|
Re: بداية السقوط (Re: ABUKHALID)
|
الراصد لأحوال البلاد عقب انقلاب 1989يونيو يكتشف أن سمة حقبة هذه السلطة هي بروز الحس العرقي بين أهل السودان وتعميق الهوة بين علاقات قبائل السودان و العزف علي وتر العنصرية بشكل مباشر أو غير مباشر وهذا المقال غير معني بتشخيص اشكال تمظهر العرقية بحال من الاحوال بقدر ما هو معني بتشخيص المنتوج النهائي لهذا التمظهر وتلمس انعكاساته علي الحياة العامة والأثر البالغ الذي أحدثته ( سلبيا ) في تطور الحياة السياسية في السودان بمعني آخر رصد ما ترتب علي انفلات النعرات العرقية علي مجمل الحياة السياسية القبيلة تاريخيا شكل متخلف من أشكال الاجتماع البشري وهي شكل من أشكال التنظيم الحضري يقوم مقام الدولة في المجتمع العشائري وشيخ القبيلة أو رئيسها يتحلي بسلطات تصل حد الاطلاق في كثير من الاحايين وذلك لا يخلو طبعا عن صبغة سياسية بدائية تركز السلطة بأطلاقها في ايدي قليلة، والنظام القبلي بداخله اشكال معقدة من التراتب الهرمي السلطوي تبعا لنظام القبيلة واشكال معقدة لاستبدال الحاكم الذي غالبا ما ينتهي حكمه بموته هو بذلك يمثل نظام اجتماعي سياسي أقرب الي الدكتاتوري في التعريفات السياسية المعاصرة قد تجاوزته البشرية علي كل حال واستطاعت البشرية خلال تطورها ابتداع اشكال من التنظيم أرقي تلائم النمو المطرد للعائد الاقتصادي وتبدل التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية وظهور الدولة الحديثة التي تنظم مصالح اجتماع بشري اكبر من القبيلة فظهرت اشكال جديدة مثل النقابة والحزب السياسي والحزب الديني بديلا لأشكال التنظيم البدائي والذي يعتبر التنظيم القبلي أحد انماطه ما تقدم مدخل مصغر يمكن تعميقه من خلال مبحث عميق في علم الاجتماع والاقتصاد السياسي هو ما لا يعنينا هنا علي كل حال كما أشرت في صدر هذا المقال فقط احببت الاشارة الي بدائية النظام القبلي كنظام اجتماعي اقتصادي السؤال ألاول الذي يطرح نفسه بقوة ماهي اسباب نمو القبلية والعرقية في غضون السنوات الاخيرة في السودان؟ السؤال الثاني هل ما يدور في السودان صراع عرقي أم هو صراع آخر يحتمي بهذا المظهر المتخلف ؟ السؤال الثالث هل هناك امكانية حقيقة مستندة الي معطيات واقعية للتعايش في ظل هذا التباين العرقي ؟ السؤال الرابع ما هو موقع الدستور في حلقات هذه الازمة؟ الحقيقة هذه هي الاسئلة التي أحاول الاجابة عليها ومن خلال كل اجابة ساعرج الي وجهات نظر قد نختلف حولها أو نتفق لكنني متأكد ان كل اضافة هي حجر علي الطريق يرشدنا للمزيد مفتاح اجابة السؤال الاول تردي الوضع الاقتصادي في البلاد فمنذ انقلاب يونيو 1989 شهدت البلاد تدهورا مريعا في معدلات نمو الناتج القومي وتراجعت معدلات نمو الناتج الصناعي وتفشت البطالة ودارت عجلة النشاط الاقتصادي الهامشي وصارت سمة لاقتصاد الدولة وارهق كاهل المنتج بسلسلة من الاستقطاعات الضريبيية وغير الضربيبة دون انعكاس يذكر لذلك علي قطاع الخدمات الشئ الذي أثر تأثير كبيرا علي حياة الفقراء متضافرا مع كل ذلك الفساد الاداري والقمع السياسي ترتب علي ذلك دخول أهل الريف في عملية افقار حقيقي وهذا الافقار كان الشرارة الحقيقية لكل هذه الصراعات رغما عن انه اتخذ اشكال ملتوية ومتعرجة في التعبير بفعل تدخل السياسيين وتدويرهم لوجهة الصراع في اتجاهات تخدم مصالحهم ولا تعود لجموع الفقراء بشئ يذكر الحقيقة المحزنة ان جاهير المناطق المهمشة يرزحون تحت نير الفقر والمرض والجهل وسلطة المركز وابتلوا بسياسيين بلا ضمير ولا مشروع تغيير اجتماعي يقودون به هذه الجماهير نحو حياة أفضل فقط ارتكزوا أو قل تمترسوا حول النزعة العرقية والقبيلة دون ادني محاولة لدراسة عميقة للتغيرات الكلية للواقع في السودان وأنتهزوا أن عصابة من أهل الشمال قد سطت علي السلطة بليل ليحيلوا الشمال الي شماعة يعلقون عليها خيباتهم في ايجاد مخرج حقيقي لجماهير المهمشين من نير الظلم الذي يدفعون حياتهم ثمنا له غير مميزيين بين سلطة انقلابية ينتمي جنرالاتها للشمال والجنوب والغرب ومجموع أهل الشمال والوسط الذين يرزحون تحت نير نفس الطغمة الحاكمة والحقيقة التي لاتخطئها العين أن حكومة المركز تشعر بأرتياح كبير عندما يتحول الصراع الي صراع قبلي لان ذلك عامل تشتيت لا توحيد ويصبغ الصراع بصبغة أخري غيرالصبغة الحقيقة له تختفي معه اخفاقات الحكومة الكبيرة ويخفف عن الحكومة ضغط المجتمع الدولي ويقلل امكانية الاتحاد بين الجماهير لأسقاط الحكومة نفسها .
|
|
|
|
|
|
|
|
|