فلسفة " المعنى" بين النظم والتنظير

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-04-2024, 06:27 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-16-2006, 04:49 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22527

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فلسفة " المعنى" بين النظم والتنظير (Re: ابو جهينة)

    -3-2 الغموض النحوي ( في الديوان) :
    في العبارة التي تحتمل اكثر من معنى بسبب تركيبها النحوي فإنه قليل التداول في الشعر و لايقال عنه انه غير موجود أو غائب لانه كما يبدو أصعب صياغة من الغموض الدلالي Ambiguity Semantic الذي يرادف ماذهبنا اليه في اعلاه كما في قوله تعالى : ( تبارك الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ) الفرقان 1 فإنّ عودة ( ليكون) تصير اما ( للفرقان ) أو ( لعبده) من حيث البنية النحوية ، ولكن بالعودة الى التفسير Commentary تجد المفسرين يميلون الى ترجيح الفرقان . مع ذلك أخذ بعض كبار المترجمين بعودة (ليكون ) الى عبده وما أخطأوا .
    نقرأ ترجمة العالم الكبير عبد الله يوسف ونلاحظ عودة الضمير (it) الى الفرقان Criterion
    1) p 889: Blessed is He who sent down the Criterion to his Servant, that (it) may be admonition to all creatures.
    - ثم نقرأ ترجمة أرثر جي اربري Arther J. Arberry ونلاحظ عودة الضمير (he) الى عبده servant:
    2) P.362: Blessed be he who has sent down the Salvation upon his servant, that (he) may be a warner to all beings.
    - ولقد أكد المترجم الاول عودة الضمير (it) الى الفرقان بملاحظة هامشية بوصفه (نوراً) يفرق بين الحق والباطل ، ثمة أربعة مترجمين آخرين أعادوا ليكون الى عبده بالضمير (he)
    ( 23 )
    - في شعركمال الدين غموض نحوي محدود ومثلهُ قوله في منظومة (أخطاء المعنى ):
    (أ) (( كانت أرض الله تغرّد فيك
    وأنا أعتذر اليوم اليك : الى
    خطأ في اللهجة من خطأ في المعنى ...
    خطأ في البهجة أو خطأ في الدمعة
    خطأ في خطأ في خطأ الرأس ...)) (ص 12)
    - اذ بين تذكير أو تأنيث (فيك) و (اليك) جواز مباح الا أن تمثل (اليك ) (معنى) (الى خطأ في اللهجة) أو انفصاله عنه مسألة متعلقة بنية الشاعر نفسه ، بعدها تأتي (خطأ في خطأ في خطأ الرأس) لتجعل الغموض النحوي عاملاً قوياً في غموض المعنى لأن الجملة لم تسبقها (من) كما في جملة (من خطأ في المعنى) ولم تسبقها (أو) كما في جملة (أو خطأ في الدمعة ) وبذلك صارت على محملي (الاستقلال في المعنى) (او) عطفاً على كل ماقبلها وكلاهما صحيح وجميل.
    - نقرأ المثال الثاني ، من غير استزادة ، في منظومة (نسيان المعنى):
    (ب) (( وبقيتِ أمامي جسداً حياً يتبعني في موتي
    يكتب سفسطتي وعنائي...
    ويناقشُ دولاب الفجر، سرير اللذة ، باب المعنى
    قرب فراشي ، ويربّت فوق الكتفين )) (ص55)
    - فهل دولاب مرفوع أو منصوب ؟ فاذا نصب فانه (مفعول به) للفاعل (جسداً حياً ) واذا رفع فإنه فاعلُ مرفوع مفعوله ٌ (سرير اللذة) منصوباً وكلاهما ، أيضاً ، صحيح وجميل ، والحكم الفصل في ذلك تحريك الشاعر لكلمات شعره كاملة للافصاح عما غمض واستتر من الأعراب الذي يريد! الا انه ، ربما رأى هذه الصياغة اكثر امتاعاً وجمالاً . وهو كذلك !
    - بملاحظة جملتي (من خطأ في المعنى) في النظم الأول ( أ ) و (باب المعنى) في النظم الثاني (ب) نجد الأولى تخضع ، تماماً لمفهوم الغموض الدلالي ( ازدواج المعنى ) اي ان جملة (خطأ المعنى) تحمل معيني (التورية): المستتر البعيد والظاهر القريب ، الا أن تعبير (باب المعنى) تعبير مجازي بلاغي في الكتابة عن شيء يقصده الشاعر وأخفاه، وعلى القارئ (الاوتوقراطي) ان يتوصل الى (معنى المعنى) هنا ، وفي كل مجال نظمي بلاغي في هذا السفر الشعري ، بنفسه ، لأن اشتقاق المعنى بتأويل الباحث هنا ، ليس من مهمة البحث أو منهجه، انما تدارك هذه السياقات وأمثلتها يقدم بعض الملامح التأويلية ( الحرة ) كما قدمنا في المادة ( 3 ): ( الموقف ) هذا من جهة ومن جهة ثانية ، فإن تحديد ( معنى المعنى) في كل النظم الذي يقدمه الديوان انما هو متعذر تماما اذا أردنا التطابق مع الشاعر نفسه ! أما اذا أردنا الأقتناع بتفسير تأويلي يخص مداركنا وتجاربنا ( القبيلة ) أو البعدية فهو الصحيح والمفترض . ولما كان الغموض النحوي يلفّ هذه ( المقاطع ) الشعرية فإن الصعوبة ترتفع جمالا وغبطة في تأويل معنى النص صوب السياسة أو الاجتماع أو الفكر أو الوجدان والعاطفة لتقصي جذور ( المعنى ) في وجدان الشاعر.
    4- 3- 3 الحروف الرامزة والغموض
    - في الديوان عشرات الأبيات التي تطلق أو تتضمن ( أحرفاً ) عربية سليمة تبوأت مواقعها لترمز ، من غير وضوح ، الى ( شيء ) ما ، فهي واقعة أمام الغموضين السابقين ان شئت أو قبلهما أو بعدهما أيضا . المهم هنا ان ما ترمز اليه الحروف قد يبقي على ( مستويات ) من الغموض ، وليس غموضا واحدا أو عاما مماجعله يتميز عن الغموض الدلالي والغموض النحوي . نقرأ هذا المقطع من منظومة ( نون المعنى ) :
    ( أ ) ((والألف : أنا : مجهول في هيئة شاعر
    وإله في هيئة مجهول
    والباء حبيبة قلبي ضاعت في دائرة الحوت
    والحاء أبي
    والعين عيون من جدي
    والهاء هم موتاي الأحياء اخرسوا وقت النطق وضاقوا
    بالساعة ، والساعة قائمة )) ( ص 32 )
    - هنا نستطيع عدّ هذه الحروف مختصرات للكلمات التي ارتبطت بها بوضوح. (ألف ) في أنا وفي ( إله ) ، والعين في ( عيون ) والهاء من ( هم ) وعندما يعرّف الشاعر ( أنا ) و
    ( العيون) و ( الهمّ ) فإن نسبة الغموض تقل الى مالم نستطيع معه القول بوضوح كل شيء لئلا يفقد النظم قوته الجمالية الرامزة ومتانته البنائية معا . نقرأ مثل هذا الترميز Symbolization في منظومة ( ماضي المعنى ) كما في المقطع ( 7 ) منها بتسلسل ( ب ) هنا :
    ( ب ) (( مَن يفتح ميمَ الماضي ؟
    مَن يفتح راءَ الرغباتِ و شينَ الشمس ِ المبقورة
    والقمر المقطوع الرأس ؟
    مَن يفتح سينَ سريراللذ ّةْ
    وعيون الخوف ِ، صرير الدم
    من يفتح ميمَ الدم ؟ )) ( ص 73 – 74 )
    - رغم ان ( ميم الماضي ) و ( راء الرغبات ) و( شين الشمس ) و ( سين سريراللذّة ) قدمت الحرف الأول رمزا دالا لما يليه الا ان كل حرف يشير الى ( شيء ) ما يتعلق بهذا الذي يدلّ اليه ويرتبط به وانسلخ منه . إن ( تأويل ) هذه الحروف وغيرها يأخذ أكثر من صورة معرفية وسلوكية ولغوية ، وعلى نحو خاص التورية البلاغية . وتقترن الصورة المعرفية بالفلسفة والصورة السلوكية بالتصوف والبلاغية بالتورية ، حسب محتوى النظم في الديوان كله وسياقاته العامة . ففي قول الشاعر : ( مَن يفتح ميمَ الماضي ؟) يمكن تأويل حرف ( الميم ) فيه فلسفيا ب ( المثال والمثالية ) ، ( الميتافيزيقيا ) ، ( المدلول ) ، ( الماهيّة) ، ( المطلق ) ، ولكن بلغة التصوف تصير: ( مجاهدة ) ، اما بلاغة التورية فتجعل منها : ( الموت ، المجهول ، المعجزة ) واما حرف الراء في قول الشاعر فيمكن تأويله الى الفلسفة مذاهب ( الرمزية ) و ( الرومانسية ) ولكن بلغة التصوف يصير ( الروح ) وبلغة التورية ( رهاب ) ، ( رحيل ) ، ( رأي ) . ثم تأتي عبارة : (سين سريراللذّة ) وتأويل الحرف فيها فلسفيا يمكن ارجاعه الى ( سيرورة ) ، ( سبب ) ، ( سببية ) وفي لغة التصوف يتحول الى كلمة ( سر ) و ( قدس الله سرّه ) وتورية ينقلب الى ( سلام ) و (سقوط ) . واما في جملة ( شين الشمس ) فإن حرفها الأول يتبع في الفلسفة مذهب ( الشك ) وفي التصوف ( شهادة وشهيد ) وفي التورية ( شرق ومشرق ) . لم يخرج عن قاعدة المختصر بالحرف الأول الا ( الميم ) في جملة ( مَن يفتح ميمَ الدم ؟ ) الا ان تغير موقعه لايؤثر في رمزية الحرف نفسه بقدر ما يخرجه عن قاعدة الأختصار( الانكليزية ) جزئيا . ولاضير في هذا التغيير ، بل انه عكس مسحة جمال صياغية تضاف الى المسحة العامة التي تتسم بها الأبيات كلها في هذا المقطع الا ان ثمة ترجيح للتورية على الفلسفة والتصوف في ( ميم الدم ) بتأويله الى ( الموت ) أو ( المجهول ) أو ( المعجزة ) . اذ ان ( فتح ميم الدم ) بوصفه ( موتا ) يصير وقاية منه ودفعا له ، وبوصفه ( مجهولا ) يصبح : سبر أغواره والكشف عن خباياه ، وبوصفه معجزة يتحول الى محاولة الايقاف بها وتحقيقها رغم كل شيء وأي ثمن بما في ذلك الدم !
    - يتحول الشاعر ( على نطاق محدود ، تلقائي أو مقصود ) الى استعمال الحروف الرامزة استعمالا رمزيا دالا كما في ( ب ) أعلاه الا انه يمنح هذا الاستعمال بعدا ( شكليا ) رائعا بوضع الحروف الرامزة امام القارىء طالبا منه ( التصرف بها ) خارج تأويلها أو معه ، فاذا جمعت هذه الحروف بعضها الى بعض منحتك كلمة ( دالة ورامزة ) بقوة لتضيف الى النظم غموضا جديدا غاية في الجمال . نقرأ في منظومة حوارية المعنى ) المقطع الآتي لهذه الغاية :
    ( ح ) (( سأكون قريبا ًمن ايقاعكَ يا فجرا ً
    يُحْملُ فوق الرمح
    سأكونُ الراء ، أنا الراء
    منذ طفولة أمطار المعنى في قلبي
    و أكونُ الألف ، أنا الألف
    منذ شروق الشمس الى غيبوبتها المرّة ..
    وسط الامطار ..
    سأكون ُالسين ، أنا السين
    منذ مجيء الهدهد من سبأ الناس )) ( ص 39 )
    - لاحظ الحروف : ( الراء ) و ( الألف ) و ( السين ) وجمعها : رأس ، ودلالته الشهادة والحقيقة والقمة ، وكأن هذا ( التأويل ) يشرح محتوى المقطع كاملا ! الا ان هذا التأويل لايمنع التعامل مع ( النص ) بصيغ - وليس بصيغة واحدة – أخرى فنتعامل مع الحروف واحدا فواحدا : (فلسفيا ) و ( صوفيا ) و ( تورية ) ونتعامل مع نظم كل بيت بما يناسب : جماليا قد يرى القارىء نفسه ( أسير ) قول الشاعر ( منذ مجيء الهدهد من سبأ الناس ) فيحار في معناه المدهش الغامض ! واذا عاد الى مادة بحثنا الأساسية : كلمة ( المعنى ) فقد يعاني من تأويل ( أوتوقراطي ) وحتى ( ألوقراطي ) ازاء عبارة ( أمطار المعنى ) وما يزخر به هذا النظم من مجازات واستعارات .
