|
Re: كلمة لمنتدي صحيفة المشاهد في الإحتفالية بالذكري العاشرة لرحيل الكروان مصطفي (Re: Abulbasha)
|
الحبيب : صلاح الباشا
اليك وانت تفتح هذا الجراح الأليم لهذا الفنان الانسان تفاصيل آخر حوار صحفي قبيل رحليه كنت قد أجريته معه ..وذلك أملا في اثراء هذه المادة الفنية الرفيعة ..
مع خالص الود والتحية ..
Quote: مصطفى سيدأحمد : مستقبل الأغنية السودانية مرتبط ارتباطا عضويا بحال البلد والناس
مدخل : من العلامات الفارقة في تاريخ الأغنية السودانية هو هذا اليوم ( 17/1/1996 م ) .. وهو اليوم الذي غيب فيه الموت روح شهيد الفن والوطن الفنان الراحل/ المقيم مصطفى سيدأحمد .. ولأنه حي يسعى بيننا رغم الغياب الأبدي .. ولأنه رمز خالد في سماوات الغناء السوداني الأصيل. ولأن ما تركه من فن راق سيبقى عائشا بيننا على مر السنين .. لا لشيء الا لأنه فن حمل في ثناياه الكثير من القيم .. قيم تجري في عروق حياة كل سوداني مجرى الدم . ولأنه كان ـ دوما ـ آخر المتكلمين بين الحضور !!!!!!آخرالمتكلمين تأدبا وتحسبا وتألقا وتعففا وعمقاوشفافية . لأنه كان كل هذا وذاك .. لعلنا هنا نفسح المجال أمامه .. نعطه المقعد الأمامي .. نتيح له فرصة ـ ولو لمرة واحدة ـ كي يتكلم بنفسه الأبية الرافضة للضيم والظلم والبغضاء ..وبصوته المتعب .. و الذي تعبر عنه حنجرة طالما رحلت بمستمعيه الى سماوات الفن الرفيع .. وحلقت بهم فوق ثريات الأصالة والالتزام .. وأجلستهم على مقاعد القمر الوثيرة .. وهناك أفردت لهم جناحا سرمديا .. وعالما كم رقص الجميع على بساطه الأنيق .. وانتشوا طربا وسكروا من لدن صوت شجي.. وعانقوا ماض تليد تسربل بحاضر ندي وومستقبل آت . هكذا كانت حالة الجميع ـ ودون استثاء ـ مع هذا الـ ( مصطفى ) الانسان .. فلعلنا هنا نستمع اليه ولو مرة دون أن نقاطعه .. نحن الذين لطالما تحدثنا عنه وفيه وبه !!!! تكلمنا جميعا حتى أضحى الحديث عنه ـ لدى ا لبعض منا ـ تجارة !!!ولكن أي تجارة ؟؟؟ !!
فقد جاء الينا الرجل من غياهب الابداع ورحم الجنون متأبطا نجيمات ضاويات علها تهديه السبيل الى قلوب الملايين من أبناء شعبه .. فكان له ما أراد .
جاء الينا وفي أعماقه روح شفيفة أغتلناها قبل أن نعرف كنهها . ثم غادرنا وفي أحشائه تنام كلية فتاة روسية الجنسية / موسكوفية المولد دون أن نزرع ـ يوم أن احتاجنا ـ كلية واحدة في جسده المنهك!!! أن نعطيه ( كلية سودانية خالصة ) تبدد وحشة قبره .. وتكون له أنيسة في مثواه الأخير .. ورفيقة لدربه في رحيله الأبدي . هكذا عاش فينا ولنا .. ولكنه مات غريبا رغم الاحتفاء به من قبل نفر من أصدقائه في منفاه القسري !! .. تخيلوا معي ـ يا سادتي ـ أن تموت غريبا في المنفى وأنت تمثل الحياة لدى من أحبوك وعشقوا عطاءك حتى الثمالة !! . انها مفارقة المنافي حقا !!!! أليس كذلك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ . لذا فانني أهدي ما أود قوله هنا .. وما سنسمعه من هذا الراحل/ المقيم وعلى لسانه شخصيا الى : كل الذين تاجروا باسمه وبفنه .. وكل الذين أثروا من وراء ابداعه .. وكذلك أولئك الذين لا يزالون يحاولون فعل ذلك !!!!!!! وكل الذين أخلصوا له وظلوا على العهد والوفاء له حتى وهو في قبره ..فأعطوه حقه وفاءا واحتفاءا وتكريما واحياءا لذكراه الخالدة خلود الفن في وطن كم أنهكته جراحات السنين !!!!. وكل الذين تنكروا له بعد رحيله وعانت أسرته الكريمة صنوف الضيم منهم ـ كما ورد على رفيقة عمره وزوجته العزيزة بثينة . وأخيرا وليس آخرا الى روح المرحومة السيدة الفاضلة والدته الكريمة ( ست الجيل) التي أبت الا أن تلحق به قبل أيام وهو في كنف ربه .
