مؤسسات حركة تحرير السودان وجيشها وفروعها وقادتها يباركون الاتفاق وقفون خلف قيادتهم الشجاعة

Quote: الزغاوة ...ما بين حصاد الحسرة وتهافت الجهلاء/اشرف حسن عجب الدور May 8, 2006, 12:42 ارسل الموضوع لصديق نسخة سهلة الطبع الزغاوة ...ما بين حصاد الحسرة وتهافت الجهلاء * اشرف حسن عجب الدور اشرف حسن عجب الدور ترددت كثيرا قبل أن اشرع في كتابة هذا المقال فليس من قناعاتي التعصب الأعمى للقبيلة والسباحة في جهالات الجهوية والعنصرية الآسنة ،فثمة قاعدة منطقية تقول أن الدولة لن تصل إلى مرحلة الاستقرار ويتحقق فيها مفهوم القومية حتى تنصهر فيها عناصر السكان وتذوب في بعضها البعض لصالح الوطن بدلا عن النعرة الاثنية التي هي بمثابة دعوة للتشرذم والانغلاق والتكتل ....ويمكن بجلاء ملاحظة أن الدول التي يسود فيها الصراع والنزاع هي التي تولي موضوع القبيلة والعرق اهتماماً كبيرا من اجل تحقيق مكاسبها ،والأنظمة الدكتاتورية القابضة أو التي لها مشاريع خاصة تخدم في خط ضيق أهدافها القميئة من خلال تأجيج مشاعر القطعان والجماعات بدلا عن إعلاء الشعور بالوطن والتعصب له وما ينطوي عليه الأمر من شعور بالروح الجماعية والوطنية وبعد في النظر وتخطي لمتاريس القبيلة التقليدية ومن ثم تحقق نهضة الدولة ونماء شوكتها اعتمادا على ك! ل السكان دون استثناء وخروجها من نطاق حدودها إلى نطاق الإقليمية ومن بعدها العالمية (دولة عظمى). هدفت من هذا المقال بيان بعض الحقائق التي توارت تحت ركام وتراب التعتيم والتضليل والتزييف ، وكما قيل فالغرض مرض ، والذي يكون صغيراً في نفسه يكون صغيرا في أحلامه وطموحاته . هي خطوة لإلقاء الضوء دحضاً لظلام الافتراءات والأقاويل والجهالات والتي لن تؤدي إلا إلى تمزيق المجتمع والنسيج الاجتماعي اكثر مما هو ممزق– الناس على دين ملوكهم – وهذه الخطوة بمثابة تنوير عن جماعة أسهمت في تاريخ البلاد وضحت بدمائها رخيصة من اجله بصورة لا ينكرها إلا مكابر عنيد لا تغير مكابرته من الحقيقة شيئاً ، وبحسب التربية القبلية العقيمة للكثيرين منا والتي تجعل المرء في جلباب أبيه وجده ، فبعض من الأسلاف يشدون النشء إلى الوراء ويسهمون إلى حد كبير في تشكيل عقلياتهم بصورة سالبة رغم انف تقدم الحياة ويضعون في مخيلتهم صوراً عن الغير تجافي الحقيقة يبنون عليها قراراتهم فيما بعد (القلم ما بزيل بلم) ولعلها العلة التي تقف وراء هذا التخلف وهذا التردي والانحطاط. واعلم أن الكثير من القراء يفضلون الصحف كنافذة للتنوي! ر بالنظر إلى رخص أسعارها هذا من جانب ومن جانب آخر فالكتب بعضها غير متو فر أو محارب فضلا عن غلاء أسعارها . هذه مقدمة طويلة قصدت من خلالها تبرئة ذاتي من النعرات الجاهلية البليدة ،مع علمي أن البعض يخوض في هذه الجج النتنة دونما حياء أو اختشاء ،إما لعقد ووساوس وشعور بالدونية ، أو لبرهنة الأصل النبيل وطهارة الجذور !!! كمبرر للاستعلاء والتطاول على بقية الخلق استغلالا لعاطفتهم الساذجة بسبب الجهل الذي يضرب باطنابه في الأرجاء والبقاع مما يجعلهم يربطون بين العقيدة والسلالة ، وبالطبع فالأمر يضر بتلك الرسالة السامية ويجعلها مناظرة لمفهوم الاستعمار الثقافي ... واحسرتاه على كل الذين نبذوا رسالة النبي محمد الراقية وراء ظهورهم واتبعوا نعرات الجاهلية الخرقاء .. إن الشارع لكل من يعلم اصدق من السنة الساسة ، والفائدة المرجوة تكون في الطحين وليس في جلبة وجعجعة الماكينات أليس كذلك ؟ نعود إلى موضوعنا الرئيسي وهو قبيلة الزغاوة المثيرة للجدل والتي لاكتها الألسنة وتناوشتها الاتهامات وفي هذا السياق سأتعرض لبعض ما سمعته من الخطب في بعض المساجد وما قرأته في بعض الصحف المراهقة وسأحاول الإجابة على ما جاءوا به من مزاعم وخزعبلات واتهامات تبين بجلاء الانحطاط والتردي ال! ذي وصل إليه البعض جهلا وتحويرا وتسويفاً ومداراة للحقائق والمسلمات التاريخية التي جاءت في ذكر هذه المجموعة الكبيرة الضاربة بجذورها في ارض السودان ولعل هنالك تقصير من المهتمين في إيصال الحقائق للجمهور عن مجموعات كثيرة لا يعرفها الناس إلا من خلال الأقاويل ، وأسهم في هذا الأمر ترامي أطراف البلد وضعف التواصل مما حدا بالتاريخ إلى التوقف في أذهان البعض عند مثالب تجاوزها الزمن بمراحل ، فالذي ينظر خلفه لا محالة سيتعثر أو يلقي حتفه إن كان أمامه مورد للهلاك. من هم الزغاوة ؟ يقول الباحث محمد عبد الله آدم في كتابه – قبائل السودان نموذج التمازج والتعايش – في صفحة 105: ( اختلف المؤرخون حول اصل الزغاوة فقد ذهب البعض إلى أن الزغاوة يلتقون مع البرنو في أن كليهما ينحدر من العرب العاربة عرب الجنوب وحميريين ثم كانوا ضمن هجرات العرب الأولى قبل الإسلام بقرون ثم اختلطوا بقدماء المصريين ثم النيليين ثم ظعنوا إلى حوض بحيرة تشاد وخلال الترحال والتعايش والتداخل التقوا بأقوام وعناصر بشرية كثيرة ومختلفة فتزاوجوا وتصاهروا معهم حتى ضاع لسان كثير منهم فصاروا رّطانة. وذهب آخرون إلى أن الزغاوة برابرة! حاميون وعندما جاء الإسلام كانوا أول من اعتنقه وابلوا بلاءاً حسناً في الدفاع عنه وحمل رسالته إلى كثير من الشعوب الإفريقية . وذهب بعضهم إلى أن الزغاوة هم الشعب الليبي القديم واتصلوا عن طريق البحر المتوسط بالحضارات القديمة كالفينيقية والمصرية والنوبية ). وكدليل علي ارتباط الزغاوة بالأصول العربية استند المؤرخون على العديد من الدلائل التي تشير إلى ذلك مثال : o أن أجداد الزغاوة هاجروا من الجزيرة العربية وبقى بعضهم في سوريا وهنالك قبيلة الزغبي في سوريا لها كثير من اوجه الشبه بالزغاوة والاوشام على البهائم واحدة . o توجد قبائل عربية بجزيرة العرب والخليج العربي تماثل قبيلة الزغاوة من حيث التسمية مثال ذلك قبيلتي الزعبي والزغاوي بالكويت. o توجد بأطلال مسجد القصر ببنغازي بليبيا رسوم على أحجارها الضخمة جميع أوشام قبيلة الزغاوة ووجدت نفس الاوشام في الجبل الأخضر عام 1974م مفصلة بها اوشام قبيلة الزغاوة كلها تفصيلا كاملا (المرجع السابق). o في مدينة إنطاكية على الحدود التركية السورية توجد قبيلة تسمى الزغاوة ويعمل أفرادها في مهنة الحدادة كمهنة الزغاوة الحداحيد في دارفور تماماً. أريد أن أضيف إلى ما سبق بعض الملاحظات فالزغاوة قبيلة تمارس مهنتي ! الرعي والتجارة كحرف أساسية ، كما انهم يحبون الفروسية وتربية الإبل والخيل وهم فرسان شديدو المراس وأقوياء البأس كان لهم شأن عظيم في حروب التحرير ضد الاستعمار كما سيأتي لاحقاً، وبصورة جلية جداً يمكننا الربط بين هذه الأنشطة وعادات العرب القدماء . والزغاوة يحبون التنقل والتسفار وكانوا أول الجماعات التي عرفت التجارة إلى خارج الحدود ، وأسسوا الشركات عبر البحار ولديهم رؤوس أموال ضخمة وشركات في الكثير من أرجاء العالم ويمتازون بحبهم لبعضهم وتآزرهم بصورة يندر مثيلها في السودان ، والزغاوة ينشرون في كل أرجاء السودان ولا يكاد إقليم يخلو من وجودهم . وربما من خلال تكاتف الزغاوة واتساع مداركهم استنتج البعض ممن عايشوا التشتت والفقر أن هؤلاء القوم يدبرون لأمر ما ، والأمر تذكيه الغيرة العمياء والشعور الأجوف بالرفعة على الآخرين. هل هذه أمور مستغربة في بلد طريقة التفكير فيه تدعو للرثاء؟ بخصوص اصل الزغاوة سأتناول بعض السطور من كتاب آخر للمؤرخ صديق البادي ومقدمته للبروفيسور العلامة /عون الشريف قاسم (عليه الرحمة) والكتاب استند على مرجع استغرق إعداده خمس عشرة سنة بحثا وتنقيبا وتقصي للحقائ! ق . يقول صديق في كتابه (القبائل السودانية والتمازج القومي ): الزغاو ة من القبائل الحدودية ولها وجود في السودان وتشاد وليبيا وقد اقتنع الزغاوة بالإسلام ورفضوا بإباء وشمم كل المحاولات التبشيرية والتنصيرية التي قام بها المستعمرون وسطهم وعقابا لهم حرموا من التعليم النظامي ، فاهتموا بالتعليم في الخلاوي وبعضهم هاجر خارج المنطقة لتلقي قدر من التعليم النظامي). أشير هنا إلى أن الزغاوة يعدون من اكثر القبائل تعليماً في غرب السودان ووسطه ولديهم رصيد وافر في هذا الشأن (راجع كتابات ضياء الدين البلال عن الشينات الثلاث)، كما أن لهم روابط علمية واجتماعية في كل قارات العالم. أما البروفيسور عون الشريف قاسم فيقول في موسوعته عن القبائل والأنساب في السودان ص 1017: ( زغاوة: قبيلة كبيرة من التبو الحاميين والزنج مع صلات عرقية بالليبيين والبربر .. تذكر بعض رواياتهم أن أصولهم من الشام .. وقد تحدث العرب عنهم كثيراً فذكرهم المسعودى ، كما ذكرهم أبو العلاء المعري في شعره ، ولغتهم إحدى لهجات التبو ويتحدث معظمهم العربية . وزغاوة كردفان يرجع نسبهم إلى خالد الجهني – في حين ينتسب البقارة إلى عبد الله الجهني – وهو والد زيد والد عطا والد احمد الدرويش والد علي المكاشف! ي والد حسن المجذوب والد إبراهيم دلوم والد الفكي حسن والد السلطان احمد دروا والد حسن كّراي والد عمر والد الفكي عقيد الذي جاء بهم إلى منطقة كجمر ). يمكنك إذا تنقلت في ديار الزغاوة العرب والبقارة أن تلحظ الملامح المشتركة والعادات والأمزجة التي توضح هذه العلاقة الكائنة . (يطلق الزغاوة على أنفسهم اسم البيرى وينقسمون إلى ثلاثة فروع هي : الويقي والتوباء والكوبارا .. أما الويقي فيشملون الارتاج والقلا والتوار والنيقيري واولاد دقيل والكجمر والكاتينقا والتوباء هم البديات اما الكوبارا فهم زغاوة الكوبي . ومن شيوخ الادارة الاهلية بينهم الشرتاي التجاني الطيب واخوه محمود الطيب ، والسلطان محمود دوسة واخوه بشارة دوسة وابناء الملك محمدين وهم الملك علي ومحمود وصالح ،والملك آدم نورين )..أ.د. عون الشريف قاسم ص 1018.. مرجع سابق. الزغاوة و الثورة المهدية : يقول المؤرخ احمد عبد الله في كتابه المشار إليه آنفاً ص 113 : ( بادرت الزغاوة إلى مناصرة المهدية خاصة زغاوة القلا في كرنوي والتوار في منطقة امبرو والكوبي في الطينة والارتاج في أم حراز فقد هاجر هؤلاء منذ أيام المهدية الأولى وباي! عوا الإمام المهدي في قدير ..وكان رسول الإمام المهدي إلى السنوسي في لي بيا هو الشيخ طاهر اسحق الزغاوي ومعه كوكبة من فرسان الزغاوة ، وتمكن الأمير محمود ود احمد أن يأخذ من كل بيت من بيوت الزغاوة مجاهداً فكون الزغاوة لوحدهم قوة ضاربة وشاركوا في كل معارك المهدية الأولى الحاسمة واستشهد منهم رجال كثيرون ، وحينما احتاجت الثورة إلى مدد ومزيد من الرجال لبى ملك الزغاوة يومها الملك مصطفى ود بحر داعي الجهاد فجهز رجالا كثيرين ورمى بهم وبنفسه في أتون معارك المهدية وشارك هو بنفسه في موقعة النخيلة (بعطبرة) .. يقول المؤرخ : ( وقد وجدت مكتوباً أطلعني عليه بعض المعمرين من الزغاوة في دارفور يحوي كيف نفذ الملك مصطفى ود بحر ملك الزغاوة أمر الخليفة عبد الله بان يجند من كل بيت من بيوت الزغاوة على سعتها رجلا للجهاد وقد فعل ذلك وبنجاح تام وقد قدر عددهم بأربعين ألف مجاهد). من خلال هذا السرد للحقائق التاريخية لا يمكن أن يفوت على أذهاننا هذا التعاون الرائع إبان الثورة المهدية بين كل أبناء السودان (عدا القليلين) دون ارتداد قميء للعنصر والعرق .. فالمهدي من دنقلا آوته كردفان وجبال النوبة وأمدته دارفور وجنوب السودان بالمقاتلين ، لاشك أن أجدادنا رغم ضعف تعليمهم كانوا أ! فضل خلق منا إلى حد بعيد. إذن من خلال هذا الرصد التاريخي يمكننا الرد بسهولة على المزاعم والخزعبلات والجهالات التي تقول بدولة الزغاوة الكبرى وطموح أبناءها على حساب الوطن الذي أفنى أجدادهم أنفسهم من اجله انتهاء بامدرمان وعطبرة ، هل هنالك تنكر أفظع من هذا بالله عليكم !! هذا هو ماضي الزغاوة فماذا عن الحاضر ؟ بأي حال من الأحوال لا يمكن إسقاط مجاهدات الزغاوة و أمراء المجاهدين الذين فوجوا المقاتلين من اجل مشروع الإعاشة هذا ( اقصد المشروع الحضاري عليه الرحمة)، وكم من أسرة و أسرة قضى أبناءها نحبهم ليتلاشى من بعد الحلم السراب ، ولعلنا نذكر بعض أمراء الطلائع ونجهل الكثيرين ، ولا ارغب في الخوض بشأن هذا الموضوع فما تعرفونه أظنه يكفي . ولا ينكر إلا مكابر مريض دعم تجار الزغاوة لحكومة الإنقاذ في بداياتها قبل أن تعرف دولارات البترول ودعم المانحين ، تمر بذهني ذكريات الشاحنات والسيارات الصغيرة التي تبرع بها رموز الزغاوة أمثال الحاج آدم يعقوب (رحمه الله ) الذي منح درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة الخرطوم تقديراً لمجهوداته في دعم الجامعة ؟ والموضوعات موثقة والصور والوثائق موجودة في ب! طون الكتب. لقد تبرعوا من حر مالهم وليس من المال العام ، فكم عدد الذ ين فعلوها آنذاك ؟!!! لابد ان الزغاوة قد ماتوا بالآلاف في معارك المهدية وقدموا دعمهم هذا من اجل تحقيق دولتهم الكبرى ..أليس كذلك؟؟ كما تعودنا على الصور المقلوبة فإننا بتنا لا نندهش حينما يحدث أمر غريب ، إنما نندهش حينما يحدث الأمر الصحيح وتعتبر الحقيقة؟ للأسف الشديد فالذين تعرضت ألسنتهم وأقلامهم البذيئة لسيرة الزغاوة يستمع لهم كثير من الغافلين ، ويا ويل أمة يصتنت شعبها للجهلاء وذوي المرض والغرض . والانكى من ذلك فان الذين يلوكون سير الآخرين بالباطل ،هؤلاء إذا نظروا إلى تاريخهم المخزي عليهم أن يديروا إليه ظهورهم أن كانوا يعرفون الحياء !! وحقا إذا لم تستح فاصنع ما شئت . وأجرأ من رأيتُ بظهرِ غيبٍ على عيبِ الرجال ،ذوو العيوب إنها ليست دعوة عمياء ،ولكن سرد مبسط ومختصر للغاية هدفت منه إيقاف الناس على حقائق ربما لم يطلع عليها الكثيرون ، وهذا ليس تمييزاً لفئة على حساب فئات أخرى كلها عظيمة عظمة هذا البلد وهذا الشعب الأبي الذي ترجم التعايش والتآلف والتعاون إلى حقيقة واقعة رغم تعدد أصوله. قد يختلف الشقيق مع شقيقه ولكن حتماً ستصفي الأيام ما كدرته ا! لفتن ، وسيطفئ التنوير ما أججه رعاة العدوان والبغضاء . يا أهل دارفور ويا أهل السودان جميعاً ... تعظيم سلام . * أشرف حسن عجب الدور أستاذ جامعي