صلاح احمد ابراهيم قنديل وشموع وجذوة إنسانية تبقى مضيئة حتى تحت الرماد على مر الأزمان!!
د. ابوبكر يوسف إبراهيم
R السلام عليك يا بيان وعلى كل الذين أدلوا بمداخلاتهم عن رسالة الراحل الصديق إلى الرئيس البشير ... عندما نويت المداخلة إستصحبت علاقة صداقة حميمة عمرها ثلاث عقود ونيف... ومعرفتي اللصيقة بالغائب الحاضر الفذ صلاح أحمد إبراهيم خلصت إلى حقيقة لا تقبل الجدل ولا المزايدة وهي أن حب صلاح أحمد إبراهيم للسودان أمر فوق كل توجه سياسي ونزعة أو ميل شخصي ,ان ه ما كان يخلط حبه للوطن بأي مزايدات سياسية... ان صلاح عاش ومات مسكون بحب السودان وترابه وإنسانه ... إن الرسالة التي بعث بها الراحل للرئيس البشير سبقتها رسالة وقتما طبق الحصار الجائر على السودان وكانت رسالة مؤثرة مرفق بها شيك مصرفي مساهمة منه في فك الضيق والخناق المضروب على السودان وما كان يحاك ضد الوطن مهدداً سلامة إنسانه ووحدة ترابه ... لم ينظر الراحل إلى توجه البشير السياسي والعقدي فهذا أمر يجب أن لا يخلط بالمسائل المصيرية... فإن كان الأمر كذلك لكانت بينهما داحس والغبراء ولكن صلاح كان كبيراً وعملاقاً وإنساناً وشاعراُ وأديباً ومناضلاً وفوق كل هذا وذاك هو مواطن سوداني صميم مسكون بحب الوطن وأهله الغبش الغلابة الشماسة ... صلاح إبن أمدرمان التي جمعت كل أطياف الأمة بمختلف ألوانها وعرقياتها وثقافاتها ومعتقداتها فإنصهر هذا الخليط في جيناته وحدد إنتمائه وهويته... صلاح قرر أن ينحاز إلى السودان الوطن الأم في وقت الشدة والضيق والحصار... صلاح قنديل وشموع ... صلاح إنسان ومواطن سوداني فريد... كنت مع صلاح في باريس قبل رحيله بشهرين وكنا على إتصال حتى بعد عودتي وكانت بيننا رسائل نادرة حتى نعاه الناعي ورثيته بثلاث قصائد نشرت في الشرق الأوسط والشرق القطرية والأنباء السودانية ... المؤسف أننا لم نبحث في ميراث وجمع ما ترك من إرث هو ملك للسودان مفخرة ... وإنني أنتهز هذه السانحة لأشكر الأخ الدكتور صلاح الرشيد والأخ فيصل فضل الله والأخ على الكرار من منتدى أمدرمان بالرياض حيث إتصلوا بي للترتيب لليلة أتحدث فيها عن صلاح... هناك جوانب إنسانية مضيئة في حياة صلاح لم يكشف عنها النقاب وهناك رسائل نادرة له تبادلناها سوياً... صلاح شاعر فريد ... أديب أريب ... وإنسان رقيق ... وروح عبقرية ... وقلباً نقياً صافياً... وحناناً وتحناناً...ونبع عاطفة لو وزعت على العالمين لفاضت صلاح نهج وريادة ... سوداني صميم إنه ملح الأرض... إنه شهيق الأرض وزفير النيل... هو أنّة الحزانى والمحرومين ... لم يعش صلاح أبداً لنفسه حتى رحل ... عاش مسكون بحب الوطن وطينه وترابه وإنسانه ونخيله ... خلق من تراب السودان وعاد ليدفن فيه ولتتحلل ذرات جثمانه لتذوب وفاءً مع ترابه في جوف الأرض التي عشقها واهداها عمره حتى رحل منها... وهو الذي ركل منصبه الرفيع في الجزائر ليمضي للمجهول غير آبهِ بأن يعيش في ضنك بعد رغد وأمته تتضور لقمة العيش... صلاح كبرياء وكرامة...سخاء عطاء وحتى في حالات العدم كان يؤثر غيره وينام الطوى... صلاح رمز الإنسانية والصبورة .. هدوء ودماثة خلق وتواضع جم وكنوز ثقافة وعبقر شعر ... كان يمكن أن يكون صلاح شاعراً مترف ومخملياً ولكنه آثر أن ينحاز لغالبية الغبش ويكتب معبراً عن آلامهم وأحزانهم وتطلعاتهم وأمنياتهم وتعداهم إلى قارته السمراء... صلاح لحن فريد في شفاه الغلابا المحرومين والمنبوذين ... ألا رحم الله صلاح الذي شقّ عليّ فراقه وأحزنني وحزني له سميته بالحنين الأول لأنه أول حلقة في سلسلة الأحزان الثلاث التي أعيشها!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة