|
Re: الـ سـ ـ ـ ـ ـ رابـ ـ ( تداعيات بزمن الغياب ) ........ (Re: عبد الناصر الخطيب)
|
الـ سـ ـ ـ ـ ـ رابـ ـ ( تداعيات بزمن الغياب ) _ ب _ _________________________________________
( ب )
قال الراوي :
(هيا) لا يبدوا منها غير هنجر حديدي كبير وبعض أوناش ..... وتلك المدرسة المتراصه صفوفها دون سور وصياح باعه البسكويت والبيض المسلوق أنشق الليل عنهم ..... وبعضهم يبيع بروش ومساويك من الأراك وكم من المشغولات اليدوية بثمن زهيد لأشياء أصبحت ربما من التراث فقط بحكم التطور .... كالهبابه وطباقه السعف وغيرها من السعفيات _ منسوبة لسعف الدوم _ حيث لم يبدوا لي في المشهد شجر نخيل ... ولم يكن يعنيني في تلك الجلبة غير البحث عن فنجان جبنه وجلسه بعيده عن جموع الباعة ومجادلة النسوه من المشترين في منطقه ضمن نطاق .....( فنجان جبنه بي شمالوا يسوي الدنيا بي حالو/ أو هالو في رواية أخري ) ولم يكن مضي على عملي بالبحر الأحمر الكثير .... في بورسودان الحورية ......... التي شاخت قبل أوانها وأن بقي في ملامحها بقايا من حسن غابر تنبي بماض بلغت فيه من الحسن تمامه أراه في ألبوم الصور القديمة لدي أمي ... لأشياء لم تعد موجودة مثل (!!! Marin garden ) في بلد كم كانت نضيفه وأنيقة ,,, سألتني عنها !!! فانفجرت أضحك ( راحت في الغسيل ) ... وأساساً لم أري أثر لها !!!!! راهنت والدتي إن بعضهم حتى لم يسمع بها أن كانت تلك الحديقة الأحياء المائية من تفاصيل المدينة .....
***
بورسودان الحورية ................ التي مشيت فيها أولى خطوات بها بتلك المشاية ذات الثلاث عجلات خشبية صناعه محلية لم تعد تصنع ... ربما أصبح الأطفال يولدون واقفين فصارت المشيات الخشبية أخبار وسير ثم عدت لها بعد سنوات طويلة بدواعي العمل .... وكثير فيها تغير وبدأ لي قصاصات ليس بينها صلات في أطياف خيال طفولي بعيد ,, يطير مجنحاً ينوه بما يحمل من أطياف وصور ,,, وقيل أن أشقي الناس من يحمل ذاكره قل أن تمحوا أو تسقط وتكون سهله الاستدعاء ؟؟؟؟
مثل ذلك الطريق الذي يقطعه والدي يومياًفي سيارته ( الاوبيل ) ذات الطراز العتيق مابين عطبرة والدامر ليوصل والدتي المدرسة كل صباح ...
وتلك الأشياء التي تمر فوق النهر تعبر عبر الأسلاك المعلقه للضفة الأخرى ,,, بعد سنوات كنت أعبر من نفس الطريق لاكتشف,,, أنها الخط الذي يحمل المواد الخام لاسمنت عطبرة (ماسبيو ) ذلك الاسم المشتق بتصرف من مايو/ يوليو /سبتمبر وكلها بوقتها ثورات بمصر والسودان وليبيا ولنا من تلك الشهور حظ أوفر ونصيب ,,, نوفمبر / أكتوبر /مايو / أبريل ...... لما لا أليست أقدارنا أننا من كل شي نأخذ الحظ الأوفر وكبير النصيب !!!
ذلك الخط الذي كان من أشتات صور الطفولة المبكره .... بقي بالخاطر ومن قال أن الطفولة تمحي وتندثر !!!
****
ناديت على صبي كان يمر بجبنته وأخذت منه جبنه بكوب شاي إعتفاء من الفناجين الصغيرة ....... وهنا الجبنه تتعدي المزاج لتكون منبه يساعد على فعل الإفاقة وأزاحت الإرهاق ,,, ولم أكن أحتاج لكثير وقت لاكتشف أن الجبنه من شفرات الشرق التي لا يمكن حلها أو تصور المشهد دونها فشربتها بمبدأ ( إن كنت في روما أفعل كما يفعل الرومان ) فكان رومان سوق ( المنقبه ) قباله جامع النيل في ( سلالاب) ... بسهوله يدركون انك غريب عن البلد بمجرد أن تطلب الشاي !!! في الفجرية قبل أن تحل السابعة صباحاً لتقصد المكتب جوار الجامع الكبير بعمارة (عبد المجيد بدر ) ثم تمضي منه سريعاً قاصد ( الاسكلا) رصيف الشمالية أو حاويات الجنوبية تجاه ترانسيت لشحن أو تفريغ ..... أو المخازن في سلبونا أو حي الخليج ... أو تمضي في تجاه فلامنجوا قاصد غربال الحبوب الزيتيه ووقتها كنت ما أزال تأخذني الدهشه من منظر ( البيجاوي ) حين يكون يحمل في (خرجه) كل أدوات الجبنه وما وجد وقت للانتظار حتى يجلس ويبدأ في أعداد فنجانه ويشعل ناره ويبدأ تحضير قهوته بمزاج يحسد عليه !!! حامل معه كل عتاده الذي يسفر عن فنجان جبنه لو تذوقته مره ستعرف أنك لن تتذوق له مثيل في أي فنجان تقابل ... وهيهات أن يتكرر ذلك الطعم يوما أو يعاد !!!
