 مايو 2006م في العدد رقم (200).. وحذرت (السوداني) في التحقيق من إحتمال إنفجار الأزمة حال إجلاء المواطنين بالقوة الجبرية. إلا أن معتمد الكاملين قال في تعقيب نشر بالصحيفة بتاريخ 5 يونيو الماضي إن (المحلية ستسلم شهادات البحث للقطع السكنية في الموقع الجديد مجاناً وتوفر مواد البناء الأساسية (التراب) في كل قطعة مخططة). وأكد المعتمد بُعد المنشآت الصناعية عن المكان (35) كيلو متراً، في حين خطط الموقع الجديد الذي رُحلوا له أمس الأول بعد هدم منازلهم بالقرب من المصانع وبمسافة تسمح بالنظر لعدد من المصانع من المكان- كما يوضح التحقيق التالي. ےےےمحمد إبراهيم عبدالله- رب أسرة- قال لي والحسرة تختلط مع ملامح الغضب في وجهه.. (تم ترحيلنا للعراء، ولم يعطونا سوى مشمع).. و..(كسروا بيتي ولم يعطوني حتى مهلة بسيطة لدقائق لنزع الخشب عن سقف الغرف حتى أبني بها أخرى بالمكان الجديد) و(الخشب ده غالي.. كسروهو- هسع أنا أجيب خشب تاني من وين..؟!!)... و... و... (كنت فوق سقف المنزل عندما حضورا لهدمه.. كنت أحاول تفكيك السقف للإستفادة منه.. لكنهم أنزلوني وكسروه... ولم يعد ينفع في شئ...).. ثم بصوت أكثر غضباً (حتى أنهم لم يحترموا جدتي العجوز.. وهدموا المنزل وأخرجناها قبل لحظات من الهدم.. ولم ينج سوانا والأثاثات.. حتى أسلاك الكهرباء واللمبات لم يتركوني لأقوم بنزعها.. حتى أوصلها بالمكان الجديد). لكنه تدارك القول (لكن ما مشكلة المكان الجديد ما فيو اي كهرباء..؟!). سألته (ألم يكن هنالك علم مسبق لكم بيوم الإزالة لتقوموا بالإستعداد لها وفك السقوف والأبواب والشبابيك وغيرها مما يفيد إعادة إستخدامه في البناء بالمكان الجديد؟!). فأجاب (لا.. فهم لم يعلنوا لنا ذلك.. وأصبحنا والمكان محاصر بالشرطة والمدرعات- ناقلة الجنود.. والدوشكات.. والبنادق.. وعلمت بعدها أنهم كانوا منذ الساعة (12) منتصف الليل.. وبعد الحصار قالوا لنا (الجوة جوة والبرة برة).. الطفل نور الدائم عبدالقادر إبراهيم عيسى- يبلغ من العمر (13) عاماً ويدرس بالصف الرابع بمرحلة الأساس.. وجدته بالمكان جوار مواسير المياه، فقال لي (أنا زعلان عشان كسروا بيتنا ورحلونا -وكسروا مدرستنا- وحتى الآن (أهلي) في بيتنا المكسر وأنا جيت هنا وجبتا سرير واحد- بعدين هم حيجيبوا الباقي). سألته.. (كيف حتقعدوا هنا؟!) فقال لي... (اليلة حنبيت وبكرة نبدأ البناء). فقلت له (انتو عندكم قروش تبنوا بيها؟!) فأجاب (ماعندنا أي قروش نبني بيها.. لكن حنسوي رواكيب أو أي حاجة نستر فيها أهلنا..). الحاجة مدينة آدم علي- ربة منزل وأم.. التقيناها ومعها بنتيها سعاد وزكية علي صالح وكن يحملن طفلاً يافعاً بدا لي شاحب الوجه.. سألتهن عن سبب الإعياء الواضح على ملامحهن فقلن لي (نحن من أمبارح مساهرين ما نمنا من نص الليل بعد ما حاصرونا ـ وحتى اللحظة).. (وكان الوقت عصراً).. ثم (..لأنهم كسروا بيتنا وفكونا بالبمبان- ودقونا بالحجارة.. والأطفال تعبوا كثير) و(أخونا الطفل ده عمره سنتين إختنق بالبمبان وكاد يموت لولا لطف الله فقد قمنا بمسح وجهه بماء الملح والزيت فخف الإختناق.. وكذلك فعلنا نحن بوجوهنا) و.. الحديث هنا للأم (تركونا هنا في الخلاء بلا سقف أو حائط ننستر خلفه وفي هذا الخريف - ولسنا ندري ماذا نفعل في هذا الخلاء البعيد من طريق الإسفلت.. وبدون حتى وسائل مواصلات.. والبمبان اتعب صدورنا ونحن من الصباح لم نذق طعم الماء). (م.أ.