|
Re: فتنة السلطة والجاه ....الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)
|
السودانى العدد رقم: 245 2006-07-12 حديث المدينة ش هجرة الضمير ..!!
عثمان ميرغني [email protected]
*لا أعلم مدى صحة الحديث النبوي (أتينا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر) الذي ذكر الأستاذ الطيب مصطفى أمس أنه (موضوع) وأن الذي وضعه قصد افراغ الاسلام من محتواه الجهادي المقابل للفداء بالنفس..و علماء الحديث هم الأجدر بالقطع في صحته.. لكن وبعيداً عن نص الحديث.. فالواقع أن جهاد الحياة المدنية هو الأشق وبقدر ما نجح كثيرون في الفداء سقط أكثر منهم في امتحان الحياة الرشيدة.. *الشيخ محمد الغزالي وصف بعض الشعوب الاسلامية بأنها قادرة على (الموت) من أجل الدين لكنها غير قادرة على (العيش) بالدين.. ما ان تستنفر الهمم للبذل حتى تندفع الجموع.. نفس الجموع التي في مجتمعاتها يموج الغش التجاري والاجتماعي وتنتشر خطيئة النفاق.. *ولماذا نذهب بعيداً فلنأخذ المثال مما نحن فيه الآن .. افترضت الإنقاذ منذ مولدها في فجر الثلاثين من يونيو عام 1989 دولة راشدة تقوم على فضيلة المجتمع المعافى.. واستنفرت الشباب للموت في سبيل الله ..ولم يكن صعباً أن يجد الاستنفار في كل مرة شباباً مندفعاً مؤمناً بالموت في سبيل الله.. *لكن في المقابل.. الوجه المدني المتصل بصناعة الحياة لا الموت.. ظل الفساد يستشرى في أوصال المؤسسات المدنية .. وتطور من مرحلة (الفساد) إلى مرحلة (الإفساد) بمعنى أن تصبح المؤسسات ليس مجرد مواطن فساد اداري ومالي بل لتصبح أدوات (إفساد!!) لا تقبل بصالح نظيف في بيئتها .. فيعاني الضمير الحر من كدر الطهارة.. ويصبح الخيار بين أن يكون المرء أو لا يكون .. أن يكون فاسداً قابلاً بالفساد من حوله أو تلفظه المؤسسات خارجها (أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) (سورة النمل:56) *كثيرون تركوا أو تركتهم مؤسسات الخدمة..عندما فشلوا في مواكبة النهج..وفي المقابل كثيرون قفزوا الى أعلى وتسنموا الريادة الإدارية او التنفيذية بقدر سعة تبسمهم للفساد عندما يمر أمامهم.. إما دخلوا هم أنفسهم في الحلقة المريبة ..أو أضعف الإيمان حافظوا على صمت وثير.. *نجحت الإنقاذ في إرسال مئات التجريدات الى الحياة الآخرة .. مبجلين بحلة التنازل عن الجسد لصالح الروح الصادقة المخلصة.. لكن في المقابل.. لم ير الناس مسئولاً واحداً عن فساد المؤسسات وإفسادها يجر الى ساحة التنازل عن موقعه .. إلا لنقله الى موقع آخر.. حتى صار الشرفاء غرباء.. *كثيرون كانوا حضوراً في ساحات المعارك عندما لبوا النداء .. لكنهم هم أنفسهم عجزوا عن رفع حرف جهير واحد عندما رأوا العدل ينهار والنفاق يطغى والذمم تشرى.. يحمل الرجل على هامته وسام عشرين معركة خاضها بقلب ثابت.. ولا يحمل في سيرته الذاتية موقفاً واحداً نطق فيه بالنصيحة عندما تكون النصيحة عربون اقالة أو تشريد من الوظيفة.. حتى جاء زمان يتولى فيه مقاليد السلطة في مختلف المواقع رجال يصومون الاثنين والخميس .. لكنهم لا يتناهون عن منكر تقع فيه مؤسساتهم .. يمارسون أعتى مراتب حفظ اللسان..والوظيفة..!! *لن أنسى مطلقا رجلاً سامقاً في المنصب.. عندما كنا حضوراً في جلسة تنوير رسمية... كان يجلس في المنصة وثار بيننا جدل كبير كنت اعترض خلاله على اجراء رسمي ويحاول هو اقناعي من المنصة وأمام الناس بموقف الحكومة .. وبعدها بأيام قابلته في موقف بعيد عن الرسميات كاد يغشى علىّ من المفاجأة عندما قال لي بكل عفوية (كنت بقلبي معك حينما اعترضت .. لكن لم يكن في مقدوري أن اصرح بذلك) .. هم مجرد موظفين بأمر السلطان الذي في يدهم ولسانهم أخرس عن قول الحق. طالما أن الحق لا يضمن الوظيفة وجاه المنصب..
|
|
|
|
|
|