|
يا أهل الموسيقى في سودان اليوم تعلموا رسالة الحرية من محمد وردي ومحمد الأمين و (بوب مارلي)
|
يا أهل الموسيقى في السودان تعلموا رسالة الحرية من محمد وردي ومحمد الأمين (وبوب مارلي)
في كل الدول التي أذهب إليها في أنحاء العالم، أجد بوب مارلي هو رمز الحرية" لعل هذه العبارة التي صرح بها أحد مسئولي منظمة العفو الدولية هي خير تعبير عن مدى الأثر الذي أحدثه بوب مارلي في عالم الموسيقى الحرية .
فـ"مارلي" المغني والملحن والناشط السياسي الجامايكي استطاع عبر موسيقى "الريجي" التي أسسها وفلسفة "الرستفارية" التي اعتنقها وآمن بها أن يؤسس لتيار موسيقي وفكري جديد تجاوز جزيرته الصغيرة "جامايكا" إلى كافة أنحاء العالم.. تيار لا يزال مؤثرا رغم مرور ربع قرن على وفاة مؤسسه.
ولأن الموسيقى من بين جميع وسائل التعبير عن كينونة الأنسان وقلقه الوجودي وتَوْقه الىاعتلاء صهوة الحلم والأمل تبقى هي الأكثر عمقاً وتغلغلاً في النفس الانسانية والأكثر شمولية..ولا يبقى الموسيقيُّ ذلك الذي يصنع الموسيقى ويولِّفها بل ينقلب الى فنانٍ فيلسوفٍ يحلم بمدينة فاضلة ويغرس الحلم في نفوس جمهوره..فنّان يشجب كل ما يلغي انسانيته وانسانية الآخرين وفي المقابل يزرع بذور الأمل بمجتمع جديد هذا هو الموسيقي الذي بنحث عنه .
وتاريخ بلادي السودان ذاخر بأولائك و بالنضالات الموسيقية منذ ( عازة ) سرور ، والعطبراوي مرورا بوردي ومحمد الأمين وغيرهم .. ولكن بكل أسف في كل مرة عندما نريد التحدث عن إي إنجاز سوداني نننزلق في داومة الحديث عن التاريخ كأنما مشيئتنا البكاء على الأطلال ، كأنما نضب معين الإبداع الموسيقى لدينا ولم تعد تستشعر الموسيقى السودانية قضايا الوطن والنضال والحرية والمساواة والعدل ، فهل يدرك موسيقي اليوم في السودان أنه حين تستعير الموسيقى من القصيدة لغة الشعر يدور حوارٌ كَوْنيٌّ يحمل الذات الانسانية نحو أعالي هواها فتنفتح أمام الانسان فضاءاتُ الكائن المنطوي فيه فيمضي بعيداً بعيداً في الزمان -الزمان الانساني-مخترقاً حدود المكان.
هل يدركون هذا الالتحام الرائع بين الموسيقى والشعر الذي يستنطق لغةً فوق اللغات المنطوقة فتقرّب الأمة وتوحّدها اذ تحتوي كل كيانهم ،وتستوعب صراعاتهم وتناقضاتهم الفردية،فيولد التَّوْق الى الانسجام والانصهار في بوتقة روعة الانسان في توقه للتحليق عاليا متمردا على الظلم والقهر واستلاب حريته التي لا معنى لوجوده دونها.
اذا اتّبعنا التعريف الشمولي للمثقف بأنه الانسان المبدع والمنتج والمؤثّر في حركة مجتمعه ،واذا جاز لنا تعريف السياسة في المقابل بالفعل المتدخِّل في حياة الناس اليومية وقضاياهم وهمومهم نكون قد توصلنا الى نموذج المبدع المثقف الذي يجمع بين مشروعه الموسيقي ومشروعه الانساني الشمولي ،وهنا يدور القول عن الفنان الالكبير محمد وردي الذي أسس قواعدَ استماع وتذوُّق أكثر قيمة وأصالة والذي يعتبر أن لا قيمة للفن ان لم يكن مخلصا لقضية تحرير الانسان.
ترى،أية سمة تتماهى مع كينونة وردي؟الفنان المبدع أم المثقف أم كلاهما معا؟ انه مبدع مثقف لا يمارس مبدأ التقيّة التي قد يمارسها العديد من المثقفين والمبدعين:فالحرية بالنسبة له شرط انساني ،وهو كمبدع وكمثقف عمادُه ودَيْدَنُهُ الحلمُ لا يستطيع الا أن يتشبّث بالحرية . والحرية لا يمكن لها أن تنغلق في حدود الذات الفردية بل هي مرتبطة ارتباطاً جدليا بحرية الانسان في كل مكان.. أين أنتم يا موسيقيي اليوم من محمد وردي الذي يجهر بالحقيقة من خلال الموسيقى ومن خلال الفعل.ولأن المبدع المثقف لا يستطيع ادّعاء الطمأنينة واللامبالاة حيال هذا المد الطافح بالبؤس الذي يغرق بلادي ، فهو عندما غنى "شبابك تشابك " لم يكتفي باهداءها الى سجناء الحرية سجون السودان بل أهداها إلى سجناء الرأي في كل مكان ، هكذا حمل محمد وردي وغيره من المبدعينفي زمانهم رسالة الموسيقى مبدأ للحرية فيا يا أهل الموسيقى في سودان اليوم أين أنتم من قضايا الحرية ، وقضايا الوطن وهل من وردي جديد .
في داخلي مدن من سلام فهل تسكنها أيها الوطن
|
|
|
|
|
|