م) أحد الشباب المرحلين وهو رب أسرة.. قال لي إن المكان الجديد خالي من الخدمات سوى المياه.. (لا توجد كهرباء أو أي شئ.. فقط بنوا جامع وعددا من الفصول لمدرسة من دون سور لا صحة ولا شئ آخر حتى الأسفلت بعيد جداً والواحد لو عايز يصلو عايز ليهو ساعات عشان يصل).. ثم متسائلاً (هسع لو زول مرض ليهو عجوز أو طفل مع الخريف ده.. وبالليل يوديهو للمستشفى كيف.. إلا يموت في مكانو في الخلاء ده..؟!). وحول الرحيل والإعلان له فقال (أنا شخصياً لم يكن لدي علم وتفأجات الصباح بوجود العساكر وهدم البيوت -وهنالك اسر آباؤهم يعملون ليلاً خارج القرية وبالخرطوم ويحضرون الصباح-وهدموا منازلهم وهم غير موجودين، وماراعوا للحرمات؟!). رقية عثمان محمد آدم أم لطفل كانت تحمله ومعها زوجها عبدالقادر إبراهيم عيسى قالت لي (ولدي ده عمرو (6) شهور البمبان خنقوا وقرب يموت).. ومتسائلة بغضب واضح.. (هسع هم لو معتبرننا سودانيين صحي ما كان كسروا لينا بيوتنا كده.. والشفع ديل جدعوهم بالخلاء ده في الخريف.. ديل ناس ما بخافوا الله.. وعاملونا زي معاملة اسرائيل للفلسطينيين واللبنانيين). ومؤكدة (لكن الله شايفنا وشايفهم وهو يعرف أي شئ وقادر ينصرنا). موالعم أحمد خميس شبيكة- رجل مسن ويبلغ من العمر(55).. وقال إنه عضو اللجان الشعبية ويسكن بالقرية (دار السلام) منذ العام 1983م أي منذ أكثر من ثلاثة وعشرين عاماً..).. وبصوت أقرب للصراخ من كثرة غضبه (ما أنذرونا ولم يعطونا إخطاراً كلجنة شعبية أو مواطنين، وكان هنالك اتفاق مع اللجان قبل فترة.. على أن المكان الذي سيرحلونا له ستقوم لجنة من عدة جهات منها وزارتا الصحة الولائية والاتحادية بمعاينته وفحصه وفحص المياه فيه.. ولو وجدوا المكان صالحا يرحلوا ليهو الناس.. ووزارة الصحة الولائية قالت ليهم المكان ما صالح.. وكذلك الحركة الشعبية قالت نفس الكلام وزارت تلك الجهات مصنع المحيان المجاور للمنطقة الجديدة وهو مصنع صودا كاوية تستخدم في مواد تحليل البترول.. وعندنا عمال كانوا في هجليج عملوا فيها ثلاث سنوات في آلة (الرق) التي تحفر الآبار.. كانوا يشربون مياها مثلها ثم بلهجة جازمة (المياه هنالك بالمكان الجديد وحسب ما قالته تلك الجهات غير صالحة وضارة بالصحة.. وطعمها متغير).. وزاد (ناس المؤتمر الوطني أحضرونا لمكان لا ظل فيه ولا شجر -البهائم تفر منه- وبذلك شردوا الناس من حولهم ونفروهم منهم. تاجر بالسوق المهدوم اسمه إبراهيم داؤود أبكر تحلق حوله الناس وهو يكلمني ويبدو عليه أنه (رأس قبيلة) قال لي ثلاثة أطفال ماتوا أثناء الحصار والهدم اثنان منهم تأثرا بجراح رصاص أطلق عليهم أحدهم أصيب بالرصاص في رأسه. والآخر في ضلوع صدره من الجهة اليمنى. وأكد أن عشرات المواطنين رأوا الأطفال وهم ميتون.. والثالث مات مختنقاً بالبمبان.. حسب روايته التي أيدها لي كل الحضور الذين تجاوزا الثلاثين. وعدد لي إبراهيم داؤود المواطنين الذين اعتقلوا بالقرية يحيى محمد يحيى، عضو المجلس التشريعي بولاية الجزيرة وممثل المنطقة- حركة شعبية- ونصر الدين أبشر المنا، رئيس اللجنة الشعبية بدار السلام، يوسف محمد يحى، حسن بكري، محمد عبدالكريم، آدم عبدالله، محمد حسين أمين، جبريل حسين) والذين وصل لعلمي إطلاق سراحهم ليل نفس اليوم.. وأرشدني لآخر قال إن (قوات الشرطة قامت بالإعتداء عليه) ويدعى ن عامر التوم آدم (رب اسرة) فقصدته للتأكد من الأمر فوجدته والخطوط الناجمة عن الضرب بالسياط ظاهرة على ظهره (كما روى لي).. فأرسلت أحد المواطنين للبحث عن زملائي المرافقين لي (صلاح المليح.. محرر الأخبار وعباس عزت المصور) لأخذ صورة له.. وقبل إتمام حواري مع (عامر التوم) جاءت سيارة الصحيفة وصاح الزملاء لي بالإسراع فجريت نحوهم... وعلمت أن عربة (دوشكا) تطاردهم وأن أفراد الشرطة استجوبوهما وأخذوا بطاقة الزميل صلاح المليح وأعادوها له، وكان عامر أخبرني أن زوجته أنجبت له طفلاً قبل سبعة أيام بمستشفى الخرطوم (جنا سبعة أشهر و21يوماً)، وأن الطبيب أخرجهم من المستشفى (الحاضنة) على ألا يعرضوا الطفل لاي هواء أو غبار أو دخان وكذلك حكى لي أن زوجته مصابة بالأزمة الصدرية وتستعمل بخاخا (لتوسيع الشعب الهوائية) وأنه طلب من الضابط المسؤول وعبر ورقة كتبها وبطريقة لا توجد فيها أي مقاومة... طلب منه أن يتركوا له غرفة من دون هدم حتى يأوي فيها الأم المريضة وطفلها حديث الولادة حتى يتمكن من بناء غرفة بديلة بالمكان الجديد... وزاد أنه طلب من الضابط المسؤول عدم اطلاق البمبان حتى لا تتأذى الام ورضيعها ووافق الضابط المسؤول ووعد بعدم اطلاق البمبان... لكنه عندما عاد لداره وجدها خراباً ووجد زوجته ورضعيها ملقيين بالأرض إثر الإختناق والجيران يسعفونهما و... و... ركضت لأفراد الشرطة لسؤالهم وأوقفت احدى ناقلات الجنود وطلبت منهم نجدة زوجتي وطفلي فقاموا بضربي بالسياط في ظهري وكتفي وأجلسوني بالأرض وأمروني بعدم التحرك... بينما زوجتي تتألم بالمنزل... ولم أتمكن من التخلص منهم إلا بعد أن أشفق علي أحدهم وأطلق سراحي... العنف لماذا؟ لماذا استخدمت الجهات المسؤولة العنف مع المواطنين؟ وفي الجانب الحكومي المسؤول أعلن مدير شرطة ولاية الجزيرة اللواء عبدالعادل ومعتمد الكاملين الوسيلة حسن منوفلي استخدام الشرطة للغاز المسيل للدموع في مواجهة رفض مواطني قرية دار السلام لقرار الإزالة، وعزا المعتمد في حديثه لـ (السوداني) من داخل المنطقة الجديدة استخدام الشرطة للغاز المسيل للدموع بعد حصب الأهالي الشرطة بالحجارة في الوقت الذي أكد فيه مدير شرطة ولاية الجزيرة أن فئة محدودة من السكان أبدت مقاومة لقرار الترحيل للمنطقة الجديدة، واستنكر وزير الحكم المحلي بولاية الجزيرة حافظ الشريف (حركة شعبية) الأسلوب الذي تمت به إزالة قرية دار السلام، وقال في حديثه لـ (السوداني) نعتبر ما تم رسالة سياسية أكثر من مجرد إزالة قرية مخالفة للنظم والقوانين... وأضاف نحن لسنا ضد تنفيذ القوانين ولا نحمي من يخالف القوانين ولكن نرى أن التنفيذ يجب أن يكون بالطرق التي لا تؤثر على النسيج الاجتماعي الهش أصلاً في هذه المرحلة، وأشار الشريف الى انه عارض تنفيذ الإزالة في فصل الخريف وأبان أن المحلية لم تقم بتقديم المأوى لسكان القرية المزالة الذين يبلغ عددهم أكثر من (12) ألف نسمة بينهم أطفال حديثو الولادة وشيوخ ومرضى.وقال انهم فوجئوا بقوات الشرطة تحاصر القرية ليلا بينما كان هو في انتظار افادة من معتمد الكاملين حول معالجته للوضع.وكانت المحلية في السابق قد عقدت اتفاقا مع عدة ممثلة لمواطني القرية(دار السلام) وجهات متضامنة معها... منها (الحركة الشعبية حزب الامة القيادة الجماعية مركز الخرطوم لحقوق الانسان)ووقع الاتفاق عن المحلية مديرها التنفيذي بتاريخ29يناير الماضي والتزمت المحلية حسب نص الاتفاق على تسليم قطع سكنية للمواطنين وشهادة بحث لها وتعويض مالي يتفق عليه على ان يلتزم المواطن بتسليم حيازته في القرية القديمة خالية خلال مدة اقصاها(4)أشهر من تاريخ استلام العقد والتعويض(يبدو انها مهلة للتمكن من البناء في المكان الجديد وليس كما تم امس الاول حيث القي المواطنون بالعراء).