    _ في تطبيق أخير ، نقرأ حرف ( النون ) في بيت من منظومة ( نون المعنى ) . اذ يقول الشاعر :
    ( د ) (( انتبهوا
    إذ تسرقني ( النون ُ) الى عريي اليومي ، أضيع و أفنى
    انتبهوا رأسي فوق الرمح إله يبحثُ عن معنى ! )) ( ص 33 )
    _ في التأويل الفلسفي يبدو( النون ) ناموسا وفي التصوف يمكن ارجاعه الى النهاية السرمدية : الخلود وفي التورية يمكن اعادته الى المرأة أو النوم والأولى أكثر رجحانا ، ثم نلاحظ (الرأس ) وقد وضِعَ على الرمح مما يؤول كما ذهبنا اليه في مثال ( ح ) أعلاه : الشهادة والحقيقة والقمة وجميعها يكمن في ( اله ) التي تبحث عن معنى ونسمح لأنفسنا القول هنا : يبحث عن سبب لما يجري ويسأل عن غاية له بتأويل سياسي – مجتمعي – انساني عام .
    التأثير الأسلوبي في النظم المبحوث 4 – 4
    - مهما تكن درجة " استقلالية " النظم المبحوث وابداعه ثمة تأثر واضح بما هو أكثر فصاحة وأعمق بلاغة في بناء الجملة واعلان مضمونها أو اخفائه ، ولايشكل هذا التأثر مثلبة ، هنا ، بقدر ما يؤكد النجاح في التفاعل مع أنماط اسلوبية ( خالدة ) بتكوينها الجُملي . الا اننا نعترف ان هذا التأثير أخذ شكل المحاكاة في عدد من المواقف ازاء عدد من الآيات القرآنية ، أي انه تأثر بالنظم القرآني العظيم فهو تأثر خاص جدا رغم انه محدود الأبعاد .
    - ربما يأتي التأثر بالاسلوب القرآني من طريقي الوعي والاختيار المسبق فيبدو واضحا عبر ( مايجري مجرى المثل ) على لسان المتأدبين من الشعراء والمرهفين من الأدباء ، وربما يأتي عفويا تلقائيا ومتناثرا في القصيدة الواحدة أو بين القصائد المتعددة بسبب ( تعمق ) الشاعر في متابعة المحتوى القرآني وأسلوبه الاعجازي الخارق . يمتع نظم أديب كمال الدين في سياق هذا المبحث بالخصيصة الثانية تماما مع انه قادر على ان يطلق الخصيصة الأولى على هيئة نظم مدروس وممنهج من غير عفوية أو تلقائية فضلا عن النظم الشعري بالنهج الحديث .
    - تبدو نسبة التأثر الأسلوبي محدودة طبقا لما أوضحنا أعلاه في نظم اديب كمال الدين في ( أخبار المعنى ) الا ان هذه ( المحدودية ) تعكس جمالا تميزه القلة . اذ أن المحاكاة الشكلية تصحب معها تغايراً دلالياً أراده الشاعر لنفسه من خلال الأسلوب القرآني العظيم ، فهو مثلا ، في قوله :
    (( وابيضّت عيناي من الذل )) ( أخطاء المعنى ص 12 )
    انما يحاكي قوله تعالى في وصفه النبي يعقوب عليه السلام :
    (( وابيضّت عيناه من الحزن فهو كظيم )) ( يوسف 84 )
    الا ان مدلول الشاعر في نظمه ليس علاقة مضامينية بالآية الكريمة ، انما يفترق عن الآية في الموضوع والغاية معا . بيد ان الشكل المقتبس منح النص الشعري روحا جديدة في المحتوى فضلا عن الشكل ( فالعمى الأبيض ) يأتي من هول الاستجابة الانفعالية أحيانا ، وهذه الاستجابة تقرّب المنظوم الشعري في نسج الآية الكريمة من دون ان نشعر بالاختلاس أو السرقة ! هنا في الواقع يكمن جمال التعبير أنْ تحاكي ولايبدو عليك أنك تحاكي فتبدو متأصلا في رصف الكلمات وتحديد غائيتها .
    - مع المحاكاة تظهرسمة الاستعانة بالمفردات العربية ( القديمة ) أو ( المهجورة) كزهرات تتوزع على نوافذ النظم في الديوان كله ، قليلة متباعدة ، جميلة وملفتة للنظر ، دافعة الى التقصي والعودة الى الأصول ومعجماتها ، للتذكير: إفرنقع ، إحرنجم ، تعتع ، العرجون ... الخ . فليس كل قديم مندرس في ( نظر) الديوان ! وان احياءه ليس متعذرا ولو بين الشعراء.
    - فيما يأتي خلاصة ( مفيدة ) مما تيسر استخلاصه من الديوان مكملا ما مضى من المكونات قبل الدخول في مادة التحليل وأشكاله ونتائجه :
    ( أولا ) المحاكاة القرآنية في النظم المبحوث
    1- أخطاء المعنى ص 12
    ( أ ) كانت أرضُ اللهِ تغرّد فيك
    (( قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها )) ( النساء 4- 97 )
    ( ب ) وابيضّت عيناي من الذل
    ((وابيضّت عيناه من الحزن فهو كظيم )) ( يوسف 12- 84 )
    2- أنثى المعنى ص 21
    ( أ ) لاتأتمري أيتها النخلة
    (( قال ياموسى إنّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك )) ( القصص 28- 20 )
    3- ميم المعنى
    ( أ ) غلّقت الأبواب وهيأت له سرّ المعنى
    (( وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك )) ( يوسف 12- 23 )
    4- راء المعنى ص 35 و 36
    ( أ ) فاستقم أيها الموت
    ( ب) فاستقم ياحنيني الطفولي
    (ج ) فاستقم أيها السيف
    ((فاستقم كما أمرت ومن تاب معك )) ( هود 11- 112 )
    5- دال المعنى ص 46
    ( أ ) اشتذّ رمادي واشتعل الرأس جنونا
    (( قال رب اني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا )) ( مريم 19 – 4 )
    ( ب ) قمتُ أهشّ على كلماتي
    (( قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهشّ بها على غنمي )) ( طه 20- 8 )
    ( ج ) فار الحرف كما التنور
    (( فاذا جاء أمرنا وفار التنور )) ( المؤمنون 23- 27 )
    6- شمس المعنى ص 62
    ( أ ) زلزلت الريح على بابي مطراً وحشيا
    (( إذا زلزلت الأرض زلزالها )) ( الزلزلة 99 – 1 )
    7 – أغنية المعنى ص 68
    ( أ ) يزرع أشجار الظلمة وسط الأمطار وزلزلة الماء
    (( إذا زلزلت الأرض زلزالها )) ( الزلزلة 99 – 1 )
    ( ثانيا ) كلمات قديمة ومهجورة
    1- أنا وأبي والمعنى . ص 14
    ( أ ) افرنقع غيم شتاء الروح
    2- أنثى المعنى . ص 23
    ( أ ) واحرنجم فيها فعلُ الجزم ، صفاتُ العاشق
    3 – نون المعنى . ص 31
    ( أ ) وانتبهت ْ لعذابِ العرجون
    4- دال المعنى . ص 46
    ( أ ) افرنقعت الساعات
    5 – نسيان المعنى . ص 54
    ( ا ) وشربت ُالخمرة حتى تعتني الكأس
    6 – ضحك المعنى . ص 74
    ( أ ) لاجدوى هربت سيدة الجسد الطافح بالحب
    نحو المدن المؤودة باللامعنى
    5 – المعنى عرضا وتحليلا
    5 – 1 العرض نظما : حمل ديوان أديب كمال الدين " أخبار المعنى " ضمن قصائده الأبيات والمقاطع الآتية التي احتضنت كلمة ( المعنى ) اثباتا ونفيا وتركيبا . نعرضها مع ذكر اسم النظم المستلة منه ورقم الصفحة كما يأتي للأهمية :
    1- موت المعنى
    وأختار لموتي معنى ، وأضمّخه بالطيب وأنشره في السرّعلى أكتافي . ص 5
    2- أخبار المعنى
    ومرّت ْسبع لاهية لاتعرف بيتا أو عنوانا ًأومعنى ،..
    أشكو معناي المقتول الى الكلماتِ الفضّةِ : لاجدوى .
    يبقى الجسدُ المدهوشُ عنيفا ً لايعرف للموت طريقا أومعنى .
    عذبني المعنى .قاد المعنى بيتي نحوالمنفى ،
    ألقى القبض على أسئلتي ، أودعني حجرات المنسيين. ص 8
    فأشيخ سريعا ًوأنا بين طفولة اسماء صباي ، ويدعوني
    تفاحا ًمرا ً، يدعوني فأجوس المنفى : منفى الرمل و منفى القبـر
    ومنفى المدن الموءودة باللامعنى حتى أصل الغيمات . ص 9
    3 - أخطاء المعنى
    وارتحتُ الى ميسمكِ المفتوح كشقّ التفاح
    كنتُ أوزع خطأ مضغوط الشفتين ومرتجف المعنى . ص 10
    ونبوخذ نصر يرسم روح المعنى في قلبي
    صرخات الجدّ المحمول على رمح المعنى ص 11
    كانت أرضُ اللهِ تغرّد فيك
    وأنا أعتذراليوم اليك : الى
    خطأ في اللهجة من خطأ في المعنى ..
    خطأ في البهجة أو خطأ في الدمعة
    خطأ في خطأ في خطأ الرأس
    خطأ في خطأ الرمح الداخل في الرأس . ص 12
    4 – أنا وأبي والمعنى
    الغيمُ يجيء و يذهــبُ
    والفجرُ يطرز حرف الدهر فلا معنى أبداً .
    لامعنى لاعادة مشهد حب مكرور ملتهب ، لا معنـى . ص 13
    قام الساحرُ بالرقص ، اختط ّ لنا أرضا ً تكفي لكلينا قـال:
    هنا نرقص ـ واختطّ بجانبها أرضا ً أصغرَ - وهنا سنموت
    علينا بالرقص لأنّ المرأة شيء باطل
    والطفل كذلك ، والسيف قويّ ، والمعنى مكتنز في الرقـص
    فارقص ! ص 14
    5 – أنثى المعنى
    الباء ُ جمال وحشيّ
    الباءُ : الليلُ بلا أحداق و نجوم
    الباء ُ : فراش مكتظ ّبالمعنى . ص 21
    6 – ميم المعنى
    فلماذا ارسلتَ الليلة في طلبِ الشاعر فيك
    ـ والشاعر مجنون مثـلك بالنار ـ
    غلـّقتَ الابواب وهيأت له سرّ المعنى ؟
    الالف تحطّمَ والنون غموض
    والعين انتبهت للاشيء
    لم يبق سوى الميم
    ميم الغابات المنسية في المنفى ..
    ميم المشهد ..
    ميم المطرالزائف في لغة ِالأنثى
    ميم المطرالحق على صدأ الكمثرى
    ميم المعنى . ص 26
    أنّ اللذة َسيدة المبنى
    العصفورُ يقوم و يدخل في هدهدها
    ويقبّل أغصانَ الحنطة غصنا ًغصنا ً
    يتفلسف بالمعنى الضيق
    ويثرثر كالاطفال
    يتجمع كالعين
    يطلق سهمَ الحب وحيدا ً منتشيا ً كالصياد
    العصفورُ يحلـّق شيئا شيئا ً
    ويقبّل تجويفَ المعنى مسحورا ًمن حلم ص 27
    7 – غين المعنى
    قومي ، لامعنى للهاثِ الخوف ، نياط ِالممنوع ص 29
    8 – نون المعنى
    لامعنى لي إلاّ في حرفي
    انتبهوا رأسي فوق الرمح إله يبحثُ عن معنى ! ص 33
    9 – حوارية المعنى
    لا معنى يولد إلاّ من موتي
    لامعنى يزهو إلاّ في قتلاي . ص 38 .
    سأكون قريبا ًمن ايقاعكَ يا فجرا ً
    يُحْملُ فوق الرمح
    سأكونُ الراء ، أنا الراء
    منذ طفولة أمطار المعنى في قلبي . ص 39
    10 - صراخ المعنى
    أبكي ، أتدثر بالصمت وأغفو
    وأقومُ وأدعو وأصومُ ، أناشد باب المعنى
    بكلام اللامعنى . ص 44
    11- دال المعنى
    أقفرتُ من المعنى ، وزّعتُ ثيابي للفقراء . ص 46
    12 – باء المعنى
    واقول الألف ولا معنى .. ص 50
    فأرى في منتصف الليل
    كلكامش يسأل كالأعمى عن معنى الباء
    أنكيدو يبكي بدموع من طين . ص 52
    13 – نسيان المعنى
    يانون
    ياسين القسوة ، ياء اليم
    * قال الاول ُ: يسألُ أحد عن معنى النسيان ؟! لماذا ؟!
