|
Re: رسالة إلى الأنثى التي أعشق (9) (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)
|
رسالة إلى الأنثى التي أحب بحبك بنسق المسافات المرعية ، وبفواصل الكلمات الصامتة في حضورك البهي ، وبألق الصبح المتنفس على زفرات حبي الحرَّى ، كم من مرة التقينا وبالإشارة تكلمنا ، كم برقت من بين ثنياك ابتسامة أصابت شغافي ، فبت ُّ أرقب لقياك ، وجفت جنابي مضجعي ، فقد حار فكري وجال خاطري محدقاً في إبداعي إلهي تجلي في أحسن تقويم لم أجد في قاموس مفرداتي من الكلمات ما تناسب الحال ، عجزت وخارت قواي فأصبت صريعاً لكي أنتي أيتها الصغيرة البهية ، فأنت السمو في فهم التسامح والعدل والرحمة ، فقد سمقت عن أترابك وتجاوزتي بعقلك عمر جيل . عرفتك طاهرة نقية ، صادقة ، عفيفة عرفتك باطناً قبل أن أجسد بياض جبينك وطول شعرك ولمعان أسنانك فهذه مفاتح لشخصك وجمال ظاهري ينجلي مع الأيام ، ولكني توقفت عند ذاك الشُعاع الداخلي الذي خلب عقلي وأسر فكري ........... بحبك فقد استقر حبك سويداء قلبي ، وباءت محاولات الهرب منك إلا إليك ، فأنت المشتهى وأنت المنتهى مراراً وتكراراً ، فقد سكن حبك بين جوانحي واستقر في شغاف قلبي ، فشغفت بك حتى حمَّ جسمي من أرق فعجزت السير من هزال وأصبحت مقصوص الجناح ، فقد أذلني الهوى وأنا الذليل ، فلئن سألني الأخلاء عن حالي حين قالوا ويحك ماذا دهاك يافتى ، قلت أصابني داء عضال حار دون دوائه الطب !! إلا طبيباً واحداً ، قالوا أين هو ، فقلت لهم طبيب يتمنع عليَ بالبلسم الريَاق ويتلذذ بعذابي وهو العالم بسر دوائي ، قالوا ما دوائك ؟ قلت : رشفة من شفتيه تسكن ألمي الحراق ، قالوا : كف عن هذا الهراء ، مسست ؟ قلت : كلا إنه ترياق الحب إن كان للحب ترياق . حبيبتي : هذا ما جرى وسأخبرك بحالي متى ساءت حالتي حبيبتي كثيراً ما يراودني هذا السؤال : لماذا نحن نبالغ في تمجيد البطولة والشهامة والكرم.. ونزدري الحب ولا نعترف بوجوده إلاَّ في الأشعار والأغاني والتمثيليات؟ كان ابن حزم الأندلسي واحداً من فلاسفة الحب العالميين في زمانه.. أتصوره لو بعث هذه الأيام وطلع على الناس بفلسفة الحب من جديد لرجموه.. سيقول لهم بكل اطمئنان في مقدمة كتابه «طوق الحمامة».. «أريحوا النفوس فإنها تصدأ كما يصدأ الحديد».. ثم يواصل حديثه عن جلال الحب فيقول: «دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف.. فلا تدرك حقيقتها إلاّ بالمعاناة.. وليس بمنكر في الديانة ولا بمحظور في الشريعة.. إذ القلوب بيد الله عز وجل».. ورغم أن الفلاسفة اتفقوا على أن الحب قيمة جمالية في حياة البشر.. إلاّ أنهم اختلفوا في تعريفه.. لكن ابن حزم الذي كان متأثراً بأفلاطون ذهب إلى أن الحب اتصال بين أجزاء النفوس المعشوقة يتولد عنه تأملات عذبة وخيالات جميلة.. ولعمري أن هذا هو التعريف الأصدق والأعمق.. ورغم أن الحب طبيعة شديدة الخصوصية إلاّ إن الأدباء والشعراء يطرقون بابه ويتغنون به على مشهد من الجميع ومنهم من يعلنه على رؤوس الأشهاد.
|
|
|
|
|
|