|
بوليفيا تؤمم البترول والغاز ضربة لبرامج الخصخصة في أمريكا اللاتينية
|
في الوقت الذي تتسابق فيه معظم حكومات العالم علي التخلص من ملكياتها ومن الملكيات العامة.. بادر الرئيس البوليفي موراليس بإعلان تأميم قطاع النفط والغاز في تحد جديد لأمريكا ولسياسات البنك وصندوق النقد الدوليين.
موراليس، الزعيم اليساري لمزارعي الكوكا، الذي أصبح رئيسا لبوليفيا في يناير 2006، جاء للحكم لتحقيق مطلب شعبي بالسيطرة علي الثروات الطبيعية للبلاد، وفي مقدمتها الغاز، بعد الإطاحة بحكومتين متتاليتين في عامي 2003 و2005 لم تستجيبا للمطالب الشعبية.
بوليفيا، رغم فقرها، تملك ثاني أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في أمريكا الجنوبية بعد فنزويلا، وتبلغ 7.48 تريليون قدم مكعب، وفي العقد الماضي استثمرت الشركات الأجنبية أكثر من 3 مليارات دولار في حقول الغاز البوليفية.
رغم أن موراليس ينتمي للحركة نحو الاشتراكية، وهي حركة يسارية، إلا أن اليسار الراديكالي في بوليفيا يتهمه منذ شهور بالتقاعس عن تنفيذ وعوده بالسيطرة علي الثروات الطبيعية البوليفية، بعد وصوله لمقعد الرئاسة في يناير الماضي.
اختار موراليس العيد العالمي للعمال، للإعلان عن قراره بتأميم قطاع النفط والغاز، خوفا من انهيار القاعدة الشعبية التي يتمتع بها، وأيضا لضمان الفوز بأغلبية كبيرة في الانتخابات التشريعية التي ستجري في يوليو القادم.
وفي احتفالات عيد العمال التي شهدها أكبر ميادين العاصمة البوليفية لاباز، أعلن ألقارو جارسيا، نائب الرئيس، وعالم الاجتماع، والمناضل الاشتراكي، أن عوائد الطاقة بعد تأميمها سترتفع في العام القادم إلي 780 مليون دولار، بزيادة ستة أضعاف عما كانت عليه عام 2002.
رغم أن الشعب البوليفي كان يطالب بتأميم الثروات الطبيعية دون تعويض الشركات الأجنبية، إلا أن قرار موراليس، تضمن تعويض الشركات الأجنبية عن ممتلكاتها، ومنحها فرصة ستة أشهر للتعاقد علي العمل في بوليفيا من خلال الشركة الوطنية للطاقة الملوكة للدولة، مقابل الحصول علي 18% فقط من عوائد الغاز والنفط، وهو الأمر الذي يؤمن لها أرباحا تتراوح بين 20% و25% سنويا.
لذلك، وعلي عكس التوقعات، جاءت ردود أفعال المستثمرين الأجانب أقل حدة، خاصة أسبانيا التي أعلنت أنه رغم الخسائر إلا أنها ستستمر في العمل في بوليفيا.
أما الرئيس البرازيلي لولا دي سيلفا، أحد أبرز الزعماء القوميين في أمريكا اللاتينية، والأكثر التزاما ببرامج الخصخصة وقواعد منظمة التجارة العالمية في بلاده، كان الأكثر غضبا من قرار الرئيس البوليفي، ليس فقط لأنه يقوض مصداقيته كزعيم قومي وإقليمي، ولكن أيضا لأن شركة بتروبراس البرازيلية المملوكة للدولة، هي أكبر المستثمرين في حقول الغاز البوليفية، وسيقلص قرار موراليس من أرباحها.
وعلي الفور اجتمع موراليس والرئيس الفنزويلي شافيز والرئيس الأرجنتيني لتهدئة مخاوفه، واحتواء الأزمة، وتعويض شركة بتروبراس عن خسائرها.
صحيفة الفايننشيال تايمز البريطانية تحذر من أن الخطر الحقيقي من القرار البوليفي، هو أنه قد يكون بداية جديدة لسلسلة من التأميمات في دول أمريكا اللاتينية، وقد تمتد لبلدان أخري في آسيا وإفريقيا.
ويري كثير من المحللين، أن التأميم البوليفي، سيعيد الثقة في حكومات أمريكا اللاتينية القومية - اليسارية، ويعزز العداء للإمبريالية ولبرامج الخصخصة.
خالد الفيشاوي جريدة الاهالي 10 مايو 2006
|
|
|
|
|
|