|
السودان من ثورة الهامش إلي إعادة الإنتاج المركزية ...
|
هل كان بمقدرة الدكتور جون قرنق تغيير مجري التاريخ؟ ان ما نتحدث حوله الان هو ليس المقاتل بل الاسطورة التي تلهب خيالنا وتتحول من رمزية الي تاريخية الي تعليلية حسبما اقتضي الأمر من مشروع السودان الجديد الي الحشود والملايين التي خرجت لملاقاة قائد ثورة التحرير الي موته المأساوي و أحداث الاثنين الدامي لتتشكل في ذهننا صورة اقرب الي الحلم والخيال منها الي الواقع.هذه الاحداث المتتابعة دفعتننا بقفزة نوعية الي الامام متخطين من خلالها ما كان يدور علي ارض الواقع واتجاه الحركة الشعبية كوعاء مؤسس للسودان الجديد. فقد اختار الدكتور جون قرنق من خلال الحركة الشعبية ان يذهب لاتفاقية السلام منفرداً. والأحزاب السودانية لم تكن تنظر الي الدكتور جون قرنق والحركة الشعبية كنموذج يمكن استلهام نضالاته في اطار المقاومة ضد النظام فقط لكنها كانت في جزء من أحلامها تدفع بالحركة الشعبية للنضال بالنيابة عنها. وحروب الوكالة لم تقتصر علي الحركة الشعبية بل ربما اصبحت نسقا من التفكير يسيطر علي الكثيرين داخل وخارج الاحزاب. هذه الجزئية لا تجعلنا نلقي باللوم علي الدكتور جون قرنق لذهابه منفردا لتوقيع اتفاقية السلام اذ ليس من المفترض ان يقاتل نيابة عن الاخرين ولكنها كانت تشير في ذات الوقت الي تطور نوعي في مشروع السودان الجديد.اذ ان تحول الجبهة الاسلامية من الوريث الشرعي للمركزية التي يجب ان يتم تفكيكها واعادة بناءها الي شريك وجزء لا يتجزأ من مشروع السودان الجديد يشكل معادلة غير متوازنة ترتبت عليها النتائج اللاحقة التي لم يكن بمقدور سيلفاكير او ابناء الدكتور جون قرنق أو كل الحركة الشعبية موازنتها.
وحركة التاريخ التي نتحدث حولها هي دفاعات المركز في ثنائية (المركز / الهامش) ومقدرته اللامتناهية في استقطاب الهامش و اعادة انتاجه مرة أخري وفق الشروط المركزية - الصارمة.
فقد كانت اتفاقية السلام هي بداية استقطاب المركز للهامش الذي يتم اعادة انتاجه مرة أخري في ظل نظام سيلفاكير أو الشريك المتذمر.واعادة الانتاج تمثلت في وقف المقاومة مقابل وعود مثلتها اتفاقية لا يعلم احد متي ستنفذ بنودها ليسدل الستار علي الهامش الجنوبي في داخل عباءة المركز المسيطر دون أي تغيير نوعي فالشريك المتذمر دفع بكوادر تمثل نموذجا لاعادة الانتاج المركزي مما جعله فاقدا للمشاركة الفعلية في اتخاذ القرار وبعيدا عن الاعلام ولا يدري شيئا عن البترول ولم يفتح ملفاً للفساد.والصراع حول وزارة الطاقة لم يكن سوي مؤشر.
هذه المعادلة لم تتوقف عند الحركة الشعبية فقد تم انتاج ذات السيناريو الذي يبدو انه قابل للتطبيق تجاه حركة اركو ميناوي فاذا كان نموذج الحركة الشعبية والدكتور جون قرنق هو الاسطورة التي تقود الهامش فسيظل سيناريو اعادة الانتاج وفق شروط المركز هو منهج السلطة في مواجهة الهامش.
|
|
|
|
|
|
|
|
|