    * قال الثاني : عبث عبث .
    * قال الثالث : هي ذي ... الكأس .
    * قال الرابع : كن فيكون .
    * قال الخامس : معناه الدهر. ص 54
    وبقيت ِأمامي جسدا ًحياً يتبعني في موتي ..
    يكتبُ سفسطتي وعنائي ..
    ويناقش دولاب َالفجر، سرير اللذّة ِ، باب المعنى .. ص 55
    14 – ارتباك المعنى
    مرتبكا ًمذعورا ً
    كان المعنى قدّامي و ورائي
    يبحثُ عن معنى لطلاسمي العظمى ! ص 57
    15- خيانة المعنى
    حاصرني المعنى باللامعنى ...
    أجلسني في تاء الموت قليلا ..
    اطفأ نوري مرتبكا ً، قال بأن العين
    سقطتْ في نكد ِالدنيا ..
    فهلمّ الساعة نخرجُ ، نخفي موتا ًمن نور
    فخرجنا في الظلمة . أعطاني المعنى سيفا ً..
    قال : اقطعْ رأسك !
    ففعلت !
    وضع المعنى الرأسَ على الرمح
    ومضى يحمله في الطرقات
    وسط صهيل الناس . ص 58
    16 - ايقاع المعنى
    وامتدّ الجسدان بنا أخذانا للاّمعنى
    غمرانا في إيقاع الحاء
    تركانا نُذبح نُؤسر ، نُـقتـَلُ من فرط اللذ ّة
    فتساءلتُ كدرويشٍ أعمى عن معنى المعنى
    وتساءلت كطفل ٍعن معنى الماء ! ص 59
    17 – رومانسية المعنى
    ويخلط أقواس َالحبّ بثوب مسرّتها ،
    يشعلُ نهديها كي يخطفها للأعلى ويحلّق مذهولا ثملا ًو شـديد
    المعنى . أنتِ معي ، كفّك كفّي ، عيناك بعيني والليل يموء ويفتح
    عينيه بعيدا ً نحو الأقصى . يالطفولة أعضائي ونعومة أغنيتي حد
    دخول المعنى في اللامعنى .. ص 60
    18 – شمس المعنى
    وعلى باب الشمس ِ
    أبيعُ ثيابي مبتهجا ًو ثياب َالطفل ِالنائم ِ في أعضائي
    أمضي مستترا ً يتبعني المعنى . ص 60
    19 – زمن المعنى
    زمن كالقاربِ يسقط ُ من أعلى الشـلال
    ويمضي من يوم ٍحتى يوم ٍ ، من سنة ٍ حتى سنة ٍ ، من
    قرن ٍ حتى قرن ٍ ، يتجلّى بوذيا ً في الأدنى ، صوفيّـا ً
    في الأعلى ، ملكا ًفي المعنى ، رأسا ً يُحْمَلُ فوق الرمح
    الى أقصى الاقصى . ص 64
    20 - نص المعنى
    كان المعنى يرقصُ مدهوشا ًمـن عري الحرف ِ و عري
    الجسد ِ الطالـع منك فقمتِ الـى أحرفـه بنجـوم ٍ من
    جمـروسيوف من نار ٍ. حاصرتِ خطاه بقاع المسرح حتى
    ضحك المعنى
    ............ ......... ..
    كيف يصير ُالطارىء ملكا ًوالقاتلُ سيّدَ لعبة ِ أطفال ٍ فرحوا
    بشموس طفولتهم ياسيدة ًقتلتْ نونا تبحثُ عن صاد المعنى .. ص 66
    21 – اضاءة المعنى
    سأضيء المعنى : أتقمّصُ في السر ّ دما ً ســـيقود
    ظلامي و مُحبّاً أفنى العمر بدولاب الموتى ينتظرُ الطيرَ
    يجيء من الأقصى بأناشيد النون . أضيء المعنى كافـاً
    في هيئة ساحرة ٍ تستحضرُ هيبةَ خيباتٍ و جلالة قتلــى
    ووساوس أرملةٍ و ظنون حروف ٍ وجرارا ً من طـين
    كـُسِرتْ في عيد طفولتي القصوى قرب دماء الأجــداد .
    أضيء المعنى فجرا ً من فتنة ِ ميسمكِ الغامض في شفتي
    وسط رمالٍ عارية ٍ . سأضيء المعنى أحشاء غامضــة
    التكوين و وهما ً يتجلّى . سأضيء المعنى قصةََ سـيدةٍ
    تنمو وسط صحار ٍ و سيوف ٍ و فرات ٍ قادتني للحــبّ
    وقادت جسدي للحب ّ فأمسى لدهور فوق البحر يجـيء
    ويمضي ، يمسكُ كلّ شموس الدنيا تشــرقُ ليلا ً
    وتذوب دما ً ونجوم الكون تغور ترابا ً ، يخفي ســفنَ
    الناس بأزرقنا العالي و سواد التالي تمخر مأسـاة سـلام
    الموتى . سأضيء المعنى نونا ً لاتفنى ، تــاءً تتجلّى ،
    ظاءا ً من رمل ٍ ، ألفا ً من نور ، راء ً من حبّ همجيّ
    عذّبني فوق الجمر طويلا ًفيكون المعنى أن أنتظرالمعنى . ص 67
    22 – بيت المعنى
    للمعنى بيت خـَر ِب . للمعنى باب أدخلهُ ، بهـدوء
    أسطوري ، أخرج من بين ثيابي سكيناً غامضة ً وأفتشُُ
    عن لحم عذابي وأقطـّعه بحروفي المرّة وسط هدوءٍ أعمى
    لأدندن في كأسي : للمعنى بيت ، سكين ، لحم ألـِـق.
    للمعنى قمر ، موت . للمعنى أعداء شرسون ، وللمعنى
    ربّ و ملائكة و نجوم . ص 68
    23 - أسماء المعنى
    الجمع ُ يصفــّق سخفا ً، فأنا لمأعلن أبدا ًعن
    أسماء دمي ، لم أعلن عن أسماء المعنى. ص 69
    24 – عري المعنى
    أولمـتُ لأعضائي فاكهة َ لفجر فجاء الموتُ سريعا ًوانقلب المعنى
    في فنجان لغاتي .
    الشِعْرُ يغنّي في فرح اسطوري خيبتـَهُ و يقوم يقبّل
    دمعي كي نقتـــل شيئا ً يدعى المعنى . ص 70
    25 - ماضي المعنى
    خلفي المعنى ، قدّامي المعنى . ص 73
    26 – ضحك المعنى
    لاجدوى ...
    هربتْ سيدة ُ الجسد الطافح بالحبّ ْ
    نحو البحر العاري بفحيح الاجساد ، أنين الرغبات .
    نحو المدن الموءودة باللامعنى ... ص 74
    27 – كاف المعنى
    قال الأخضرُ حين تقبـّل موتي اليومي ّ ..
    وحرماني الأزلي ومقتلَ شمس طفولتي الذهبيّة ..
    في باب المعنى :
    خذ ْ من كافي حائي .
    فإن شئتَ الكاف إليك َ تكون دليلا
    لتقودكَ نحو الأخضر : نحْوي يا أعمى
    نحْوي فالكاف تجلـّتْ و بدتْ ثاقبة المعنى . ص 78
    28 – وصول المعنى
    ووصلت ُ إليك أخيراً يا معناي .
    صاح فراتُ الأجدادِ
    المكتهلين بموت اللا معنى : انتبهِ اليوم لسر ّالحـرفِ
    بموضعها وتموضعْ فيها واثمرْ فالعمرُ حديث خرف
    يهذي . يهبط ُ فجرّ من قلبي . أهبط ُ حتى الشــارع ،
    في بيت القبلاتِ الثكلـى أودع معناي وأصعد ُحتــى
    دجلة ذات الجسد العذب الشفتين فلا تعطينـي إلاّ مـا
    تعطي سيّدة للبعل ِ ، فماذا أفعل ؟ دوّخها من يملـــك
    سارية َ الأسمنت و سارية الدينار فلا تخفي وجـع الضائع
    مثلي . أمسكتُ بأنهاركِ مستترا ً فرأيتُ بعيدا ً أبعـــد
    منكِ و أقرب منّي نهرا ً أسود يصفرّ عليه الناسُ مــن
    الخوفِ طويلا ً ، نهرا ً أبيض يسودّ عليه الناس ُ مــن
    الصحراء ، ونهرا ً عذبا ً شاهدتك ِ فيه بلا ثوب ٍ نائمـة ً
    منتصف الليل تئنّين الى المعنى
    قام بأمطارك ِ حتـى شفيتْ صحراؤك ِ من أمراض ِ الدنيا ،
    قام الرأس ُ إلـيّ
    أخيرا ً ، قبّلني ، صاح َ بأعضائي فتنبّهتُ من المــوتِ
    إليك ، وجدتُـكِ عارية ً قربي . رجــع َ الرأسُ الـى
    جــسدي ، قـال أنـا المعنـى . فبكيـت . ص 81
    استقراءات المعنى ومعنى الاستقراءات في النظم المبحوث 2 – 5
    - تظهر النصوص المعنية في 5 – 1 بصفتها ( نظما موحدّا ) أو قصيدة متصلة ( توليفية ) ان استعمال كلمة ( المعنى ) حمل معه صيغا كثيرة من الاشكال والمضامين ومن ثم الغايات . لذلك فان استقراء كلمات ( المعنى ) يقود الى معرفة معنى الاستقراء الذي يفرضه النص الشعري علينا هاهنا ليس في اختيار هذه القاعدة مايثير التساؤل اذا ماقرأنا أول ( بيت ) يتضمن كلمة ( المعنى ) اذ هو :
    (( وأختار لموتي معنى ، وأضمّخه بالطيب وأنشره في السرّعلى أكتافي ))
    ( موت المعنى ص 5)
    ثم انتبهنا الى آخر ( بيت ) يحتوى الكلمة ، اياها ، اذ هو :
    ( أ ) (( رجع الرأس ُ الى جسدي ، قال : أنا المعنى . فبكيت )) ( وصول المعنى ص 81 )
    - أن يبدأ الشاعر نظمه بالموت وينتهي بعودة الحياة نقض لقانون بيولوجيا الحياة وبعث لقانون فلسفة الحياة ازاء الحياة نفسها من حيث هي : انسان وعلاقات وحقوق وغايات وآمال وتضحية وثورة ، ومن حيث هي وعي الوجود وكينونة الانسان في ذاته الصغرى صوب الحقيقة العظمى .
    - بين الموت بداية ، والحياة نهاية تستقر صفوف من معاني ( المعنى ) الرامزة على نحو خاص : الرامزة أدبا وفكرا ، والرامزة تقليدا ، والرامزة غموضا مزدوجا ، والرامزة غاية وتقديرا ، والرامزة تصوفا ، والرامزة بلاغة . بل ان ستة من انواع ( الغموض ) التي ذكرها (وليام ايمبسون ) وعددها سبعة ( راجع 4- 3- 1 ) تجدها في هذا النص المتصل مكرورة على غير انتظام ، أي عشوائية ( تلقائية ) غاية في الانسياب والبساطة ، غاية في الغموض معا . اما استثناء النوع السابع من الغموض (( قد يكون للكلام معنيان متناقضان فعلا فيكشفان عن انفصام جوهري في ذهن المؤلف )) فما وجدنا ذلك في الشعر موضع بحثنا ، بل حتى البدء بالموت والانتهاء بالحياة ليس تناقضا ، بل نقض للمألوف ورفض له في سبيل البحث عن لماذا الحياة وكيف نحيا .
    - ان تأكيد الغموض في ( النص المتصل ) لاينفي الوضوح الشامل ، كما ان الجمع بين ( الغموض ) و ( الوضوح ) أي ( ازدواج المعنى ) الى ( فردية المعنى ) يلقي ضوءا على جمال الأسلوب الشعري وغائيته كما في قول الشاعر أديب كمال الدين :
    ( ب ) ((الغيمُ يجيء و يذهــبُ والفجرُ يطرز حرف الدهر فلا معنى أبداً .
