|
المطالبة بالانفصال أم بالعودة إليه ؟!
|
كثير من الناس يضعون في اعتبارهم أن السودان الشمالي والآخر الجنوبي لم يمرا بمرحلة انفصال عن بعضهما .. والآن الإنفصال إذا ما وقع بينهما سيكون أول انفصال .. وربما مثل هذا الإعتقاد هو الذي يجعل هؤلاء »رغم كل شئ« يستقبحون خيار الإنفصال كضرورة حتمية يقتضيها بسط الأمن وبالتالي إنعاش التنمية وتحقيق الرفاهية .. وليس كمطلب عنصري لا قيمة حياتية وانسانية له . ولأن كثيراً من الناس يضعون في إعتبارهم أن الانفصال إذا وقع بين الشمال والجنوب سيكون أول إنفصال بينهما .. تجد من يرغب في الانفصال منهم يطالبون بالانفصال .. وكأنما الانفصال لم يكن واقعاً يوماً من الأيام . والصحيح بالطبع هو أن يطالبوا بالعودة إلى الإنفصال .. نعم بإعادة الإنفصال .. ولكن لماذا ؟!! أولاً لأن الوحدة القسرية بين السودان الشمالي والسودان الجنوبي قد بدأت في اليوم الذي رفع فيه علم »الاستقلال المفخخ بها « وهو الفاتح من يناير عام 1956م . فلم تكن الوحدة بين الشعبين هنا وهناك قائمة طيلة عهد الاحتلال البريطاني .. وهذا يعني أن الأصل هو الانفصال بين الاقليمين .. وقد جاءت الوحدة فيما بعد لتكون أداة لحصاد ثمار قانون المناطق المقفولة المرة والحنظلية،. وبالطبع فإن شعبي الشمال والجنوب معاً قد تذوقا هذه الثمار الحنظلية، وقد تعرضا بعد مجزرة أغسطس 1955م لمجزرة الأحد الأسود في عام 1964م وما ترتب عليها من إنتقام وكذلك مجزرة الاثنين الأسود عام 2005 م وما ترتب عليها أيضاً من إنتقام عرف بالثلاثاء الانتقامي . إذن قبل إنسحاب قوات الاحتلال البريطاني من البلاد لم تكن هناك وحدة بين شعبي الشمال والجنوب .. ولذلك تبقى هذه الوحدة من الخطورة بمكان عندما تأتي بعد انسحاب قوات الاحتلال لأنها لا تأتي إلا لتكون أداة لحصاد ثمار قانون المناطق المقفولة أو المناطق المنفصلة عن بعضها ثقافياً واجتماعياً وأيدولوجياً. إن السودان المحتل ـ حينها ـ كان عبارة عن عدة دويلات تحكمها حكومة إحتلال واحدة على رأسها بريطاني لقبه »الحاكم العام« .. وحينما يصبح مستقلاً بعد انسحاب قوات الاحتلال ثم لا يصاحب الاستقلال إنفصال ضروري لإعتبارات سياسية واستراتيجية يبقى من الطبيعي أن تعيش البلاد حالة احتقان تقود إلي مثل ما قادت إليه بالفعل من تمرد هنا وهناك ومجازر تقع بسبب الاشاعات الكاذبة، مثل إشاعة مقتل وزير الداخلية في عام 1964 م كلمنت أمبورو وهو من أبناء الجنوب . وكذلك إشاعة أن أبناء الشمال هم الذين قتلوا جون قرنق. في حين أن أمبورو وقت الإشاعة كان في جوبا وليس الخرطوم وقرنق كان في الحدود اليوغندية وليس في الساحة الخضراء التي استقبله فيها مع أنصاره كثير من الشماليين . إذن لم تكن هناك وحدة أصلاً وقد بدأت في عام 1956م .. وتقتضي الظروف الآن العودة إلى الإنفصال. خالد حسن كسلا
|
|
|
|
|
|