**********************************************
أكتب اليكم في هذه اللحظة من عمر الزمان وأمامي صورة لجواز سفره والذي يحمل الرقم ( 026990 ) والصادر بالخرطوم في يوم ( 1/7/1991م ) لتنتهي مدة صلاحيته بتاريخ ( 1/7/1993 م) الا أن الأختام التي يحملها تبين أنه قد تم تجديده في السفارة السودانية بالعاصمة القطرية الدوحة ..القطرية الدوحة وذلك في يوم ( 6/7/1993 م ) على أن ينتهي في يوم ( 6/7/1995 م ) .. وفي ذلكم الجواز :
الأسم : مصطفى سيد أحمد المقبول المهنة : مغني ومؤلف وموسيقي مكان وتاريخ الميلاد : ود سلفاب 1953 م
هناك ( جيش جرار !!!!!!!) من مدعي صداقته ومرافقته والعارفين بخبايا حياته ـ حتى الخاصة منها !!!! ـ تكلموا .. وتكلموا .. وتكلموا عنه بعد أن أدركوا أنه لن يكون بيننا ثانية !!!!!!!! وبالطبع ـ وحتى لا أكون مجحفا في حكمي وتجريمي لهم جملة واحدة ـ فقد كان من بين ( هذا الجيش الجرار!!!) من هؤلاء الذين عنيتهم هنا من كان له صديقا حميما و لا يزال يكن له حبا عظيما وودا نقيا واحتراما كبيرا وهؤلاء قلة بالطبع كما أعلم ويعلم الثكيرون غيري !!.
ولكنا بعد أن قرأنا وسمعنا من كل هؤلاء وأولئك .. دعونا الآن نستمع اليه وهو يتحدث .. علنا نستشف في ثنايا حديثه الرصين هذا.. كيف كان يفكر.. وكيف كان يرى الأشياء من حوله وهو على فراش المرض الأخير .
جاء ذلك في آخر حوار صحفي له كنت قد أجريته معه قبيل رحيله الأليم ..
والآن دعونا ـ أنا وأنتم جميعا ـ نصلي ـ ولو لبعض الوقت ـ في محراب هذا الـ ( مصطفى ) و نصبح كلنا آذان صاغية لـه وذلكم عبر هذا الحوار الذي لم يكن طويلا كما هو الحال عليه في مثل هذه اللقاءات الصحفية ولكنه كان عميقا لما اتسم به فناننا الراحل من دقة في اختيار كلماته وبعد في أفكاره :
سؤال : الفنان ـ كما معلوم ـ حالة خاصة .. والفن رسالة انسانية قبل أن يكون طربا ..فكيف يكون الالتحام بين الحالة والرسالة ؟؟ .
* من أنواع الذكاء : الذكاء الناقد .. الذكاء العملي .. والذكاء الخلاق . وعليه فان خصوصية الفنان تأتي من انتخاب الطبيعة له بتأهيله بنوع من ا لذكاء الخلاق .. وكل ذلك يتبدى في نشاطه كانسان .. أي أنه يسعى لتحقيق انسانيته من خلال تفاعله بما يجرى حوله مزودا بهذا التأهيل الفطري .. أي خصوصية حالته تأتي في اطار سعيه لتحقيق انسانيته وذاته .. وفي ذلك علاقة عضوية تنفي أن تكون حالته منفصلة عن رسالته .
سؤال :أين ترسواليوم مركب تجربة ( مصطفى سيد أحمد ) مع الغناء والموسيقى ؟؟.
* هي تجربة تتوالد أبعادها من أبعاد .. حيث القضايا مازالت ساخنة وكثيرة .. والتفاعل مع الحياة قائم ولم يفتر بعد .. كما أن البيئة حبلى وثرية .
سؤال :أين وكيف ترى الوطن في ظل الظروف القائمة حاليا ؟؟؟..