    لامعنى لاعادة مشهد حب مكرور ملتهب ، لا معنـى. )) ( أنا وأبي والمعنى ص 13 )
    - في البيت الأول احتمالات متعددة في ( المعنى ) : الغيمُ يجيء و يذهـبُ ! من هو الغيم هذا فضلا عن السحاب ؟ والفجرُ يطرز حرف الدهر ! أيّ فجر هذا ؟ فجر اليوم أم فجر الحياة والانسان ؟ ثم ماهو ( حرف الدهر ) هذا ؟ انه تسامٍ وتصاعد في التأويل (الأوتوقراطي ) : ( القبلي أو البعدي ) وعندما ينفي الشاعر هذه المتضمنات: ( فلا معنى أبدا) يعود ( ليوضح ) الغامض و (يبسّط ) المعقّد بنفي مشهد الحب المكرور من حيث خلوه من المعنى ، معنى التكرار، وليس نفي الظاهرة نفسها ، والظاهرة هنا ( ليست غير مقبولة ) انسانيا ففاقد الشيء لايعطيه، الا ان من يملكه يستزيد منه ويستزيد ! بيد ان شاعرنا ألغى صفة ( المعنى ) الدال من ( تكرار ) الظاهرة لأنه يدرك عبر تجربة او علم ان ( الملل ) قادم والضجر مقبل قطعا حتى في الحب ان صار رتيبا ومكرورا .
    - في هذين البيتين وغيرهما تظهرملكة العقل على كامل هيئتها ، اذ يغيب ( اللاوعي ) تماما ويحل محله ( الوعي ) اطلاقا ويلتقي شاعرنا كمال الدين مع الدكتور هدسن ( راجع 2- 1- ب ) لأنه جعل من ( المعنى ) كيانا ذهنيا مرئيا وملموسا ، ثم يلتقي معه في جعله مفهوما Concept عندما يقول شعرا :
    (ج ) (( يشعلُ نهديها كي يخطفها للأعلى ويحلّق مذهولا ثملا ًو شديد المعنى ))
    ( رومانسية المعنى ص 60 )
    اذ رغم أنها حالة تأويلية صحيحة الا انها تمثل معنى محددا على شكل مصطلح مفاهيمي تماما . ثم يلتقي معه عندما جعل ( المعنى ) اجراءً بقوله شعرا :
    ( د ) ((فإن شئتَ الكاف إليك َ تكون دليلا
    لتقودكَ نحو الأخضر : نحْوي يا أعمى
    نحْوي فالكاف تجلـّتْ و بدتْ ثاقبة المعنى )) ( كاف المعنى ص 77 )
    - هنا أيضا لايتقاطع مفهوم الاجراء مع التأويل ( الأوتوقراطي أو الأقراطي ) ( لمعنى المعنى اجراء ) الا ان تحديد شكله البنيوي انطبق على تعريف هدسن او مفهومه للمعنى في تعبير ( ثاقب المعنى ) كما ان التقاء هدسن جعل له موضعا بين منظري العرب فاذا كان ثمة تأمّل ازاء ماذهب اليه ثعلب (راجع ( 2- 2 )) من ان ( المعنى والتفسير والتأويل واحد ) فانما هو بصدد الكلمات والتعبيرات الدالة من غير كلمة ( المعنى ) نفسها ، وان أي معنى او تفسير أو تأويل انما هو ( أللوقراطي ) بالضرورة مما يقال عنه ( مااصطلح الناس عليه ) وليس مايراه او يصفه شخص لنفسه ( أوتوقراطي ) . فالنحاس ما صار معدنا مرة ونارا بلا دخان مرة الا بما اصطلحت عليه العرب . اذن هما معنيان ، ولكل منهما تفسير ، ولكل ( منّا) ان يؤول على اي معنى يريد كلمة النحاس عندما تأتي في شعر او نثر ان لم يقف السياق في صف الباحث لتحديد المعنى المباشر ! و ( اجتهاد ) الشاعر في منح الكلمة المعنى الذي يريد : مسألة فيها موقف قبل ان تكون مسألة فيها نظر !
    نقرأ أبيات كمال الدين الآتية ونتابع معنى النسيان على انه الدهر :
    ( ه ) (( يانون ، ياسيف القسوة ، ياء اليمّ
    قال الأول: يسأل أحد عن معنى النسيان ؟! لماذا ؟!
    ............ ......... ........
    قال الخامس : معناه الدهر )) ( نسيان المعنى ص 54 )
    - ربما تقول انه ليس ( المعنى ) القاموسي الموثق بل هو معنى مجازي رامز وهذا صحيح ولكن المعالجة ( اللغوية – التاريخية ) تثبت ان النسيان سمة انسانية ، بل ان الانسان كلمة مشتقة من النسيان ! وان النسيان يحدث بعد تذكر واستذكار ، وان الاستذكار والنسيان ( موطنهما ) الزمان بصفة الدهر وان الدهر محيط بالاحداث ، جديدها وقديمها وكل قديم معرض للنسيان وكل جديد مؤهل ليحل محله حتى يحل جديد آخر فيصير نسيانا ! لذلك فالدهر نسيان والدهر ذاكرة وذكرى واستذكار أيضا ! ولكن ليس بارادة الشاعر أديب كمال الدين بل بفطنته وابداعه في ربط ( الاشياء ) فيما بينه حدثيا وعضويا سويا ، أي انه يمنح ( المعنى ) بعده الحياتي العضوي بإتقانه المناورة باطار ( معنى المعنى ) عمليا ومن غير تنظير . من هنا فإنه يضيف جديدا بحق الى دراسة المعنى ومعنى المعنى بإسلوبه الشعري وكفى به اسلوبا ! كما ان هذا الجديد انطلق من التطبيق قبل التنظير ، لأن الأخير يمدنا بالرأي الآتي على لسان اي . دي هيدسن : (( ان اؤلئك الذين يهاجمون معيار المؤلف ( في تحديد المعنى ) أو أيا من أشكال التأويل الفردية الأخرى يلاحظون – بحق – انه ليس بوسع أحد فرض معيار لغوي اعتباطي للتأويل . فلا أحد يمكنه ان يفعل ما فعله
    Humpty – Dumpty
    حين أخبر " أليس " ان بوسعه ان يجعل الكلمة – اي كلمة – تعني مايريده لها ان تعنيه )).
    ولكن في النص المقتبس السابق نجد ( المؤلف ) ( شاعرا ) ونجد فرصة تحليل العلاقة بين المعنى الذي أراده الشاعر والكلمة المفسرة متاحة كما فعلنا . اي ان الشاعر لم يفرض معيارا لغويا اعتباطيا للتأويل من هنا صار ممكنا : وضْع المعنى الذي أراده للنسيان من حيث هو الدهر!
    - بوصف المعنى ( موصوفا ) تحيط به عشرات ( الصفات ) لتحدد للمعنى ( وظيفة ) في متن كل صفة مما توثقه المعجمات المتخصصة نستبين ( المعنى الضمني ) أو ( ظل المعنى ) أي المعنى الاضافي الذي توحي به كلمة المعنى أو شبه جملة ( اللامعنى) في الابيات الآتية :
    ( و ) (( لامعنى لي الا في حرفي ))
    (( انتبهوا رأسي فوق الرمح إله يبحث عن معنى )) ( نون المعنى ص 33 )
    ( ز ) (( لامعنى يولد الا من موتي
    (( لامعنى يزهو الا في قتلاي )) ( حوارية المعنى ص 38 )
    - ولقد نتفق في تأويل ( و ) : (( لامعنى لي الا في حرفي )) ببساطة ،بل قد نتفق جزئيا ونختلف جزئيا ازاء ( و ) (( انتبهوا رأسي فوق الرمح إله يبحث عن معنى )) الا اننا نقف حائرين ازاء النظم في ( ز ) (( لامعنى يزهو الا من موتي )) فقابل المضمون الآخر في التالي له ، على محمل نفسي واجتماعي (( لامعنى يزهو الا في قتلاي )) بأن يكون الشاعر مقتولا وقاتلا للحياة . ان ( المعنى الوجداني او العاطفي ) عند القارىء لن يكون واحدا ، فالموقف الانفعالي من كلمة ( الموت ) المقترنة باللامعنى قبلها يبعث احساسا متغيرا عند ( الناس ) اذ أن هذا التخصيص او الاستثناء ( بنفي وجود المعنى الا مع الموت ) في الحالتين سويا يدفعنا الى تقصي المعنى الذي سيولد ويزهو بهذه الوسيلة شديدة الغرابة ، شديدة التراجيديا بل ان احساس ( الباحث ) يذهب الى تحويل ( قتلاي ) الى ( قتلاه ) في ( ز) فيصير موت الشاعر ثمنا لظهور ( المعنى ) فضلا عن قتلى ( المعنى ) هذا ، وهذا منطق مألوف في التضحية الفردية والجماعية من أجل ( قضية ) . الا ان اشكالية الجمع بين ( التضحية ) و ( الجرم ) مسألة شائكة في الحياة والتاريخ ، ثم ان ( ظل المعنى ) الذي يتعين البحث عنه يجعل من موت الشاعر ( تضحية ) ومن ( قتلاه ) الذين يقفون في طريق ( الغاية – القضية ) الساحبة ، حتى يظهر المعنى ، ثمنا أو وقودا أو شرطا لزهو المعنى هنا ، يصح القول اننا كنا نبحث في المعنى اللغوي للجمل من حاصل جمع ( المعنى القواعدي ) و (المعنى المفرداتي ) المرتبط به . اما تحويل هذا السياق الى البحث عن ( معنى المعنى ) في هذين النظمين فاننا ندخل في المعنى المفرداتي عن طريق فك الرمز البلاغي وتأويلاته ( الاوتوقراطية ) أو ( الأللوقراطية ) وهو ليس من مهمتنا في هذا البحث حسب منهجه .الا ان الوصول اليه يعني اننا حققنا ( المعنى الكامل ) للأبيات بإضافة المضمون الاجتماعي الى التفسير اللغوي . مع هذه الومضة السريعة نشير الى موقف ( جومسكي ) من العلاقة بين النحو و ( المعنى والدلالة ) في ( 2- 1- ز ) . اذ ان البيت ( و ) في الاقتباس السابق :
    (( انتبهوا رأسي فوق الرمح إله يبحث عن معنى )) يمثل حالة قواعدية صحيحة الا ان المعنى الذي يحاور فيه جومسكي ضمن السياق العام غير موجود هنا الا اذا انتقلنا الى ( البلاغة ) فالسياق البيولوجي العام لايسمح ( للرأس المقطوع ) ان يبحث عن شيء ما في ( المعنى ) أو في غيره ! وهكذا تبدأ رحلة المعنى المجازي وتبدأ بحل لغة التشبيه في كلمة (إله ) ثم حل مشكلة الاله الذي ( يبحث ) ولايستطيع ايجاد مايبحث عنه ومن بعد ذلك نستقرعلى كشف سر المبحوث عنه : المعنى ، كناية عن ( ؟ ) حيث ينطلق التأويل ( الاوتوقراطي ) بقوة بل يتجه الى اتجاهات كثيرة ، في الوقت نفسه نستذكر الثمن لايجاد هذا المستتر أو الكشف عنه : الموت على جوانبه التي عرضناها في أعلاه . ان مايذهب اليه جومسكي وآخرون في ذكر البنية العميقة Deep Structure ضمن البنية الظاهرة سواء في حالتي المبني للمجهول ازاء المبني للمعلوم ام في حالة التلاعب بالكلمات ( بلاغة ) Words play يتوافق تماما مع هذا النص بل يمد جسورا نادرة بين البنية والدلالة لاتخفى .