وهو لا يعطيك ذاك الفنجان ألا أن كنت لديه عزيز مقدر لترتقي هذا المقام ,,,
*** وبينما كنت أحمل فنجاني أسير مبتعد عن الجموع ترأي لى رجل جالساً في البعيد ,,,,,,,, لم يكن سوي رفيق (قمرتى) في شروده جالس يحدق... فشجعني انتباهه لمرورى ,,, ورد تحياتي بالأفضل منها سلام ياعمنا ... يديك العافية ماش وين أقعد وجلست معه على تلك الرمال ... وللحدث أطراف يمكن تجاذبها أن حسن لها مدخل ...... ولم يكن الرجل عصي المداخل مثلما توقعت ,,, وبدأ الرجل يتكلم أن تلك الرحلة هي عوده لرحله بدأها من نفس الطريق قبل ثلاثون عام ,,, جاء منه وعبره يعود ,,, فغمغم لم تتغير فيها مشاهد الطريق ( كانوا الزمن هنا وأقف .....السكه ......والناس .......والحجار ) !!! فأخذتني الدهشه ووقتها كانت ثلاثون عام عمر لم أبلغ تمامه ولى من السنوات سبع وعشرون شتاء ,,, ونوفمبر شهر مولدي لحظتها مضت منه أيام فقط ............... أحس أيامه في تلك النفحه الباردة في تلك الأنحاء التي تشتهر ببردها مثلما كل المناطق المرتفعة . فكم بالعمر من ثلاثون عام ليقضيها المرء في الغياب !!!
فرشفت من قهوتي وأنا أرهف سمعي لما سيقول رفيق رحلتي ,,, من حكايات قد تقصر هم الطرق الطويل المقطوعة أوصاله في بدايات مساء ليس فيه وسيله للانتقال ألا انتظار القطار ........ ليبدأ الكلام ونسمات المساء تزداد بروده وزمن لم يعرف الناس فيه السفر وأقصي الحلم أن يجد عمل ومستقر على الساحل فأخذته الأقدار لألف ساحل وميناء ............ ودينا بعيدة ........ لم تزل تمر في خياله كالسراب يقال أن للطيور بوصله تعيدها دوماً من حيث بدأت هجرتها ويقال إن للناس حنين دوما من حيث أنطلق خطواتهم ,,, قد ينفلتون منه أو يبقي فيهم يشدهم للأماكن ... ولكن دوماً ليس لهم من غيابهم فكاك .... وكان الغياب قد كتب لهم بقدر .... ويقال أن للأماكن نفسها عطر يبقي في الذات مهما مضت السنوات يظل حاضر بعبق قوى ويقال أن للغياب خدر يسري في الأوصال يجعلك تشاهد العمر ينسحب يوم بعد أخر دون أن تحرك ساكن في ذلك الخدر الذي بعضه جميل ومؤلم وكلما طالت الرحلة قصر دونها الأمل ...... وأن أدمنت الارتحال لن تلقي عصاه مطلقا سيظل في دوخلك شي يدعوك دوما _ لحزم الحقائب_ ويقال أن أمر الأشياء ,,,,,,,,,, أن لا يكن لك أي شي يدعوك أن تعود !! الي حيث بدأت ... فيسرق منك الزمن تلك البوصة فتمضي دونها تحملك الريح حيثما تشاء الى حيث ألقت ........... فنقبض صدري وهو يبدأ الإيغال في تفاصيل الحكاية والصوت يعلوه شجن يشد أوتاره فتغدوا أوتار حزن وشجن ... على مقامات جرح ينفتح ويفتح ألف جرح أخر والكل يغني على ليلاه (ويا ليل أبقالى شاهد ..........) ووقتها لم تكن الغربة كتبت لى بعد ,,,, بقدر _______________________________________________________________________________ ( يتبع )
|
|
|
|
|
|