* أرى أن الوطن يدخل في تحد كبير .. فبالرغم من قسوة التجربة على أبعادها الثلاثة : الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الا أن لها ما بعدها دون شك .. حيث أن التجربة تساهم في اسقاط الكثير من الأقنعة ( مع وضد !!!) ومابعدها يتجاوز كل هذه الأقنعة مترسما ملامح واضحة المعالم ومحددة لا تطولها المغالطات .. أي بمعنى آخر انه في مرحلة هدم وبناء ليس على مستوى الظرف الراهن ولكن على مستوى مفاهيم الماضي وما تعتمرها من تخلخل ومراجعة .. والمفاهيم المطروحة الآن وما سقط منها كشعارات كذبها الواقع خلال الممارسة اليومية وما يتبلور من رؤى جديدة تقود خطوات التغيير .
سؤال : الوطن والحريةالغربة والابداع ماقولك ؟؟ ومتى يكون الفنان صدى لصوت شعبه ؟؟
* يمكنني القول بأن التجربة التي يمر بها أهلنا الكرام داخل السودان وخارج حدوده ـ برغم قسوتها ـ الا أنها مفيدة وناقدة لكل ما سبق . أما عن الغربة وتجربتها المرة فلا تسلني ياصديقي .. أو ليس من بالداخل يشعر بالغربة الآن ؟؟!!!!!!!!.
* و للاجابة على سؤالك عن الفنان ومتى يكون صدى لصوت شعبه .. فان الحديث يطول في هذا المقام .. ويكفي أن تنصهر ـ كفنان ـ في معامل معاناة هذا الشعب الذي أنت من صلبه وتنعجن في أفراحه وأتراحه لتصبح لسان حاله في سرائه وضرائه .. وهذا هو الفنان الحقيقي من وجهة نظري . سؤال : ماذا عن تجربتك مع المبدع الفنان ( يوسف الموصلي ) ومشاريعكما معا ؟؟ * يوسف الموصلي صديق عزيز .. وهو بجانب كونه مطربا فهو موسيقي مقتدر وملحن بارع له اسهاماته الواضحة في هذا المجال .. كما أن هما مشتركا يجمع بيننا في مجال طرح تجاربنا بشكل فيه الكثير من الاجادة والاتقان .. فأمامنا الكثير من الأعمال التي نأمل أن نخرجها تباعا على منوال ما سبق أن أنجزناه معا من تجربة لاقت صدى طيبا في نفوس الجماهير والمهتمين على حد سواء .
سؤال : ما هو جديدك ؟؟ وما قولك عن مستقبلك فنيا وأنت في هذاالظرف المعلوم ؟؟.
* هناك الكثير من الأعمال الجديدة بمعيتي .. أما هذه الأيام ـ وبرغم ظروفي الصحية التي تتحدث عنها أنت هنا ـ فانني أعيش بصحبة قصيدة لشاعر مصري اسمه ( أحمد صلاح كامل ) وهي بعنوان ( مفتتح الطريق ) كم أرجو أن يقوم حواري هذا معك ـ أخي خضر ـ مقام اخطار له .. فأنا ـ للأسف ـ لم ألتقيه ولكني وجدت قصيدته هذه منشورة بمجلة ( العربي ) وقد أعجبتني وأثارت بداخلي الكثيرمن الشجون وحركت مشاعري فعكفت على تلحينها .. يقول مطلعها :
هذا فرحنا ميت والأرض تلهث في سباق الانفلات ونسيت أمومتها أمومتها وباعت فرخهاللريح أنكرت البراءة في عيون الفجر لطير الليل كي يملي القرار وأنا أسجل موقفي لا اليل قديس ولا القمر انتصار ..
كما أن هناك قصيدة لصديقي الشاعر السوداني ( محمد مدني )أذكر منها : والأرض تحضن بذرة الامكان يا رباه يا أرض اتخذتك مغزلا للحب والاشعار والحقب الجديدة
أما بخصوص سؤالك حول مستقبلي الفني .. فأنا أعمل وفق برنامج يسعى لانجاز رؤى محددة أ حلم ـ ان أمد الله في الآجال ـ أن أنجزها على المستويين : الشكل والمضمون . سؤال :ماذا لو سألتك عن اتحادالفنانين لسودانيين وصلتك به ؟ * وهل تعتقد ـ يا صديقي ـ بأنه يؤدي دوره المطلوب في ظل غياب أو توقف معظم رموزه ؟؟.. ففي الواقع ليس بيني وبين هذا الاتحاد أي اتصال منذ خروجي من السودان .. فهل ترى أنت له أي دور حاليا؟؟. سؤال أخير : كيف ترى مستقبل الأغنية السودانية عامة وأنت في منفاك هنا ؟؟ * بايجاز ـ أخي خضر ـ انه مستقبل مرتبط ـ دون شك ـ ارتباطا عضويا بمستقبل هذا البلد والناس هناك .
خضرعطا المنان [email protected]
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|