    - ينقلب ( المعنى ) الى فاعل قوي مهيمن أداته ( اللامعنى ) ليجلس الشاعر في ( تاء الموت ) قليلا فيقول :
    ( ح ) (( حاصرني المعنى باللامعنى
    أجلسني في تاء الموت قليلا .... )) ( خيانة المعنى ص 58 )
    - هنا يظهر ( المعنى ) سطوةً وقوة وأداته عاتية وقاتلة . اذ هي ( اللامعنى ) بينما في المثال ( و ) كان الرأس يبحث عن معنى ( مفعول به ) منفذاً ! فهل في ذلك مفارقة أو تناقض مما ذكره ( وليام امبسون ) في نوع الغموض رقم ( 7 ) ( راجع 4- 3 – 1 ) في الواقع ليس ثمة ( تشويش أو تناقض ، لأن الشاعر كمال الدين جعل من المعنى في طول الديوان وعرضه كلمة متعددة المعاني على نحو شامل وعلى نحو محدود معا ، أي ان كلمة ( معنى ) واحدة تحمل أكثر من معنى في الوقت نفسه اما ( تورية ) بلاغية أو احتمالات تأويلية وكذلك مجموع كلمات ( معنى ) في المنظومات كلها اذ لابد ان يعطي معاني متعددة . وقد يؤيد التحليل ذلك تماما كما فعل حتى الآن . فقد يتضمن البيتان هنا معنى أساسيا ومعنى ثانويا الا ان ( نسبية ) الأساسي الى الثانوي متغيرة ! وماذلك الا بسبب كلمة ( الموت ) في الشطر الثاني ، فالقارىء ( المقاتل ) في السياسة والحرب تؤثر فيه كلمة ( حاصرني ) وهي كلمة ذات طبيعة ( عسكرية ) وبفعل الايحاء الذاتي لها تجعل من الموقف عسكريا او قتاليا . ومن الطبيعي ان يكون الموت أحد احتمالاته ! اما ( تاء ) الموت هذا فتخضع للتأويل الرمزي الموضح في ( 4- 3 – 3 الجدول ) . ولما كان التعبير( أجلسني ) يحدد حيزا فإنه ( تابوت )على الأرجح ليذيق شاعرنا هول العذاب النفسي قبل الخاتمة ! وبإنتقالة ( انقلابية ) تخضع للمعنى الثانوي ، فلقد يصير الحب والكراهية سببا وأداة هنا ويصبح ( التاء ) ( تحتا ) أي : تحت الموت ، وهو قريب من التابوت في المضمون الا انه من غير تابوت ! ولو قرأ هذه الأبيات ( عاشق رومانسي ) لبدأ بالحب والبغض معنى أساسيا ثم يجعل من الحرب والقتال معنى ثانويا ومافي ذلك خطأ ! ورغم أننا انتقلنا عبر الاستقراء الذي يبدو سليما في ترابطه الى مبدأ سايكولوجية المعنى او الدلالة اذ (( يكثر الجدل حول سايكولوجية المعنى بسبب اتساع مجال استعمال الكلمة ولها عنصران هما النية والمغزى ، تختلف حولهما نظريات المعنى عن بعضها البعض . لكن المشاكل المتعلقة بعلم النفس تدور في معظمها " حول المغزى دون النية " وفي هذه الحالة يدور الجدل الرئيسي بين من يعدون المعنى مسألة ادراكية في الأصل وبين من يعدونه مسألة انفعالية أولا )).
    - سواءً أكان التعبير " حول المغزى دون النية " مقصودا أم كان ( من دون النية ) وهو المرجح حسب السياق ، فإن محاولة بلومفيلد تدخل في هذا النوع من علم النفس السلوكي ، اذ لاسبيل للتوصل الى الإستجابات ( الصحيحة ) من غير ( معرفة ) المغزى فضلا عن النية لأن الألفاظ قد ( تتراصف ) في الحديث أو الكتابة لتعكس المعنى غير المقصود أصلا بسبب
    ( فقر ) الخبرة في التعامل القواعدي – النحوي الصحيح .
    - في تركيبة ( إضاءة المعنى ) الشعرية نقرأ هذا النظم المركّب الجميل للبحث في ( فارق المعنى ):
    ( ط ) * (( سأضيء المعنى ... ))
    ** ((أضيء المعنى كافـا في هيئة ساحرة..... ))
    أضيء المعنى فجرا ًمن فتنة ِ ميسمكِ الغامض في شفتي
    وسط رمالٍ عارية
    سأضيء المعنى أحشاء غامضة التكوين و وهما ً يتجلّى .
    سأضيء المعنى قصةََ سـيدةٍ تنمو وسط صحار ٍو سيوف ٍ و فرات))
    *** (( سأضيء المعنى نونا ً لاتفنى
    فيكون المعنى أن أنتظرالمعنى )) ( إضاءة المعنى ) ص 67
    - من المكن معالجة أيّ من الاقتباسات (* ) أو ( ** ) أو (*** ) على نحو منفصل ، بعضها عن البعض الآخر الا ان معالجتها مجتمعة يوفر لنا غاية جديدة تماما هي الكشف عن صيغ مايسمى فارق المعنى أو مانسميه بالتمايز بين الجمل المتناظرة والكشف عن الكلمة التي تسبب الفرق بين كل معنيين .
    - ان الكشف عن سبب الاختلاف هنا يقود الى ( تفحص ) موضع كلمة ( المعنى ) التركيبي و البلاغي ، ففي جملة ( سأضيء المعنى ) وحدها حصر لمعنى ( المعنى ) على نحو مفتوح مطلق ولكن في جملة ( أضيء المعنى كافا ) وجملة ( أضيء المعنى فجرا..) تجعل من المعنى مشبها بوصفه ( كافا ) و ( فجرا ) و( أحشاءً ) و( قصة سيدة ) واخيرا ( نونا ) مع الصفات الملحقة بكل موصوف من ( المعنى ) المشبه به . هنا علينا البحث في ( رمزية ) الحروف الملحقة بكلمات (المعنى ) فضلا عن كلمات ( المعنى ) نفسها . وعندما ( ندخل ) البيت الأخير : ( فيكون المعنى أن أنتظر المعنى ) عدنا الى ( المطلق المفتوح ) في ( المعنى ) ( الثانية ) . أما الأولى فمن خيارات الكلام الواضح التقليدي : ( فيكون المعنى ) بخلاف ( أن أنتظر المعنى ) القريب من انتظار( غودو ) في المسرحية الشهيرة !
    لنقرأ النص مختصرا الى مايسميه جومسكي الجملة النواة او الأساس ثم نرى :
    ( ي ) (( سأضي المعنى ....
    فيكون المعنى ان أنتظر المعنى ))
    هنا اخترنا الشطر الأول (عنوانا في أصل النص ) مع الشطر الأخير ( خاتمة الموضوع ) ومركزا لمعناه فظهر لنا ( نص جديد ) هو في الحقيقة مكمن ( المعنى) المستهدف، واذا حذفنا ( جوازا ) جملة ( فيكون المعنى أن .....) مع اضافة حرف واحد فاننا نقرأ :
    ( ك ) ( سأضيء المعنى ... وأنتظر المعنى )
    أو ( سأضيء المعنى ...لأنتظر المعنى )
    فإن ( فارق المعنى ) يبدو شديد الوضوح نسبة الى النص الأصل ، أي ان ( المعنى ) المضُاء ليس ( المعنى ) المنتظر ، فما هما اذن ؟ في هذا الاختزال توافق مع بعض منطلقات جومسكي في ( النظرية التحويلية) في ( النحو ) على نحوٍ لفظي غير رمزي . هنا تبدأ مشكلة تحديد المعنى حسب سياق بحثنا هذا مع رحلة التأويل الممتعة بالعودة الى اصل النص كاملا والافادة من سياقاته الرمزية ( الفلسفية ) و ( الدلالية ) معا ، الا ان ( الأوتوقراطية ) المجددة او لوحدها لاتستطيع ان تقدر كل المعاني التأويلية لكل كلمة ( معنى ) وردت في المقطع المقتبس ، وسواء أكان القارىء من المحيطين بنظرية جومسكي أم لا فإن ( فارق المعنى ) يجعل دلالة كل ( معنى ) مختلفة عند ( س ) من الناس و( ص ) منهم ... الخ ، بل لو حاولنا ( ترجمة ) المقطع ( ط ) الى الوضوح الدال ، مستعينين باعطاء كل حرف رامز دلالته (الفلسفية أو الصوفية أو البلاغية ) حسب التقدير الذي يراه القارىء طبقا لسياق البيت ، وفي الوقت نفسه وبمطابقة مدلول ( المعنى ) للسياق نفسه يقترح القارىء مقابلات تعويضية ( تأويلية ) يراها مناسبة فإن صورا كثيرة وصيغا عديدة لهذا المقطع تفرض وجودها بصفتها نظما شعرية مستقل بعضها عن بعض بدرجات متفاوتة أي ان المقارنة لدرجة التناظر أو التماثل تمثل الحد الأعلى والأختلاف درجة التناقض يمثل الحد الأدنى . ولكن ايّ من الحدين يُعدّ العامل المحدد لصحة التأويل ؟
    في الواقع يتعين اللجوء الى قبول جميع التأويلات الأوتوقراطية من غيرتحفظ حتى يصار الى تأويل أللوقراطي ( جمعي – موحد ) يمثل المجموع كله قيرفض التأويلات الأوتوقراطية قبله – التأويل الآني ، اذن ، هو تأويل أوتوقراطي للباحث بوصفه قارئا حسب تتقلب قي جنباته نوازع مشتركة أو متناقضة بإزاء الشاعر او نظمه في الأصح ويتأثر بتجربته القبلية والبعدية معا حيال ( المعنى ) بحكم التخصص بالثقافة والمتابعة ، وبمحاذاة ( التأويل ) بأثر النص فرضا وكما يأتي :
    (( سأضيء الكمال ... ( تصوف صرف )
    أضيء الكمال كينونةً في هيئة ساحرة تستحضر هيبة خيبات ( تصوف – فلسفي )
    أضيء الكمال فجراً من فتنة ميسمك الغامض في شفتي وسط رمال عارية ( تصوف )
    سأضيء الكينونة أحشاءً غامضة التكوين ووهما يتجلّى .... ( بلاغة كناية )
    سأضيء الكينونة قصة سيدة تنمو وسط صحارٍ وسيوف وفرات ( بلاغة استعارة )
    سأضيء الكمال ناموساً لايفنى ... ( تصوف – فلسفي )
    فتكون الكينونة أن أنتظر الكمال )) ( فلسفة – صوفية )
    - اذا كان ( لناقد ما ) أن يستدرك أو يتحفظ على مثل هذا التأويل ، بإطار منهج هذا البحث ، فإن استدراكه وتحفظه لايسريان قط على تأويل البيت الأخير : (( فيكون المعنى أن أنتظر المعنى ( تطابق ) فتكون الكينونة أن أنتظر الكمال ))
    - أي ان ( التطابق ) في الجملتين نبع من صميم مقومات الفلسفة الصوفية والتصوف الفلسفي وان محتوى جملة التأويل : ( فتكون الكينونة أن أنتظر الكمال ) غاية في التناغم والانسجام مع توجه كل محبّ لله بصفاء النفس وزهدها وورعها ، اذ بتوحّد جسمه وروحه ونفسه يبلغ اقصى درجات الحب والوجد والعشق في الكمال ، في العبودية المطلقة لله وحده والفوقية المطلقة على سائر المخلوقات دون البشر على نحو خاص .
    - أما معالجة ( سأضيء المعنى ) بتأويلها الى ( سأضيء الكمال ) من دون تأويلها ب ( سأضيء الكينونة ) فإن لنا مذهبا بلاغيا في ذلك وأيّ مذهب ! بدءا ليس في تأويل النظم هذا الى ( سأضيء الكينونة ) خطأ ما أو انحراف عن دليل فكّ الغموض الذي تتوسل به عبر هذا البحث : ( 4 – 3 ) بكل فروعها ، الا ان السمو البلاغي غائب اطلاقا عن هذا النحو وبلجوئنا الى : ( سأضيء الكمال ) جاوزنا قدرة البشر العادية في الواقع لأن الكمال ( مستوى غائي ) لايدركه الا قديس أو وليّ صالح تماما وان جمعتنا المؤوَّلة لاتمنح البشر هذه السلطة الخارقة لذلك فإن وضعها في صدر النظم لذو مغزى بلاغي عظيم اذ هو ايجاز الحذف ، فإضاءة المعنى اصلا واضاءة الكمال تأويلا تخضع لإرادة الله بتقديرها جملة محذوفة من النص بتقدير : (سأضيء الكمال ...بإذن الله ) أو مايناظر ذلك وتلك احدى مشاكل التصوف والمتصوفين ( المتفلسفين ) بما لايدركه العادي من الناس بل الخاصة منهم حسب ! وفي الوقت نفسه اذا انتقلنا بالتأويل الى القول : ( سأضيء المعنى ( يطابق ) سأضيء الكينونة ) فإن ايّ مدلول ذي مغزى لن يقع بين أصابعنا ! من هنا فإن فلسفة هذا المقطع تكمن في ( توجهه ) الرمزي الصوفي التام ( راجع 6 – 2 ) وبُعده اللانهائي المطلق ( راجع 6 – 3 ) وبجمع ( التوجه ) اياه الى ( البعد ) اياه نحصل على فلسفة المعنى التي نجادل فيها ومن اجلها في ( 6 – 4 )
    6- من الاستقراءات الى الاستنباطات
    6 – 1 الاستنباطات العامة خلاصة :
    - قدمنا في المعالجات الاستقرائية في ( 5- 2 ) عروضا تحليلية ارتبطت ( بنوع المعنى ) في الغالب الأعم مستفيدين في ذلك من النهجين القبلي والبعدي في الاستدلال المنطقي حتى صار كل شيء واضحا ومعدا لنوع آخر من الدراسة اذ هو ( الاستنباط ) الاسنباط المستند الى كل نص شعري مهما كان طول مقطعه الشعري مع احتضانه كلمة ( المعنى ) على أي تصريف أو صيغة جاءت ضمن مادة العرض نظما ( 5 – 1 ) حتى ظهر أمامنا جليا السؤال المتوقع الذي ( يلح ) في تحديد الجواب اتماما لعلمية البحث وموضوعيته ، اذ هو : هل يمكن استنباط ثوابت أو حقائق أو تصنيفات غير مكررة من كل ما تقدم من عروض وتحليلات ( نظرية ) و ( تطبيقية ) ؟ وسرعان ما كشف لنا سياق العمل المنجز في هذا البحث ان الجواب الأكيد : نعم ، اما الاستنباطات ( العامة ) فيمكن جعلها خلاصة ( لنتائج البحث ) وليس خلاصة البحث نفسه ، لأنّ البحث قدم نفسه بإيجاز ولاضرورة لخلاصة له اما النتائج فإنها من الأهمية ما يتعين تبويبها بالنظام العلمي الموضوعي الذي تستحق ، واما ( تفاصيل ) الاستنباطات عالية الأهمية فلها عرض منفصل او مستقل لاحقا ، لنبدأ بعرض الاستنباطات العامة كما يأتي :
    ( أ ) قدم المبحوث صيغا شعرية حديثة تعتمد على متضمنات " المعنى " أو" ظلال المعنى " غير المعروفة أو غير المعلنة أساساً ، وعلى نحو تلقائي غير خاضع لمنهجية حسابية ، ولقد يتفق ذلك مع طبع الشاعر وطبيعة الشعر الحديث على أيّ نوع كان ، مما لم يقدم عليه شاعر من قبل *
    ( ب ) كشف التحليل المقدم في هذا البحث وبخاصة في ( 5 – 2 ) عن النزعة الفلسفية في تناول " مشكلة " دلالة كلمة " المعنى " وذلك بإخضاعها الى "اللامسلّمات " من طريقي الغموض المتنوع والتأويل المتعدد فضلا عن الأفتراق عن المألوف المعروف .
