|
محاورات فى الشارع السودانى
|
اذاً نعود الى الدولة السودانية فى مفهوم السودان الجديد ، كما عند الحركة الشعبية او الدولة الشاملة و المنسجمة كما احاول ايجادها فى اطروحات الفيلسوف هيغل حيث يقول : " ان وجود الدولة هو مجىء الله الى العالم " ان هيغل يعيد تفسير الديمقراطية الليبرالية الحديثة بتعابير مختلفة بشكل محسوس عن تعابيرالتقليد الانجلو- ساكسونى لليبرالية . ان اتفاق متساوى ومتبادل بين المواطنين من اجل الاعتراف ببعضهم هو لب اليبرالية الهيغلية . بمعنى السعى وراء الاعتراف العقلانى ، اى الاعتراف على قاعدة شمولية يجرى بحسبها الاعتراف بكرامة كل شخص بصفته كائناً انسانياً حراً و مستقلاً من قبل المجتمع وهو المطلوب اليوم فى السودان اى ان نعترف بحقوقنا الشخصية اى السعى وراء المصلحة الشخصية كما يقول هوبس ، و الاعتراف باننا ابناء الوطن الواحد اى بالصورة العقلانية كما يرى هيغل . فالحياة فى الديمقراطية الليبرالية هى الطريق المفتوح امام الرخاء المادى . فالدولة الليبرالية الديمقراطية تقيمنا وفق احساسنا بالقيمة الشخصية ، لذلك فالجوانب الراغبة فى نفوسنا تجد فيها فى الوقت نفسه ارضاء لها . ان الاعتراف الشامل يحل مشكلة الاستعلاء الفاضحة القائمة فى المجتمع السودانى الحديث و القديم ، فشخص واحد او الفئة كان ولا يزال يعُترف بها . و رضاءهم عن هذا الاعتراف كان يجرى على حساب جمهور الشعب العريض ، الذى لم يكن يُعترف بانسانيته فى المقابل، هذا الاعتراف لم يكن بالمستطاع ان يتعقلن الا اذا وضع على قاعدة الشمولية و المساواة . بامكاننا ان نفهم بصورة افضل عقلانية الاعتراف الشامل اذا قارناه باشكال اخرى من الاعتراف غير العقلانية . فالدولة القومية مثلاً ، اى الدولة التى تقتصر فيها المواطنة على اعضاء المجموعة القومية او الاثنية او العرقية ، هى شكل من الاعتراف اللاعقلانى ، فالقومية لكثيرين هى تعبير عن رغبة الاعتراف التى ولدت من التيموس وهو الجزء الراغب من النفس و الطامح الى تأكيد الذات ، وانتزاع اعتراف الاخرين . اذ ان القومى يهتم قبل كل شىء ، ليس بالارباح الاقتصادية ، و انما بالاعتراف و الكرامة ، و الهوية القومية ليست خاصية طبيعية او مو######## ، فاننا لا نملكها الا اذا اُعتراف بنا من قبل الاخرين باننا نملكها . غير ان الاعتراف الذى تسعى اليه القومى ، ليس لنفسه كفرد و انما للمجموعة التى هو عضو فيها .
اما الدولة اليبرالية ، بالمقابل ، فهى دولة عقلانية لانها توفق بين متطلبات الاعتراف المتنازعة على القاعدة الوحيدة المتبادلة التى يمكن قبولها ، اى على قاعدة هوية الفرد باعتباره كائناً انسانياً . هذه الدولة ينبغى ان تكون شمولية ، اى ان تمنح الاعتراف لجميع المواطنين لانهم كائنات انسانية ، و ليس لانهم اعضاء فى هذه الجماعة القومية او العرقية او الاثنية ، كما عليها ان تكون منسجمة ، بحيث انها تخلق مجتمعاً بلا طبقات . فعقلانية هذه الدولة الشاملة و المنسجمة هى ايضاً اكثر بداهة لانها ترتكز بشكل واع على قاعدة من المبادىء المفتوحة و المعلنة . هذا يعنى ان سلطة الدولة لا تولد من تقليد قديم ، او من الاعماق المظلمة للايمان الدينى ، و انما تنتج من الجدل العام الذى يتفق فيه مواطنو الدولة فيما بينهم على الاسس البارزة للنظام الذى يريدون العيش فى ظله معاً . يمثل ذلك شكلاً من اشكال الوعى الذاتى العقلانى ، اذن فان قيام دولة جديدة على اسس جديدة فى السودان هو الحل و المخرج الوحيد من المازق الذى نحن فيه ، و اعنى بقيام دولة جديدة محاولة لفهم اتجاهات الفكر السودانى و دراسته و تحليله و من ثم الخروج بنتيجة لاسئلة كثيرة ، هل نحن عرب ام افارقة ؟ فليكن الاجابة كما يراها كل السودانيين . السودان الجديد ام غيره !!!!!!!!!
نواصل
|
|
|
|
|
|
|
|
|