|
Re: سمية في الغربة "حجابي لن يجعل مني ملاكا" وأمها عارضت علاقتها مع أجنبي (Re: Frankly)
|
الحل
الأخت العزيزة، أهلا وسهلا بك وشكرا على ثقتك، أحييك أولا على صحة لغتك وتعبيراتك بارك الله فيك، كثيرا ما أوحت لي فقرات من إفادتك بعميق فهمك لعديد من الأمور، وهو فهم نتمنى أن ينعم الله به على كثير من المسلمين والمسلمات في عالمنا المضيع اليوم، ومن ذلك قول ما أجمله هو: "وحجابي لن يجعل مني ملاكا، بل يتركني في حيز البشر كغيري"؛ فهذا أحد المعاني الغائبة عن كثيرين بالفعل، والضرر الناتج عن ذلك الغياب هو أننا ننسب أخطاء البشر مع الأسف للحجاب أو للحية، فكثيرا ما نسمع تعميمات خاطئة تسيء لكل أصحاب اللحى بناء على خطأ أو أخطاء أحدهم أو بعضهم ونفس الشيء يحدث مع المحجبات؛ فمجتمعاتنا مع الأسف الشديد ما تزال تحكم على الناس بالشكل وعلى الشكل وما يعنيه في رأيها بتصرفات أصحابه، ولن أطيل كثيرا في هذا.
عبارة أخرى مهمة جاءت في إفادتك كنصيحة تعطى لك من البعض بأن تكوني أكثر مرونة مع نفسك ومع غيرك، فما يستشف من تلك العبارة يشير إلى يقظة ضمير زائدة عن اللزوم فيك، أو وجود بعض سمات الشخصية "القسرية" فيك وتذكري أن ما بين يقظة الضمير والشخصية القسرية شعرة ، ويدعم ذلك عدة إشارات جاءت في إفادتك كوصفك لنفسك بأنك أميل إلى العقلانية أكثر من العاطفية، وكذلك قولك: "والحقيقة أنني ربما، وإن لم أرغب في أن أصف بذلك، أكثر رومانسية مما أظن"؛ فهذه إشارة إلى خوفك الدائم من الانسياق وراء المشاعر باعتبارها ضعفا.
هناك كذلك تناقض واضح في طريقة تفكيرك في كيف يجب أن يكون الارتباط أو الخطبة، فمن يواجهك مباشرة بعرض الزواج تعتبرينه وقحا، ومن يحاول إيصال رغبته تلك من خلال شخص آخر ترفضينه.. فكيف يكون الحل إذن؟ ثم كيف يستقيم ذلك مع ما تحلمين به أو ترغبين فيه على أنه الأمثل وهو "زواج ينشأ من علاقة حب سليمة تنبع ذاتيا من الشخصين في إطار سليم".. أليس من المفترض أن ذلك لا يستقيم مع رفضك أن يفاتحك أحدهم بحبه أو رغبته في الزواج؟ أم أن المطلوب هو أن تنشأ علاقة حب ثم يتقدم الشخص لأهلك مباشرة دون أن يكونَ متأكدا من مشاعرك تجاهه لأنه لو صارحك أصبح وقحا ولو وسط شخصا ثالثا صار مرفوضا أيضا لأنه لم يجرؤ على مواجهتك مباشرة؟؟ تقولين بعد ذلك: أدرك تماما أنني أغلق عليّ الجميع كل الأبواب، وما فائدة المعرفة هنا؟ ما لم نتبعها بمحاولة التغيير؟.
لا أحسب أن لموقف والدتك علاقة بـ"الشعوبية" بقدر ما له علاقة ربما بمخاوفها من زواجك من صاحب موروث ثقافي مختلف حتى وإن حسن إسلامه، وليس واضحا لدي قولك إنك ربما تخافين من الزواج برجل شرقي كما يفهم من عبارة "أخشى أن أكون في قرارة نفسي أنفر من الرجل الشرقي وعقليات مجتمعاتنا البالية"؛ فالواقع في رأيي هو أنك تخافين ولو عن غير وعي من الزواج نفسه، ويعزز ذلك التخمين لدي بعض ما ورد في إفادتك وكأنه تبرير وتوضيح لأهمية الزواج فكأنما ترينه حاجة للشاب ليعف نفسه -دون أن يكون واضحا في كلماتك أنه حاجة لك شخصيا- وتقولين أعرف أنه سنة مؤكدة لإعمار الأرض، وكأن شيئا ما خفيا بداخلك يحاول نفي أي اتهام بخوفك من الزواج.
تبررين أنت ذلك بأن الخوف من سوء الاختيار سواء من جانبك أو جانب غيرك هو السبب، وأحسب أن للأمر علاقة ربما بميلك إلى التعمق والتدقيق أكثر من اللازم (وهذه كلها تخمينات قد تصح وقد لا تصح)، وأنصحك بقراءة سلسلة مقالات عن فن اختيار شريك الحياة على موقع مجانين ويبقى قولك أنك راضية بحياتك هكذا (ومستعدة للاستمرار وحيدة إذا كُتب عليّ ذلك؛ فالوحدة خير من جليس السوء، ومن زوج السوء).. أحسب أنك فعلا بحاجة إلى بعض المرونة التي يجب أن تتعلميها وربما احتاج الأمر إلى بعض التدريب بالتدريج، ونحن معك فتابعينا وأهلا وسهلا بك دائما.
إسلام اونلاين
|
|
|
|
|
|
|
|
|