    ( ج ) تكشف النزعة الفلسفية الموضحة في ( ب ) ان للمعنى ( توجهات ) معينة أو مجموعة من الصيغ الوظيفية الدالة وفي الوقت نفسه تكشف ان للمعنى ( سعة ) محدودة أو مجموعة أبعاد دالة يمكن التعبير عنها رياضيا:
    Deuced meaning Capacity. Dimensions of the meaning
    ( د ) يمكن التعبير عن ( ج ) أعلاه بالنماذج المصنفة حسب طبيعة الغاية أو الاستنباط المثبت بل يمكن اشتقاق العلاقة بين ( توجهات ) المعنى و ( سعة ) المعنى تحت سقف ( فلسفة ) المعنى حسابيا ونظما معا .
    ( ه ) ان طبيعة النتائج المتحققة عبر هذه الاستنباطات لم تكن لتأتي من الاعتماد على المنظور العربي فقط للمعنى ومعنى المعنى ، ولم تكن لتتحقق أيضا بالمنظور الانكليزي فقط ، الا ان اخضاع النص المبحوث للمنظورين العربي والانكليزي أي القديم والحديث ، رغم تعذر حسم مفهوم ( معنى المعنى ) حتى الآن ، سهّل ايجاد هذه النتائج الوصفية الخارجية من دون الاخلال بالأهمية النسبية العالية للنتائج المتحققة نفسها على طريق انواع المعنى بإضافة مصطلحي : توجّه المعنى وسعة المعنى :
    Meaning orientation and meaning capacity
    6 – 2 توجهات المعنى المستنبطة أو مجموع الصيغ الوظيفية الدالة لكلمة المعنى
    - في الاشارة التي وردت في ( 6 – 1 – ج ) و ( 6 – 1 – د ) مايصير سببا لإفراد هذه المادة لتكتسب درجة الوضوح المناسبة في حقل الاستنباط الذي نبحث ، اذ ان هذه التوجهات ليست ( لامسلمات ) أو ( قضايا ) فلسفية تولّى النظم المبحوث محاولة تصويرها قبل معالجة مشكلة حلها فحسب ، بل هي ( جميع ) القواعد أو المبادىء الفلسفية التي تركت آثارها في
    ( كل ) مقطع شعري تضمن أو احتوى كلمة ( المعنى ) حتى لو لم يكن مقصودا به المعالجة الفلسفية أساسا ، أي ان النظم الشعري الحديث في ديوان كمال الدين قد استطاع ان ( يوظف ) كلمة (المعنى ) ( بمنحها وظيفة ) على مسارات عدة تنتهي الى الفلسفة تماما ، حتى صار ( للمعنى ) ، بوصفه كلمة دالة ، صيغ دالة وظيفية يمكن تصنيفها وتعزيزها بالأمثلة النظمية المطابقة ، ومن البدهي ان لاتكون كلمة ( المعنى ) بمعناها التفسيري التقليدي اثباتا أو نفيا موضع احصاء أو تصنيف في هذا الصدد لأنها لاتمثل نهجا فلسفيا بل لغويا حسب ، وخارج السلّم التصنيفي المستنبط . اما فرص ( تحليل ) أي نظم أو مقطع شعري ، على اختلاف أنواع التحليل ، مع تشخيص الصيغ الوظيفية الدالة فلسفيا فإنه يسري على النظم الشعري الخاضع لها كما حصل في جميع المناقشات السابقة تماما ، أي أنها تخضع لمعالجات التأويل وفك الغموض ( الدلالي والنحوي والحرفي الرامز ... الخ ) فضلا عن تحديد المعنى الرئيسي ( المعنى الأهم لكلمة ذات معنيين أو قريبا من ذلك ) والمعنى المزدوج ( في الكلمة أو الجملة التي تحتمل تأويلين أحدهما فقط هو المقصود من المتكلم أو الكاتب او الشاعر) تمييزا عن التورية مما هو معروف بلاغيا وتفريقا عن ( المعنى ) المزدوج في أصل تعريف الغموض مما سبق مناقشته في ( 4 – 3 – 1 )
    - يمكن اجمال التوجهات أو الصيغ الوظيفية الدالة ( للمعنى ) بما يأتي من الأدنى الى الأعلى غموضا :
    ( أ ) المناورة اللفظية بالفلسفة مقترنةً بالمعنى رمزا
    كما في قول أديب :
    (( انّ اللذة َسيدة المبنى
    العصفورُ يقوم و يدخل في هدهدها
    ويقبّل أغصانَ الحنطة غصنا ًغصنا ً
    يتفلسفُ بالمعنى الضيق
    ويثرثر كالأطفال )) ( ميم المعنى ص 27 )
    - مع وضوح الكنايات والاستعارات في هذا المقطع فإن جملة ( يتفلسف بالمعنى ) ليست كذلك ، فالتفلسف هنا ( برمز ) المعنى أو مدلوله يتطلب تحديد ( محتوى ) التفلسف ومدلول ( المعنى ) معا لأن المعنى الحرفي للفلسفة هو ( حب الحكمة ) والمعنى الحرفي للمعنى تفسير أو توضيح مما قبل التأويل عن الغموض، أما المعنى المجازي للمعنى فهو المستهدف في هذا المقطع .
    - يبدو تحديد معنى ( يتفلسف بالمعنى ) اذن كعملية ربط الحقيقي بالمجاز بالعودة الى أول المقطع ( انّ اللذة َ سيدة المبنى ) ، على كل حال ، لم يرد هذا التعبير باستعمال الفلسفة مقترنة بلفظة المعنى الا مرة واحدة ، مع ذلك صيّر لنفسه اتجاها متفردا بنقل التفلسف الذي طرقه علماء اللغة وعلماء الدلالة الى التفلسف ( بالمعنى ) رمزا عن شيء محدود حيث يكمن جمال التوظيف حقا في المناورة اللفظية الفلسفية.
    ( ب ) الغموض المزدوج والغموض = معنى مزدوج )
    ( كان المعنى قدّامي وورائي
    يبحث عن معنى لطلاسمي العظمى ) ( ارتباك المعنى ص 57 )
    - في هذا التوجه يمنح الشاعرمعنى ( للمعنى ) الأولى غيره في معنى ( المعنى ) الثانية اطلاقا ، فالتشخيص المعطى للمعنى الأول يجعله يحمل صفة العاقل ويقبل التأويل على أكثر من وجه ليس من بينها الوجه التقليدي : القصد أو التفسير ، اما المعنى الثانية فتحمل معنى القصد والتفسير حصرا الا انه تفسير ما هو مجهول ومغلق : الطلاسم العظمى ، فالمجهول الذي يؤدي الى معلوم ليس كالمعلوم الذي يفضي الى مجهول ! والجمع بين الاثنين في نظم واحد لاشك توجه فلسفي لايثبت ولايستقر بإطار غموضه المزدوج ، أي الغموض رباعي المدلول !
    ( ج ) الغائية التقديرية
    (( يبقى الجسد المدهوشُ عنيفاً لايعرف للموتِ طريقاً أو معنى )) ( أخبار المعنى ص 8 )
    - في المألوف ان طرائق الموت وأسبابه معروفة تماما، وان تفسير الموت مباح على أكثر من صورة بيولوجية وفيزيائية وروحية ( نفسية ) واجتماعية وتاريخية ... الخ ، الا ان ( قلب ) هذه المعايير المطروحة من معلوم الى مجهول يفصح عن غائيّة تقديرية لقلب المسلّمة الى لامسلّمة وتحويلها الى مشكلة من جديد! اذ تربط الموت مشكلة بما يليه من حياة آخريّة وان طريق الموت امام ( جسد مدهوش وعنيف ) حالة فيزيائية غير متاحة في الطبيعة فالمدهوش لايصيرعنيفا لأنه ينتهي بالتفكك والاندثار والفناء وهو الموت ، فكيف لايعرف له طريقا ؟! انه العذاب المقيم ، الكبت والحرمان والاحباط بوصفها جميعا : عنفا داخليا في جسد مهزوم في واقع الحياة ، من هنا فإن مضمون الغائيّة التقديرية في هذا التوجه ماهو الا تحويل المألوف الى ( لامألوف ) وتقويض المسلّمات واعادتها الى لامسلّمات فلسفيا .
    ( د ) الرمزية الأدبية والفكرية
    ((و دمي يهذي : كيف يصير ُالطارىء ملكاً والقاتلُ سيّدَ
    لعبة ِأطفال ٍ فرحوا بشموس طفولتهم ياسيدة ً قتلتْ نوناً
    تبحثُ عن صاد المعنى ؟ )) ( نص المعنى ص 66 )
    - يبدأ النظم بسؤال انكاري وينتهي برمزين حرفين في ( ياسيدة ً قتلتْ نونا ً
    تبحثُ عن صاد المعنى ) اما ( النون ) فحرف رامز مستقل هنا وللقارىء ان يضيف الى معناه ما يشاء ! واما ( الصاد ) المقترن بالمعنى فلقد يدفعنا التأويل المجدول وقد يتوجب الاضافة ، الا اننا نريد ان نضيف هنا المعنى المرتبط بالصفة أو مايطلق عليه المعنى الوصفي : معنى يدل على صفة ولايدل على موصوف ، اي ان تعبير ( صاد المعنى ) يصير فيه ( الصاد ) موصوفا و( المعنى ) ( رمزاً ) : صفة دالة فيتألق التأويل من زوايا كثيرة رغم بنية التعبير القواعدية العادية . نريد القول ان الرمز الأدبي أو الفكري قد لايأخذ طريقا سهلة واضحة ، انما يتضاعف الغموض في بنيته العميقة فيتحول الى نهج فلسفي وقضية يصعب حلها فعلا ، لأنّ ( النون ) رمز أدبي – فكري على طريق الفلسفة فهي عندما تبحث عن ( صاد ) مقترن ( بالمعنى ) فإنما تزيد الغموض دخانا على دخان كلما حاولنا فك أسراره ! هنا نستذكر ان الرمز الأدبي أو الفكري ( السياسي أخيراً ) ليس ابتداعاً ابتدعه شاعرنا ، بيد ان مضاعفة الترميز هو من استعمالاته المبدعة بحق حتى ليمكن القول ان الرمز صار مربعا أو مكعبا !
    ( ه ) التصوف فلسفة ( الرمزية الصوفية ) او ( الصوفية الرمزية )
    (( قال الأخضرُ حين تقبـّل موتي اليوميّ ..
    وحرماني الأزلي ومقتلَ شمس طفولتي الذهبيّة ..
