قوات مني اركوي مناوي يشوهون العاصمة بزيهم الغير لائق

Quote: (الحجاب) و (الكدمول)! لا ندري هل إزدانت الخرطوم، أم شاهت، بحملة (الحجابات) وأقمشة (الكدمول) وهي تقليد تشادي وافد، ورد إلينا مع حركة تحرير السودان، وهي تحتفي هذه الايام بتسنم رئيسها منصبة الجديد داخل القصر الرئاسي، ومسكنه في شارع البلدية بوسط الخرطوم بالقرب من سفارتي ألمانيا وبريطانيا العظمي في ذات المنزل الذي كان يقيم فيه نائب رئيس الجمهورية السابق البروفيسور موسس مشار، في مقاربة لافتة بين مطلب متمردي دارفور الأثير بضرورة أيلولة منصب نائب الرئيس لهم ، لكن رضوا من الغنيمة بالإياب . وقد تبدو المفارقة لمنظر الكدمول والأحجبة ، ذات مغزى غريب كما يقول الزميل الطاهر ساتي الذي هاله مشهد فريد وهو يشاهد أحد حراس (مني) يكوّم على قارعة الطريق أمام مقر إقامة كبير مساعدي الرئيس، أكثر من عشرة كيلو جرامات من (الحجابات) والتمائم في سابقة لم يعهدها الطاهر وهي غريبة على ثقافته النوبية التي لا تحفل كثيراً بإعتقادات روحية معطونة في وحل اللامعقول والميتافيزقي الغامض.. لكن .. رغم ذلك تدخل هذه (الحجابات) وأقمشة (الكدمول) بقوة الثقافة السياسية والحياة العامة، وتفسح لها موقعاً متميزاً كواحدة من تجليات إنجذاب وإنهمال الهامش على المركز وعلو شأن سطوة السلاح على طبائع الأشياء وحقائقها فلولا البندقية لن يستطيع (الكدمول) والتعاويذ والتمائم وخرافات التهويم من إجتياح الأمكنة والأزمنة والإستحواذ على مساقط الأضواء والوقوف خلف لواقط الأصوات، وهذا مأزق لا يسيل صديده على وجه السياسة فقط إنما يتمدد ويتسرب إلي العقول المنتجة للأفكار والتي تتعاطى معها، فعندما تحتل هذه الوافدات المبهمة واجهة الحدث وتشكل ظلاله، فلن تبقى هناك أرضية سليمة لممارسة عادلة تقوم على عملية فكرية جادة تؤسس لمستقبل جديد في حياتنا السياسية. وهذا الزي الذي يرتديه عدد من كوادر حركة تحرير السودان والأحجبة التي يعلقونها على رقابهم حتى أخامص أقدامهم ، يجب النظر إليها واعتبارها نتاج مفاهيم وإعتقادات لا تتفق ولا تتسق مع التطور المدني والسلوك المديني المتلطف، وهذا بالطبع يخلق تصادماً وإستغراباً ودهشة لاحد كما حدث لكثير من الصحافيين ومن شاهدوا المشهد كله من ساعة وصول مني أركو للخرطوم التي تجيد حرفة الفرجة على سيريالية المرائي الصاخبة. وقد يحتاج بعض هؤلاء القادمين لفترة طويلة جداً قد لا تنتهي بانتهاء الفترة الانتقالية ،لإستيعاب فكرة صغيرة وبسيطة للغاية ، هي أن الخرطوم يستعصى عليها التحول الفيزيائي الكامل لهضم منظرهم الفريد والتعامل معه وهم في شارع البلدية يتحركون كمخلوقات فضائية فسفورية قادمة من بعيد .. عبر الشارع الأسفلتي ثم إلى القصر الرئاسي الفخيم . ومن لطائف حياتنا نحن أهل السودان، قدرتنا الجبارة في تحويل الوقائع العجيبة، إلى تعاملات طبيعية تألفها العين وترتضيها النفس إن لم تصادم الطباع والفطرة، وتستطيع هذه القدرة تحويل (الكدمول) إلى موضة و (الحجابات) إلى أيقونات متحفية معرضية تومض في الدروب والأزقة برهة ثم تختفي وهي تشير إلى أزمنة غبراء، وطأت فيها بطوننا الرخوة الحرب على الطريقة التشادية والموت القادم من الغرب.. في هذا الجانب يجب المحافظة على هذا الزي العجيب وعلى كل هذه الاعتقادات والأحجبة، على ما فيها من توخي الحذر وجلب الحظ ومنع الموت وحجب الرصاص، لترى الأجيال الراهنة واللاحقة والتي ستلحق إلى أي حد إنحدرنا نحو الهاوية وإلى أي مستوى إحتقرت الدولة وظيفتها..!!