|
Re: الصبية قارعة الطبل (Re: الزاكى عبد الحميد)
|
-3-
هذا المقال الذي أوردته نيوزويك في عددها ذاك تحت عنوان شبح اللاسامية الجديدة يشير فيما يشير إلى أن اللاسامية لم تعد كما كانت في الماضي قاصرة على عداوة تجاه اليهود كيهود أو اليهودية كدين وإنما هي انتقاد إسرائيل وسياساتها. وهذا ما جعل ريتشارد ويفر Richard Weaver يطرح للنقاش في كتابه " اللغة موعظة" Language is Sermonic مسألة أننا نعيش في عالم يتصف بالتسيب والمبالغة في الوصف. فالمبالغة في رأيه هي في الأساس نوع من الجهل الذي يسمح بالتحريف ويبرره: "فعمل بعينه، إذا قمنا به نحن يعتبر "شجاعاً" أما إذا قام به العدو فهو "غير ذلك"- سياسة ما صادرة عن طرفنا، فهي "صارمة" أما تلك نفسها إذا ما تبناها العدو، فهي "وحشية" .. ذلك ما يحدث حين يستسلم المرء للاعقلانية." ثم إننا نتساءل بدورنا هل اليهود هم وحدهم الساميون على ظهر هذه البسيطة لكي يجعلوا من اللاسامية سلاحاًَ يشهرونه في وجه من "تجرأ" وأبان الحقيقة في مسألة تمس القضية الفلسطينية؟ المعنى اللغوي لتعبير اللاسامية أو معاداة السامية هو ضد السامية وبهذا – يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية – فهو لا يقتصر على اليهود وحدهم ولكنه يشمل كل الأجناس السامية. ولهذا السبب فإن تعبير معاداة السامية هو تعبير خاطيء ومضلل من الأساس إذ أن اليهود ليسوا وحدهم الساميين حتى يكون تعبير معاد للسامية مرادفاً لمعنى "معاد لليهود" وذلك إذا افترضنا أساساً أن غالبية يهود العالم هم من أصول سامية. أما الحقيقة فهي خلاف ذلك إذ أن السامية – والكلام للدكتور المسيري – هي التعبير الذي تعارف عليه المستشرقون للدلالة على الأقوام التي سكنت الجزيرة العربية وهاجرت منها. وضمن هذا المفهوم يكون العرب هم الذي يعنيهم المستشرقون بالساميين. أما معظم يهود العالم اليوم فلا يمتون إلى السامية بصلة. وقد جاء معظمهم من أوروبا الشرقية التي بينت الأبحاث أنهم يتحدرون من أصول خزرية, أي من مملكة الخزر التي بلغت أوجها ما بين القرنين الثامن والعاشر في المنطقة الواقعة في منخفض الفولجا في جنوب روسيا. وقد أعتنق ملكها الوثني الديانة اليهودية (786-809م) ربما بسبب أنهم قد بدأوا باحتراف التجارة وكان على التجار في هذه المناطق وغيرها أن يتهودوا حتى يستفيدوا من شبكة الاتصالات اليهودية في العصور الوسطى التي كانت بمثابة نظام ائتمان دولي. وقد تسببت الهجمات الروسية في تحطيم قوة الخزر ثم قضى الغزو التتري على من تبقى منهم في وادي الفولجا عام 1247م, فاختفوا نهائياً كمجموعة مستقلة وتفرقوا في أوروبا الشرقية. واليهود الذين يرجعون إلى أصول سامية هم اليهود العرب الذين يعتبرون في إسرائيل, مواطنين من الدرجة الثانية وتمارس ضدهم أشكال مختلفة من الاضطهاد. وبظهور العصر الحديث ظهر شكل جديد هو معاداة السامية العنصرية. فقد ظهرت في القرن التاسع عشر فكرة القوميات وظهرت دراسات لاكتشاف "عبقرية" كل أمة وكل شعب. وكان اليهود يعتبرون أنفسهم كأمة سامية في مقابل الأمم والعبقريات الآرية. فكان دعاة الاستنارة اليهودية يعتقدون أن اندماج اليهود هو الحل الأمثل لمشكلة معاداة السامية. غير أن الصهيونية عارضت فكرة الاندماج مع الأغيار. ورأت أن معاداة السامية ظاهرة ميتافيزيقية تتعدى حدود الزمان والمكان. ومع هذا لم يخجل الصهاينة من التعاون مع المعادين للسامية ( المتمثلين في كبار نازيي الرايخ الثالث) فقد تعاونوا مع الجستابو ومع آيخمن حيث رأى بعضهم في معاداة السامية خيراً لأنها تجبر اليهود على الهجرة إلى فلسطين. فتأمل!!
|
|
|
|
|
|
|
|
|