    في باب المعنى :
    خذ ْ من كافي حائي
    خذ ْ منها قافي ..
    وتأمّلْ فيها لامي ، ألفي لامي ..)) ( كاف المعنى ص 77 )
    - في لغة التصوف رموز خاصة محدودة التداول صعبة المحاكاة عصية الممارسة ! الا ان تقريبها للذهن ليس متعذرا في النظم على نحو خاص . أحسب ان كمال الدين اختار في نظم ديوانه هذا السبيل ، الا ان هذا الاختيار لايعني ( الوضوح ) نقيض ( الغموض ) : مزدوج المعنى! فمن الصحيح ان يكون الرمز هنا كناية بلاغية محددة ، الا ان الصحيح أكثر هو الترميز الصوفي ( بالأخضر ) و( باب ) ( المعنى ) تليهما الحروف الرامزة على ثلاثة محاور تأويلية : فلسفية وصوفية وبلاغية ( راجع 5 – 2 – ط للمقارنة ).
    - يقول الشاعر في موضع آخر من القصيدة ( الأخضر ينبوعي ، أتجلّى فيه ولايتجلّى في أعضائي ) والتجلّي لايحصل الا مع المتصوفة الزاهدين العابدين . وبالمثل ، فإن مفردة ( الباب ) معبّرة عن كل مصير أوابتداء في العبادة ، باب : مكان العبادة ، باب : الجنة وأبوابها ، باب : مراقد الأئمة والأولياء الصالحين مهما كانت قدسية أسرارهم غامضة أو واضحة للناس . والمعنى اذن من هؤلاء حصراً ! اما معنى ( المعنى ) في جملة ( في باب المعنى ) فيحمل مشكلة حرف الجر ( في ) ليزيد التأويل حرجا ولانصيب لنا هنا في محاولة فكّ هذا الرمز لأنه لايدخل في منهجنا ، بل يمكن الاشارة الى آخر القصيدة اذ يقول شاعرنا :
    (( فإن شئتَ الكاف إليك َ تكون دليلا
    لتقودكَ نحو الأخضر: نحْوي يا أعمى
    نحْوي فالكاف تجلـّتْ و بدتْ ثاقبة المعنى )) ( ص 78 )
    فإذا كان الأخضر هو الشاعر نفسه فإن الأخضر في أول القصيدة ( أعلاه ) ليس هو ! والا أصبح فاعل (تقبّل) مستترا ويتوجب تقديره ، وهذا مذهب صحيح أيضا الا ان الغموض الدلالي يزداد بسبب الغموض النحوي في بنية ( صدر ) القصيدة و ( عجزها ) ، وهو جميل عندنا : في الوقت نفسه نرى كلمة التجلّي في تعبير ( فالكاف تجلّتْ ) ، و( الكمال ) أحد التأويلات الصوفية الكريمة لهذا الحرف حتى ليُقال عن أحد الصالحين ( عاش في عشق ومات في كمال ). وفي الواقع ان ( صوفية ) المقطع لاجدال فيها أو مناقشة الا ان ( بنيته ) تقود من غموض الى غموض وهذا هو سرّ التصوف في استعمال اللغة حتى ليخيّل لنا الزلل والخطل في هذا الاستعمال عند مَن لايعلم ما التصوف فيحصل مايحصل من قطع الأعناق !
    ( و ) البلاغة فلسفة
    (( وضع المعنى الرأسَ على الرمح
    ومضى يحمله في الطرقات
    وسط صهيل الناس . )) ( خيانة المعنى ص 58 )
    - من بين عشرات الصيغ التعبيرية البلاغية التي هي سمة الديوان موضع البحث ، انسحب الاختيار على هذا المثال الجميل الذي يفتح أبواب التغيير والمساجلة في اعادة الصياغة ومحاورة السبب والنتيجة في المغزى والنية معاً ! ففي الشطر الأول من هذا المقطع : ( وضع المعنى الرأسَ على الرمح ) ، اذ ( المعنى ) فاعل و ( الرأسَ ) مفعول به وشبه الجملة ( على الرمح ) حدث تاريخي ، بل أحداث تاريخية مكرورة ، وقطع الرؤوس مكرور ، ووضعها على الرماح مكرور والدوران أو التجوال بها في الطرقات مكروران ، في الصين وفرنسا القرن السادس عشر ومادون ، والعرب قبل الاسلام وبعده ، الا ان قطع الرأس ، أي رأس ، ليس بمكافىء لأيّ قطع رأس آخر غاية وسببا ً ! تلك هي المسألة في هذا النظم ، فالصيغة الفصيحة التي قدمت ( المعنى ) فاعلا ورأس ( الشهيد ) ( على الرمح ) مفعولين لاتحمل ( استثناءً ) في الصيغة أو ابتداعا في التعبير . اذ ثمة صيغة أكثر بلاغة ، بل تجعلها في عمق الفلسفة بحق ! فلو قلنا :
    ( وضع الرأسُ المعنى على الرمح )
    لتبدل موضع الشهيد من معرّف بالرأس المألوف الى معرّف بالمعنى السامي المكنون ! أما الرأس فسيعود الى ( القاتل ) تصغيراً بلاغياً غير محبوب ! وحتى لو قرأنا الشطر مع تغيير التحريك هكذا : (وضع المعنى الرأسَ على الرمح ) ( من غير النظر الى ناحية الوزن مجازاً ) لحصلنا على المضمون البلاغي السابق زائداً حسنة بلاغية أخرى بتقديم المفعول به وتأخير الفاعل ، اي تقديم ماحقه التأخير . وفي تسويغ لاختيار الشاعر : نحسب انه ارتأى مضاعفة الغموض في تأويل ( المعنى ) فاعلا ، ذلك على تعريف ( الرأس ) مفعولا ، أي أن ( التركيز ) وقع على المجرم وليس على الضحية ،تحذيرأ من تكرار مماثل ومستتر جداً ! ولما لم يفصح عن ( الرأس والمعنى ) : أين ومتى ، وذلك من طبيعة هذا النظم حتماً ، فإن الرأس هو : رؤوس ، وأن المعنى معان على مرّ العصور والأجيال ،وهكذا يذهب بنا النظم الى ( وسط صهيل الناس ) حيث كلمات ليس بينها اقتران تقليدي ( أنف مستدق وعيون حوراء ) اذ التقليدي : ( صهيل الخيل أو عويل الناس ) فإن نحن جعلنا منه سخرية فإن الحظّ لايحالفنا على نحو مناسب ، وان جعلناه في موضع ( تبادل الحواس ) أو تحت ( الحس المتزامن ) ( نسمع ألواناً ونرى أصواتاً ) أصبنا قليلاً من الصواب لا كلّه ، وفي الحالتين حيرة أمام جمال التعبير: صهيل الناس ، اذ في اعادة الصهيل الى الخيل مغزى آخر( فروسي ) اذ لم تحمل ( الخيل ) ولم يحمل الحصان يوما صفة سيئة بل العكس صحيح حقا ، وان تحويل ( عويل الناس ) الى ( صهيل ) تورية متقدمة عن حال الناس ازاء هذا المشهد الرهيب بتحويل الحزن المكتوم الى فرح معلن يوماً ما ، ولكن في مدلول جملة : ( ومضى يحمله في الطرقات) معنى الارهاب المفضي الى الحزن المكتوم والفرح المؤجّل والذي اختفى في السلوك الفردي وحلتّ محله أشكال اخرى من قطع الرؤوس الجمعي .
    - أين تكمن الفلسفة في هذه البلاغة ؟ انها تكمن في ( الموقف من الموقف ) اياه ، اذ ليس ثمة ندب أو تحريض أو تضرّع ! انما ( قضية ) الانسان يقطع رأس الانسان ، الباطل يذبح الحق ، القوة تصرع الأعزل ، والسبب هو الفكر ، المبدأ ، الغاية ، من سقراط الأول حتى آخر سقراط قبل يوم الدين : هذه هي فلسفة البلاغة ، وبلاغة الفلسفة في آخر كل مطاف في نظم كمال الدين ، ولكن في تسمية مباشرة ( لجد ) الانسانية ، ونحن اذن أحفاده ! يذكر الشاعر ترميزاً :
    ونبوخذنصر يرسم روح المعنى في قلبي ))
    ويعاشر أفخاذ النسوة مجنوناً مثلي ..
    قومِي ، أثلجني موتُ أبي ، عذبني دهري الأعمى ..
    صرخات ُالجدّ المحمول على رمح المعنى )) ( أخطاء المعنى ص 11 )
    لم يرد ( المعنى ) هنا فاعلا بل مضاف الى الرمح وفاعل في العمق ( البنية العميقة – جومسكي ) اي ان يناظر (وضع المعنى الرأسَ على الرمح ) في المعنى ويختلف عنه في القواعد وبعض المفردات ( جد = رأس ) أما (نبوخذنصر يرسم روح المعنى في قلبي ) فيمكن اختزالها الى الجملة النواة ( هو: يرسم روح المعنى : في قلبي ) اذ بزيادة ( في قلبي ) وتقليص نبوخذنصر تبقى جملة ( يرسم روح المعنى ) وتبدأ البلاغة دورها ! نبوخذ نصر كناية عن ( ؟ ) أو ( استعارة ) ( ؟ ) و ( يرسم روح المعنى ) بتحويل الروح الى ملموس ومرئي وذي أبعاد ، والا فإنه لوحة بيضاء خالية أو سوداء معتمة ! وعودة الروح الى ( المعنى ) المجهول يجعل الغموض مضاعفا والتأويل مثلثا أو مربعا . وتستمر( معركة ) التأويل داخل المجاز والاستعارة من غير أن نصل الى مايريد الشاعر ، بل قد نصل الى مانريد نحن ( أوتوقراطيا ) فقط !
    : مجموع أبعاد المعنى الدّالة 3 – 6
    يمكن ادراج الأمثلة الشعرية المطابقة الآتية :
    ( أ ) اللامعنى الشامل ( المطلق )
    Absolute non - meaning
    (( لاجدوى ...
    هربتْ سيدة ُالجسد الطافح بالحبّ ْ
    نحو البحر العاري بفحيحِ الاجسادِ ، أنينِ الرغبات
    نحو المدن الموءودة باللامعنى ... )) ( ضحك المعنى ص 74 )
    ( ب ) اللامعنى المتعدد
    Poly non - meaning
    (( وامتدّ الجسدان بنا ، أخذانا للاّمعنى )) ( ايقاع المعنى ص 59 )
    ((أبكي ، أتدثر بالصمت وأغفو
    وأقومُ وأدعو و أصومُ ، أناشد باب المعنى
    بكلام اللامعنى )) ( صراخ المعنى ص 44 )
    ( ج ) اللامعنى المحدود
    Limited non – meaning or meaningless
    (( قومِي ، لامعنى للهاث الخوف ، نياط الممنوع )) ( غين المعنى ص 29 )
    صاح فراتُ الأجداد المكتهلين بموت اللامعنى )) ( وصول المعنى ص 79 ) ))
    - في اللامعنى المطلق ينفتح التأويل على مصراعيه ثم يتقيّد قليلا في اللامعنى المتعدد حتى يبدو ضيقا في اللامعنى المحدود ، وذلك هو معيار التصنيف في النظم المبحوث ، كما يسري هذا الاستدراك على ( المعنى ) المطلق والمتعدد والمحدود ايضا في الاقتباسات الآتية :
    ( د ) المعنى المحدود ( الغائي )
    (( علينا بالرقص لأنّ المرأة شيء باطل
    والطفل كذلك ، والسيف قويّ ، والمعنى مكتنز في الرقـص
    فارقص ! )) ( أنا وأبي والمعنى ص 14)
    ( ه ) المعنى المتعدد
    Poly - meaning
    (( الجمعُ يصفّق ُسخفاً ، فأنا لم أعلن أبداً عن أسماء دمي
    لم أعلن عن أسماء المعنى )) ( أسماء المعنى ص 69 )
    ( و ) المعنى الشامل ( المطلق )
    Absolute - meaning
    ((زمن كالقارب يسقط ُ من أعلى الشـلال ويمضي من يوم ٍ
    حتى يوم ٍ ، من سنة ٍ حتى سنة ٍ، منقرن ٍ حتى قرن ٍ ، يتجلّى
    بوذيا ً في الأدنى ، صوفيّا ًفي الأعلى ، ملكا ً في المعنى ،
    رأسا ً يُحْمَلُ فوق الرمح الى أقصى الاقصى . )) ( زمن المعنى ص 64 )
    (( تركانا نُذبح نُؤسر ، نُـقتـَلُ من فرط اللذ ّة
    فتساءلتُ كدرويشٍ أعمى عن معنى المعنى
    وتساءلت كطفل ٍ عن معنى الماء ! )) ( ايقاع المعنى ص 59 )
    ( ز ) التقابل أو التموضع المشترك
    Interchange
    وعلامته اللجوء الى التعبيرين : المعنى واللامعنى معا بما يجعل التأويل ( صفرا ) رغم تعدد فرصه لأن التقابل يزيل بعضه أثر بعض كما في قول شاعرنا :
    (( يالطفولة أعضائي ونعومة أغنيتي حدّ دخول المعنى في اللامعنى ))
    (رومانسية المعنى ص 60 )
    واذ هو تقابلُ كل نقيضين في الواقع ، الا ان المعنى يأخذ هيئة ( الخير – الموجب ) واللامعنى يأخذ هيئة ( الشر- السالب ) وان الانتقال ( من – الى ) يخضع لصفة ( الداخل ) أولا : المعنى أو اللامعنى ، في اللامعنى أو المعنى على التوالي ! ومن الطبيعي ترجيح دخول اللامعنى في المعنى في هذا السياق ، اذ بهذا التوجّه ( الدخول ) تحوّل من السالب الى الموجب تحت أي تأويل كان .
