|
زهير السرّاج: أفكر في اعتزال الكتابة لشعوري بأنني جزء من خدعة كبري إسمها الإنقاذ
|
إبرة تنفيس .. لا !!
زهير السراج [email protected]
* أفكر في التوقف عن الكتابة ولكن لا أدري متي وكيف!! * ولهذا التفكير اكثر من سبب، ولكن الأهم هو إحساس ظل يتراكم في نفسي يوماً إثر آخر.. وينمو ويكبر.. ويتوالد، بأنني جزء من (خدعة) كبرى تمارس على هذا الشعب منذ استيلاء الإنقاذ على السلطة في يونيو 1989م.. وممارستها لأبشع أنواع الإرهاب والسيطرة على الناس، والاستئثار بالثروة، وتفشي الفساد، وانتشاره في كل أركان الدولة.. وتطاول الحفاة العراة رعاة الشاة في البنيان وامتلاكهم كل شئ؛ المال والشركات الكبرى والعقارات.. وحتى أرواح الناس صارت ملكا لهم.. بينما الشعب مهيض الجناح، مسلوب الإرادة، جائع مريض، وعاجز عن تصحيح الأوضاع.. *وعن مجرد التعبير عن الظلم الذي يقع عليه، والألم الذي يشعر به، والمعاناة الشديدة التي يعيشها!! لا يستطيع حتى ان يصرخ أو يتألم بصوت (عالٍ).. وكلما ازدادت عليه الآلام، وتكالبت عليه المصاعب والمتاعب واشتد عليه الظلم.. انزوى اكثر ونام أطول استنادا على القول (اذا كترت عليك الهموم اتدمدم ونوم)! *القلة التي لا تزال صاحية.. صارت وسيلتها الوحيدة للتعبير عن آلامها وأتراحها ومعاناتها.. والظلم الشديد الذي يقع عليها.. قراءة الأعمدة اليومية في الصحف السياسية والرياضية.. ثم الإحساس الكاذب بالراحة النفسية.. حيث تلعب (الأعمدة) الدور المطلوب منها في (تنفيس) الناس.. بما يجدونه فيها من كتابات وآراء ناقدة (للنظام الحاكم)!! ينامون ممتلئين بالغيظ والسخط والغضب والألم.. لدرجة الانفجار.. وعندما تشرق شمس الصباح، يهرولون نحو مكتبات بيع الصحف، يلتمسون لديها (إبر التنفيس) التي تقوم بالمهمة المطلوبة لإفراغ النفوس المنتفخة بهدوء.. قبل أن تنفجر، وتكون لانفجارها (آثار ضارة) بالنظام الحياتي الذي صاروا أسرى له، وخداماً في محرابه!! * والنظام الحاكم يعجبه هذا، لذلك فهو ينتج للسوق كل يوم (إبرة جديدة) بمواصفات جديدة وجاذبة لجماهير المنفوخين.. لتؤدي الدور المطلوب منها مع (الإبر الأخرى) في التنفيس والتفريغ!! * حاولت وظللت اقاوم لسنوات طويلة.. الإحساس بأنني جزء من هذه الخدعة الكبرى، وأوهم نفسي بأن الذي أفعله وأقوم به عمل نبيل، وواجب مقدس.. من أجل التصحيح والتغيير.. لا بد ان استمر فيه مهما كانت المصاعب والمتاعب والتضحيات.. وعندما قرر صديقنا وزميلنا يس حسن بشير التوقف عن الكتابة من قبل، لنفس السبب تقريبا، اجتمعت به مع اخوة عزيزين هم الأساتذة كمال الجزولي، وفيصل محمد صالح، ومحمد لطيف، وقلنا له بأن قراره (هروب من المعركة وتهرب من المسؤولية وانتصار للقوى الشريرة، وهزيمة لغالبية الجماهير.. وقتل للأمل في نفوسهم).. وكنت اكثرهم حماسا وانفعالا واعتراضا على (قراره الخاطئ).. وأقنعناه بالعودة للكتابة.. ولكنني كنت في قرارة نفسي مقتنعا بالأسباب والمبررات التي ارغمته على التوقف.. وعلى رأسها الإحساس بأنه (جزء من خدعة كبرى) تُمارس على الشعب! وهو نفس الإحساس الذي ظللت اقاومه حتى استمر في الكتابة!! * ولكن لم يعد في مقدوري ان أقاوم، واستمر في هذه اللعبة بدون ارادتي!! * لذلك.. فإنني أفكر في الهروب.. سيقول البعض انني خفت، وسيقول البعض انني تعبت، وسيقول البعض انني بعت وقبضت الثمن. * لكن صدقوني كل هذا غير صحيح.. فقط لا أريد ان اكون ابرة تنفيس!!. www.alsudani.info
|
|
|
|
|
|
|
|
|