|
الشهيدة ابتهال والارهابي 1
|
كان كل شيئ يسير بهدوء تام في جامعة نيالا ، الطلاب متجهون الى قاعات التدريس بنشاط وعلو الهمة واعضاء هيئة التدريس يعملون بالتفاني لايصال رسالتهم السامية ،العمال والموظفون الكل يعمل في مجاله ، وفي وسط هذا الزحام كانت ( ابتهال ) استاذة جامعية في مقتبل الثلاثينات تسير بكل ثقة واطمئنان وتقوم بتسليم تعهداتها والتزاماتها لدى الجامعة لانها تستعد لرحلة علمية الى جامعة الخرطوم لنيل درجة الدكتوراة وهي امنيتها . وبدأت تودع كل من تقابله من زملائها او طلابها ، تودعهم وهي لاتعرف بانه الوداع الاخير . وفي الطرف الاخر من هذا الزخم كان طالبها ( عماد ) يسير من خلفها ويتابع حركاتها وسكناتها بدقة متناهية وبعد ان اوفت ( ابتهال ) كل التزاماتها ذهبت الى مكتبها للوداع الاخير ، وهو المكان الذي اختارته واحبته وافنت فيه احلى سني حياتها فقبل ان تطأ قدماها فاجأها الارهابي بطعنتين من الظهر كانتا كافيتان بان تودع الحياة وتتحول المكان الى بركة من الدماء واصبحت شهيدة ، اما الارهابي الجنجويدي فلقد حاول الهروب وفق خطة محكمة رسمت لانقاذه ولكن يقظة الطلاب واصرارهم حان دون ذلك ووقع في شراكهم . نحن كبني بشر ندبر ونخطط ونتآمر وفق ما نريده ولكن الله الخالق اللطيف يفعل ما يريد . لقد انتشر الخبر وقوبل باشمئزاز واستهجان من كل الانسانية وهو قبل كل شيئ سلوك شاذ وغريب على عاداتنا ومجتمعنا . ان يطعن الرجل رجلا هذا شيئ ممكن ، وان يطعنه من الخلف وهو نوع من الجبن ، اما ان يطعن الرجل امرأة ومن ظهرها وهو منتهى الجبن ولايفعله الا الجنجويدي .
لماذا فعل الجنجويدي الارهابي كل هذا ؟
الاجابة لسؤال كهذا مع اهميته يبقى ضربا من التخمين والتكهن في الوقت الراهن خصوصا التحقيقات مازال مستمرا وان كان لابد من الخوض فيه نستطيع ان نقول بان الجنجويدي عندما ارتكب الجريمة كان بكامل عقله ووعيه ودلائل القرائن تشير الى ان الارهابي قد تلقى تدريبا متقدما في احدى معسكرات الجنجويد وباشراف من اجهزة امنية سودانية وهذا هو الارجح . استاذ جامعي - فضل عدم ذكر اسمه - يقول لاحظت فيه في الفترة الاخيرة ، الاعتداد بالنفس والنبرة العالية والكره للراي الاخر بشكل لافت. هذا الوصف المختصر يكفي لنعرف اين كان الرجل ؟ المشكلة الان بشكلها العام لاتكمن في استاذة جامعية قتلت في داخل الحرم الجامعي بل اكبر من ذلك وهو جزء من سيناريو مجهول ومعتم اعلاميا يجري في دارفور . وقضية الشهيدة ( ابتهال ) اشتهرت لانها حدثت في اكبر مؤسسة علمية في دارفور وفي كبريات المدن السودانية وهي نيالا فلذلك وجدت تعاطفا شعبيا واهتماما اعلاميا الى حد ما . ولكن في المقابل هنالك الكثير من مثل هذه الحالات تحدث بشكل يومي في القرى والارياف من دون ان يسمعها او يعرفها الاغلبية منا .هنالك حادثتين في هذا المجال ارى لزاما كي ارويها لكم ...! في احدى القرى توجد امراة فقدت عقلها لان الجنجويدي اختطف وليدها من حضنها ورماه في النار . وامراة اخرى قتل زوجها امام عينيها واطلق عليه الارهابي اكثر من عشرين طلقة بعد ان فارق الحياة . مثل هذه القصص المروعة كثيرة في دارفور ولا داعي للإطالة فيها لان المكان لايسمح لنا ولكن ما نريد ان نؤكده هو ان عمليات القتل والاغتصاب الجماعي والاختفاء والتعذيب وانتهاك حقوق الانسان وهي اشياء منتشرة بشكل واسع وفظيع وان ما تتناقله وسائل الاعلام الاجنبية والمنظمات الدولية وهو جزء يسير مما يحدث هناك ولكن مقتل الشهيدة جاء كتكملة لتلك المأساة الدارفورية وكبداية لمخطط جديد يجري اعداده في المدن . نسأل من الله ان يتغمد روحها ويلزم زويها الصبر والسلوان . اما حادثة نبش القبر سنتناولها في مقال لاحق ان شاء الله
شاكر عبدالرسول
كنتاكي
الولايات المتحدة الامريكية
|
|
|
|
|
|