    - ان التقابل أو التموضع لايتبع ( سعة المعنى ) على الوجه الأكمل انما يجمع بين ( سعة المعنى ) و ( توجه المعنى ) في مقوماته وبنيته ودلالته معا .
    6 – 4 فلسفة المعنى ثنائية وقانونا
    - يتضح لنا في ( 6 – 2 ) و ( 6 – 3 ) ان معالجة ( توجهات المعنى ) جاءت منفصلة عن ( سعة المعنى ) تأكيداً لأهمية كل منهما وتأثيرهما في الاستنتاج العام المنتظر ، ومن الواضح أيضا أن تطبيق المذهبين التحليليين معا على النص الواحد ممكن وملزم معا ! اذ لايمكن لأيّ من المذهبين ( بلورة ) تعريف ( لفلسفة المعنى ) بمعزل عن الآخر بين أمواج بحر هذا الديوان الثر .
    - للتدليل على صحة هذه العلاقة وسلامة هذا الترابط يمكن معالجة اي نص من الاستشهادات في ( 6 – 2 ) في ضوء المعطيات ( 6 – 3 ) أو بالعكس ! فالمعنى المطلق في تعبير ( ملكاً في المعنى ) المذكور في النص ( 6- 3- و )
    (( زمن كالقارب يسقط ُ من أعلى الشـلال ويمضي من يوم ٍحتى يوم ٍ ، من سنة ٍ حتى سنة ، من قرن ٍ حتى قرن ٍ ، يتجلّى بوذياً في الأدنى ، صوفيّا ًفي الأعلى ، ملكا ً في المعنى ، رأسا ً يُحْمَلُ فوق الرمح الى أقصى الاقصى )) ( زمن المعنى ص 64 )
    لايمنع أبدا تحديد ( توجه ) المعنى ( العام ) في اثبات نص الاستشهاد بيتاً بيتاً ، فالأول أحدث صيغة وظيفية بلاغية – فلسفية باللجوء الى الزمن وتشبيهه بالقارب فالسقوط ... الخ ، اذ كيف يتم التشبيه الثاني المستتر ( لسقوط الزمن ) بمعنى زيادة نوائبه وكوارثه أو بمعنى تواليه على شكل وحدات من الأيام والسنوات والأجيال والقرون بسقوط القارب من أعلى الشلال ؟ انها بلاغة محفّزة على التأمل والتدبّر اطلاقا ! وفي البيت الثاني ( يتجلّى بوذيا في الأدنى ) وهو يضمر معنى اجتماعيا يخص حضارة جنوب شرقي آسيا حصرا ، ( صوفياً في الأعلى )
    بمعنى اجتماعي نظير للمعنى الثقافي عن الواقع الديني الأسلامي المتميز في جميع أنحاء العالم حتى اذا وصلنا الى ( ملكاً في المعنى ) انطلقت الرمزية ( الأدبية ) الى ذروتها عبر صلاحيات الملك الدستورية ( فوق الجميع ) ليقترن مع المعنى ( الشامل أو المطلق ) بقوة ثم ينحدر الى المعنى المتعدد في ( رأساً يُحمل فوق الرمح الى أقصى الأقصى ) حيث الرمزية السياسية المنبثقة من الرمزية الأدبية الفكرية نفسها .
    - ويعكس الاقتباس ، بالعودة الى ( 6 – 2 – ج )نجد ان البيت : (( يبقى الجسد المدهوشُ عنيفاً لايعرف للموتِ طريقاً أو معنى )) يؤكد ( مطلق ) المعنى من خلال النفي المزدوج ، المعرفة طريق الموت ثم معنى الموت نفسه ، فلقد اقترنت ( الغائيّة التقديرية ) ب ( اللامعنى المطلق أو الشامل ) تماماً ، فالجهل بطريق الموت ومعناه يعنى ( اللامعنى ) ازاء وجوده وكينونته بإرادة الفاعل ووعيه : الانسان .
    - من هنا نستخلص ان ( فلسفة المعنى ) عبارة عن ( توجّه المعنى + سعة المعنى ) في النص الواحد بيتاً أو مقطعاً ، اما اشتقاق صيغة ( قانون ) لهذه العلاقة على وفق الاحتمالات المتاحة : ( ستة احتمالات في توجه المعنى وستة احتمالات في سعة المعنى ) فيمكن وصفها على النحو الآتي :
    ( أ ) فلسفة المعنى ( تطابق ) ( سعة المعنى + توجهات المعنى )
    إذن : سعة المعنى = ستة احتمالات ( مجموع أبعاد المعنى الدالة )
    توجهات المعنى = ستة احتمالات ( مجموع الصيغ الوظيفية الدالة )
    إذن : فلسفة المعنى = ( سعة المعنى × توجّه المعنى )
    اذن : فلسفة المعنى تظهر على : 6 × 6 = 36 احتمالا
    ( ب ) سعة المعنى ≠ توجّه المعنى ( ≠ : لاتساوي )
    إذن : فلسفة المعنى ≠ سعة المعنى ( أو ) توجّه المعنى
    توجّه المعنى ( كل يؤدي الى ) سعة المعنى ( ج )
    إذن : فلسفة المعنى (تعطينا ) ( سعة المعنى + توجّه المعنى )
    ( سعة المعنى + توجّه المعنى ) ( تعطينا ) فلسفة المعنى . اذن :
    - لم يقدم الديوان جميع الاحتمالات منظومة شعراً ، ولو فعل ذلك لخرج من رائدة شعر الالهام والتلقائية الى دائرة المنهج والتأليف ! فلقد قدم الأسس والمبادىء وترك التفاصيل للباحثين والمتخصصين ليستخلصوا منها منهجا جديداً ومبادىء جديدة تصلح للدراسة والمناقشة المنهجية من غير حرج وهذا ماتحقق في هذا البحث كما تظن إن صحّ ماتظن.
    " الهوامش "
    ( 1 ) أصل التعبير بالانكليزية ضمن الفصل الخامس من كتاب جون لاينز نفسه
    Language and linguistics, an Introduction – Cambridge University Press – 1982 –P: 3 (5 – 1)
    ( 2 ) السابق : ص 136
    ( 3 ) انظر علم اللغة الاجتماعي – الدكتور هدسن – ترجمة د . محمود عبد الغني عياد ومراجعة د. عبد الامير الأعسم – اصدار دار الشؤون الثقافية – بغداد- 1987 - ص 145
    ( 4 ) راجع علم الدلالة : أف . آر . بالمر وترجمة أ. مجيد الماشطة – اصدار الجامعة المستنصرية – بغداد 1985 – ص 5
    ( 5 ) انظر : علم الدلالة السلوكي لمؤلفه جون لاينز( فصلا في ( 1 ) أعلاه ) ترجمة أ. مجيد الماشطة- اصدار دار الشؤون الثقافية – 1985 – الموسوعة الصغيرة 179- ص 8
    ( 6 ) انظر ( 4 ) أعلاه ص 67
    ) انظر( 5 ) أعلاه ص 887 )
    ( 8 ) راجع البنى النحوية لمؤلفه جومسكي وترجمة د .يوئيل عزيز بمراجعة أ. مجيد الماشطة - اصدار دار الشؤون الثقافية – 1987 – ص 123
    ( 9 ) السابق ( ص 124- 125 ) في النحو والدلالة .
    ( 10 ) السابق ( ص 129 ) في النحو والدلالة .
    ( 11 ) راجع البحث القيّم : علم المعاني بين الأصل النحوي والموروث البلاغي – د . محمد حسين علي الصغير - اصدار دار الشؤون الثقافية – الموسوعة الصغيرة 335 – ص 19- 20
    ( 12 ) السابق ص ( 20 – 21 )
    ( 13 ) السابق ص ( 55 )
    ( 14 ) السابق ص ( 55 )
    ( 15 ) السابق ص ( 65 )
    ( 16 ) انظر بحث محاولات التجديد في الشعر العربي المعاصر – طراد الكبيسي - اصدار دار الشؤون الثقافية – الموسوعة الصغيرة 318- 1989 – ص ( 66 ) الخاتمة.
    ( 17 ) راجع معجم مصطلحات الأدب – مجدي وهبة – انكليزي – فرنسي – عربي – المصطلح Qasida والمصطلح Text
    ( 18 ) السابق : مصطلح poem اذ يقول ( بن ) مانصه بترجمة الباحث ليست القصيدة مجرد أيّ عمل أو تأليف يعدّه الشعراء بأبيات كثيرة كانت أم قليلة ، انما هو بيت واحد في بعض الأحيان الا انه يجعل من نفسه قصيدة تامة ).
    ( 19 ) راجع : روجر سيمون في مقالته البحثية الممتازة : في التحطيم الذاتي للنقد العلمي الحديث – مجلة الثقافة الأجنبية - اصدار دار الشؤون الثقافية – بغداد ع1 – 1990 – ص 24 – هامش ( 3 ) ترجمة : كوثر الجزائري .
    ( 20 ) السابق : ص ( 14 )
    ( 21 ) انظر : إي . دي . هيرش في مقالته البحثية الممتازة : سياسة نظريات التأويل – مجلة الثقافة الاجنبية - اصدار دار الشؤون الثقافية – بغداد – ع1 – 1993- ص 9 -
    ترجمة : د. مرتضى جواد باقر.
    ( 22 ) راجع ( 17 ) اعلاه المصطلح Ambiguity
    ( 23 ) المترجمون هم : جورج سيل ( و ) بكثال (و) ظفر الله خان و ( أم . أج شاكر – الةلايات المتحدة ) . ومن الطريف ان تأويل غموض الضمير ( he ) في ترجماتهم ( قد ) يأتي على أيّ من كلمتيّ ( الفرقان أو عبد ) لأن الفرقان كريم وعظيم مما يجعل معاملته معاملة العاقل ( الشخص الثالث ) جائزة أيضا على سبيل المدح ، وذلك ينقل الغموض النحوي الى الانكليزية عبر الترجمة !!
    ( 24 ) انظر ( 21 ) اعلاه ( ص 8 )
    ( 25 ) اعتمدنا هنا على : معجم مصطلحات علم اللغة النظري – د. محمد علي الخولي – مكتبة لبنان – ط1 – 1982 –في تناول المصطلحات المتعلقة بأنواع المعنى .
    ( 26 ) راجع : موسوعة علم النفس والتحليل النفسي – انكليزي – عربي – د . محمد علي الحنفي- اصدار دار العودة – بيروت – 1978 – مادة meaning psychology
    ( 27 ) انظر : ( 25 ) أعلاه
    ( 28 ) انظر : ( 25 ) السابق


    ** انتهى **
                  

العنوان الكاتب Date
فلسفة " المعنى" بين النظم والتنظير ابو جهينة10-16-06, 04:18 AM
  Re: فلسفة " المعنى" بين النظم والتنظير ابو جهينة10-16-06, 04:22 AM
    Re: فلسفة " المعنى" بين النظم والتنظير ابو جهينة10-16-06, 04:37 AM
      Re: فلسفة " المعنى" بين النظم والتنظير ابو جهينة10-16-06, 04:38 AM
        Re: فلسفة " المعنى" بين النظم والتنظير ابو جهينة10-16-06, 04:41 AM
          Re: فلسفة " المعنى" بين النظم والتنظير ابو جهينة10-16-06, 04:42 AM
            Re: فلسفة " المعنى" بين النظم والتنظير ابو جهينة10-16-06, 04:44 AM
              Re: فلسفة " المعنى" بين النظم والتنظير ابو جهينة10-16-06, 04:49 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de