الإنفعال ذلك الداء السوداني العضـال
ليس ثمة شعب مولع بسرعة الإنفعال بقدر ما يفعل شعب السودان ، فهو يحتفي بالإستفزاز على نحو خاص، ولا يقتصر ذلك على قبيلة دون اخرى أو فئة الرجال فقط ، بل تمتد حتى للنساء والأطفال ويمكن ان تصل للرضع .. فقد تعود صغيري خالد على الإستجابة لأي إستفزاز يصدر مني أو من والدته ويفسر ذلك في جملة من البكاء والنحيب والرفض المنقطع النظير وضرب راسه بالأرض ويستطيع أن يوقف كل البيت على رجل واحدة او كما يقول جدي (يوقف البيت أضان دحش ) رغم أن عمره لا يتعدي الشهور حتى ينتفي ذلك السبب الذي هيج رغبة البكاء فيه ... (أضان دحش دي طبعاً في ناس مابعرفوها . ولا أكذب عليكم فأن هذا السلوك من هذا الصغير جعلني أتوجس خيفة نحوه بل فكرت بالشروع في معالجة هذا الأمر عن طريق المختصين ، ونبهت والدته الى ضرورة إجتثاث هذه الظاهرة الخطيرة في تركيبته ... المهم يستطيع السوداني أن يترك همومه الأسرية والمهنية ، وأن يضحى براحته ووقته وماله في سبيل إعزاز أحد ومن أجل إكرام ضيف... ويقف بين المتصارعين يهدي الأحوال حتى لو أصابته شظايا من العرك إستناداً على المثل السوداني "الحجاز ليهو عكاز" وتراه يدعو الناس للألفة ونبذ الشتات والنفس البارد والتحلي بالصبر والحكمة ... الخ لكنه في نفس الوقت وبنفس الإستعداد يستطيع أن يمسح كل ذلك بجرة قلم بمجرد تعرضه لأول إختبار عملي في مسيرته من أصغر إستفزاز ، أقول ذلك قدحاً وليس مدحاً كما يتبادر لذهن البعض ... حكي لي أحدهم بأن أحد الرجال وقف أمام رجل وقال له " تعال هنا أنت السنة الفاتت قلت لي يلعن أمك " نظر اليه الرجل بإحتقار والدم يغلي في عروقه ورد عليه : السنة الفاتت ديييييييييييييك؟؟؟ هسع ينعل أمك وينعل أبوك ويتنعل أبو أهلك كلهم ... هكذا قالها دون النظر لأي عواقب ودون الخوف من أي تطور ودون ان يضع في إعتباره أن هذا الشخص يقصده أو يختبره أو يعترضه أو أن هذا فعلاً ما يريده ... بالله عليكم شوفوا الحماقة دي لوين ؟؟؟ كلنا يذكر ان الدنيا قامت ولم تقعد حينما نُسب للفنان راغب علامة وصفه للسودانيات بأنهن قبيحات أو شي من هذا القبيل قبل أربعة أو خمسة أعوام ... شاهدنا كثير من المنتديات تغص بعد هذه الواقعة بالآف القصائد والآف المقالات في الصحف السيارة والإنترنت تهاجم هذا الفنان بل ذهب التطرف الى غلو أكبر حينما طالبت جماعة بالقصاص من راغب علامة ، ومقاطعة إنتاجه وفنه وجميع ما يمت له بصلة وتبنت محامية مرموقة في القاهرة (لايحضرني أسمها الأن) مقاضاة الفنان ومطاردته قانونياً .... وتعددت المجهودات التي تطالب برد إعتبار السودانيات.... ولم تقف هذه الغضبة إلا عندما وصل بيان واضح من الفنان راغب الى جميع الصحف ينفي فيه هذا الحديث المنسوب اليه ويعتذر فيه بشدة لجميع أهل السودان ... الغريب في الأمر أن هذا الأمر قيل بأنه حدث في سهرة تلفزيونية مع الفنان في قناة لبنانية ، والى وقت كتابة هذا المقال لم يوكد لنا أحد هل هناك من شاهد هذه السهرة أم أن الأمر مجرد فرية اراد بها شخص المزاح مع أخر فقلب الوجع على الباقين ؟؟؟ وهل هذا الحديث صحيح أم لا ؟؟؟ أحد السودانيين يقبع بالسجن لعدد من السنوات أثر قتله لأحد الخليجين حينما نعته ب"العبد" فلم يتمالك السوداني نفسه ووجه لكمة الى صدر الشخص أوقفت قلبه وارتده قتيلاً ... ومازال النظر في القضية ماضياً الى حيث لايدري أحد ، وأصبح هم أسرة هذا الشخص هي خلاصه وعودته الى دياره سالماً بعد أن كانت تعلق عليه أمال في إنتشالها من دائرة الفقر المقدع بإغترابه المفأجي .... ولم تتواني الأسرة من بيع كل ما لديها من اجل أن يستقر أبنها وتستقر معه حياتها المعيشية المضنية ، ولكنها ضاعت بسبب إنفعال وتحول السحر على الساحر ... وكان يمكن لهذا الشخص مقاضاة هذا الشخص وحصوله على مبتغاه ورد إعتباره وفق القوانين او الأجاويد ، ولكننا كشعب سوداني نسعى لحل مشكلتنا بيدنا ، ونعتبر التقاعس عن ذلك واللجؤ الى القانون في الإحتكام لمثل هذه المواقف عيبٌ كبير وقلة نخوة ورجولة في الوقت التي تموت فيه ملايين الأنفس والأرواح دون أن يحرك ذلك فينا ساكناً .... أحد الزوجات أكتشفت بأن زوجها الذي يعاني من مرض السكر يدس في دولابه علبة (مربة وطحنية) لانها برقابة لصيقة تحظر عليه أكلها وأكل الحلويات والنشويات ، فما أن أكتشفت ذلك ألتفت لزوجها الذي يقف خلفها وصفعته كفاً أوقعه أرضاً ، لم يتمالك الزوج نفسه وكان يمسك في يده قلماً ولم يتردد في أن يفقأ به عينها .... وأنتهت حياتهما بالطلاق رغم وجود ثلاثة ِأطفال أبرياء بينهما ولم تنجح كل الاجاويد في إعادتهما لبعضهما حتى الآن .... في برنامج (شاهدٌ على العصر) من قناة الجزيرة إستضاف مقدم البرنامج أحمد منصور قبل سنوات خلت السيدة جيهان السادات ، وفي معرض تعليقها على جزء من القوانين المصرية الخاصة بالمرأة في مصر ذكرت بأن مصر قد نقلت جزء منها من تجربة السودان ، فرد عليها مقدم البرنامج بسخرية ( هو السودان يعني أمريكا) ، هذا الامر أثار حفيظة معظم السودانيين وتقاطروا زرافاتاً ووحدانا من مختلف أصقاع العالم وكتبوا واتصلوا بقناة الجزيرة وشجبوا وأدانوا فما كان من مقدم البرنامج إلا أن أشار في الحلقة التالية الى حجم الإتصالات والإحتجاجات التي وصلت للقناة وقدم إعتذاره وإعتذار القناة لجميع السودانيين عن الحديث الذي صدر منه فسكتت العاصفة بعد حصولها على هذا الإعتذار ... وقرأت مرة – بالصدفة- أن عدداً كبير أحتج على مقال صدر من الكاتبة الجزائرية احلام مستغانمي تشير فيه الى ان البرلمان السوداني برلمان أخرس أو شي من هذا القبيل ، و لم أعثر على هذا المقال الذي أحدث على ما يبدو ضجة كبيرة فاقت تصورات مستغانمي نفسها ... خلاصة القول في أننا شعب زائد الحساسية ويعالج بعض قضاياه العادلة والواضحة بطريقة مخلة تنعكس على القضية لدرجة أن التصرف يفتك بها ويضرب بها ويحولها الى سلة النسيان بل تكون هناك ضحايا ليس لهم أي ذنب لتحمل تبعات ونتائج هذا التصرف الأحمق ... فهل نحن شعبٌ قادر على تدارك موقفه وتحويل عواطفه الجياشة وحساسيته المفرطة الى تصرفات سليمة تنعكس بالخير والنجاح كما حدث في إنتفاضتي أكتوبر وأبريل ؟؟؟ أم نبقي كذلك ؟؟؟ تخريمة : شاهدت في هذا المكان الكثير من الإنفعالات وردود الأفعال ولا اود أن أشير اليها خوف أن يطالني من شظاياها ما لاقِبل لي به ( يعني نظام الواحد هارش وكدة ) (عدل بواسطة Sidig Rahama Elnour on 07-27-2006, 07:04 AM)

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]